الرئيسية

الأخ فارس أبو فرحةيقول الكتاب المقدس إنّ "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ" (يعقوب 27:1). إنّ صمت الكنيسة وافتقارها لقوة التأثير في المجتمع المحلي والدولي ليس من قلة مواعظها بل من قلة أفعالها وتطبيقها لهذه الوصية. وهكذا فقدت صوتها.
الكنيسة هي جسد المسيح على هذه الأرض (1كورنثوس 27:12). تأسست لتمجده. ولكن كيف تمارس نشاطها وحيويتها بصورة عملية؟ وكيف تحقق مقصدها بعيدًا عن اتّباع خطوات فاديها ومخلّصها؟ لقد عمل يسوع في أيام خدمته أكثر مما علّم، وصنع الخير أكثر مما نادى به. وكان مرارًا وتكرارًا يشير إلى أهمية الإثمار وفعل الخير في حياة المؤمن والكنيسة. فقال: "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ" (متى 16:7).
أريد أن ألقي الضوء على بعض الأمور التي من البديهي فعلها ككنيسة وكأفراد لنستردّ الصوت المؤثر الذي بات خافتًا أو شبه منعدمٍ:

1- تقديم الرعاية الجسدية

الكنيسة مسؤولة أمام الله عن تلبية احتياجات الناس الماسة وافتقاد الأشخاص الذين في ضيقة ما. فكيف نسمح لأنفسنا مشاهدة من يهرعون لنجدة المنكوبين وإغاثة اللاجئين وإعالة الفقراء والمساكين باسم غير اسم المسيح؟ فكيف لنا أن نقف على خط التماس ومكاننا في الميدان؟
إن اسم يسوع المسيح يتمجّد بتقديم حتى كأس ماء بارد (متى 42:10). كفى ما قلناه من شعارات وعبارات رنانة من منابرنا المزيّنة. حان الوقت لكنيسة المسيح أن تكون في الطليعة من جديد وكجسد واحد يرفع صوت فعل الخير في كل زمان ومكان.

2- تقديم الرعاية النفسية

كثيرًا ما نخلط بين النفس والروح. إن احتياجات الأفراد النفسية كبيرة ومعقدة. فكل إنسان يحتاج إلى المحبة وإلى علاقات صحيّة ينمو من خلالها إلى علاقة أفضل مع الله. فوصية المسيح العظمى هي أن نحب بعضنا بعضًا مثلما أحبّنا هو. فكيف نكسر هذه الوصية التي كلّفته التنازل من أوج المجد ولا نبالي بإظهارها بصورة عملية للآخرين؟
إن الكلام عن المحبة لا يفي بالغرض. وليس لي أن استشهد إلا بأقوى عبارات الكتاب المقدس التي تأتي ضمن هذا السياق: «بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ» (1يوحنا 16:3). فعند تطبيق هذه الوصية، سيُسمع صوت الكنيسة العذب الذي يجذبنا إلى الله. فلا صوت يعلو فوق صوت المحبة المسيحية الحقيقة إن كانت تمارَس قولًا وفعلًا.

3- تقديم الرعاية الروحية

ربما يظن البعض أن هذه المسؤولية هي الرئيسة في حياة الكنيسة. لا أعترض على ذلك. فدور الكنيسة دور محوري في توصيل المخلوق بالخالق. إن زرع ونشر كلمة الله عملٌ كنسيّ جوهري. ولكن ما الفائدة من توصيل رسالة الإنجيل دون أن تكون مفعمة بمحبة حقيقية؟ وما مداها لو لم تكن منساقة بدوافع الرأفة والرحمة؟
إن كلمات الكتاب المقدس واضحة وضوح الشمس عندما قال: "إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ الْيَوْمِيِّ، فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: [امْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا]، وَلكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟" (يعقوب 15:2-16).
آن الأوان لكنيسة يسوع المسيح، التي هي عمود الحق وقاعدته، أن تسترجع صوتها وتستردّ قوتها وتأثيرها لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق. الكنيسة هي الأفراد: أنا وأنت. هيّا بنا للعمل لنعلن لكل الأمم أن يسوع المسيح ما زال وسيبقى معطاءًا ومقدامًا وقادرًا على تسديد كل إعواز أكان جسديًا أو نفسيًا أو روحيًا. فوظيفة الكنيسة (أعضائها والقائمين على رعايتها) تكمن في تقديم يد العون لكل فقير ويتيم ومسكين، وإضافة الغرباء (رومية 13:12)، والعكف على نشر رسالة الإنجيل الروحية في بقاع الأرض كلها.