آب (أغسطس) 2009

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

أذكر في بداية هذه الرسالة الآيات التالية:
"وَعَمِلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ مِئَتَيْ تُرْسٍ مِنْ ذَهَبٍ مُطَرَّق... وَجَعَلَهَا سُلَيْمَانُ فِي بَيْتِ وَعْرِ لُبْنَانَ" (1ملوك16:10-17).


"وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ، صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ... وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ. فَعَمِلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ وَسَلَّمَهَا لِيَدِ رُؤَسَاءِ السُّعَاةِ... وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَلِكُ بَيْتَ الرَّبِّ يَحْمِلُهَا السُّعَاةُ، ثُمَّ يُرْجِعُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ السُّعَاةِ" (1ملوك25:14-28).
استبدل الملك رحبعام أتراس الذهب التي عملها الملك سليمان بأتراس نحاس، وحين يكون النحاس مصقولاً تصعب التفرقة بينه وبين الذهب وخصوصاً للناظرين من بعيد.
وأقول بأسف شديد - كدت أقول بحزن شديد - إن كثيرين ممن يُدعَون مسيحيين استبدلوا الذهب بالنحاس في ثلاث دوائر:
الدائرة الأولى:
استبدال ذهب كلمة الله الحية بنحاس أقوال الآباء
لقد أخطأ الآباء في كثير مما قالوا.. ومع ذلك فإن كثيرين يضعون أقوال هؤلاء الآباء فوق كلمة الله.. ويعود السبب إما لجهلهم لكلمة الله، لأنهم لا يقرأون الكتاب المقدس، وإما لتصديقهم الأعمى لما قال الآباء.
في سفر الملوك الأول نقرأ قصة تشرح لنا عاقبة هذا الخطأ الفظيع. تقول القصة الكتابية أن الله تبارك اسمه أرسل نبياً إلى يربعام ملك إسرائيل وكان ملك إسرائيل واقفاً لدى المذبح ليوقد: "فَنَادَى [رجل الله] نَحْوَ الْمَذْبَحِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَقَالَ: يَا مَذْبَحُ، يَا مَذْبَحُ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ابْنٌ اسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ... فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ رَجُلِ اللهِ الَّذِي نَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ فِي بَيْتِ إِيلَ، مَدَّ يَرُبْعَامُ يَدَهُ عَنِ الْمَذْبَحِ قَائِلاً: أَمْسِكُوهُ. فَيَبِسَتْ يَدُهُ الَّتِي مَدَّهَا نَحْوَهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ... فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِرَجُلِ اللهِ: تَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَصَلِّ مِنْ أَجْلِي فَتَرْجعَ يَدِي إِلَيَّ. فَتَضَرَّعَ رَجُلُ اللهِ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ فَرَجَعَتْ يَدُ الْمَلِكِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ كَمَا فِي الأَوَّلِ. ثُمَّ قَالَ الْمَلِكُ لِرَجُلِ اللهِ: ادْخُلْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ وَتَقَوَّتْ فَأُعْطِيَكَ أُجْرَةً. فَقَالَ رَجُلُ اللهِ لِلْمَلِكِ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي نِصْفَ بَيْتِكَ لاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً فِي هذَا الْمَوْضِعِ. لأَنِّي هكَذَا أُوصِيتُ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً وَلاَ تَرْجعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبْتَ فِيهِ. فَذَهَبَ فِي طَرِيق آخَرَ، وَلَمْ يَرْجعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. وَكَانَ نَبِيٌّ شَيْخٌ سَاكِنًا فِي بَيْتِ إِيلَ، فَأَتَى بَنُوهُ وَقَصُّوا عَلَيْهِ كُلَّ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ رَجُلُ اللهِ ذلِكَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِ إِيلَ... فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ: مِنْ أَيِّ طَرِيق ذَهَبَ؟ وَكَانَ بَنُوهُ قَدْ رَأَوْا الطَّرِيقَ الَّذِي سَارَ فِيهِ رَجُلُ اللهِ... فَقَالَ لِبَنِيهِ: شُدُّوا لِي عَلَى الْحِمَارِ. فَشَدُّوا لَهُ عَلَى الْحِمَارِ فَرَكِبَ عَلَيْهِ وَسَارَ وَرَاءَ رَجُلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ جَالِسًا تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ رَجُلُ اللهِ الَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا؟ فَقَالَ: أَنَا هُوَ. فَقَالَ لَهُ: سِرْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ وَكُلْ خُبْزًا. فَقَالَ: لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَرْجعَ مَعَكَ وَلاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَعَكَ مَاءً فِي هذَا الْمَوْضِعِ، لأَنَّهُ قِيلَ لِي بِكَلاَمِ الرَّبِّ: لاَ تَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ هُنَاكَ مَاءً... فَقَالَ لَهُ: أَنَا أَيْضًا نَبِيٌّ مِثْلُكَ، وَقَدْ كَلَّمَنِي مَلاَكٌ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلاً: ارْجعْ بِهِ مَعَكَ إِلَى بَيْتِكَ فَيَأْكُلَ خُبْزًا وَيَشْرَبَ مَاءً. كَذَبَ عَلَيْهِ. فَرَجَعَ مَعَهُ وَأَكَلَ خُبْزًا فِي بَيْتِهِ وَشَرِبَ مَاءً. وَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عَلَى الْمَائِدَةِ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى النَّبِيِّ الَّذِي أَرْجَعَهُ، فَصَاحَ إِلَى رَجُلِ اللهِ... هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ خَالَفْتَ قَوْلَ الرَّبِّ وَلَمْ تَحْفَظِ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أَوْصَاكَ بِهَا الرَّبُّ إِلهُكَ، فَرَجَعْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزًا وَشَرِبْتَ مَاءً فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَكَ: لاَ تَأْكُلْ فِيهِ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً، لاَ تَدْخُلُ جُثَّتُكَ قَبْرَ آبَائِكَ. ثُمَّ بَعْدَمَا أَكَلَ خُبْزًا وَبَعْدَ أَنْ شَرِبَ شَدَّ لَهُ عَلَى الْحِمَار... وَانْطَلَقَ. فَصَادَفَهُ أَسَدٌ فِي الطَّرِيقِ وَقَتَلَهُ" (1ملوك 1:13-24).
لقد أخطأ رجل الله الذي أتى من يهوذا، إذ صدّق كلام نبي آخر كذب عليه.. وخالف كلام الله الصريح الذي أوصاه به، وكان لا بد أن يعرف أن الرب لو أراده أن يعود إلى بيت إيل لأعلن له ذلك شخصياً، لكنه صدّق كلاماً مضاداً لما أوصاه به الله من رجل كان نبياً وكذب عليه..
وهذه خطية الملايين من الذين صدّقوا أقوال الآباء مع أنها تناقض تماماً ما أعلنه الرب في كتابه المقدس الكريم. وقد كان عقاب الله للنبي الذي صدّق كذب النبي الآخر، واضعاً كلامه فوق كلام الله.. أن صادفه أسد وقتله.
إن استبدال ذهب كلمة الله النقية بنحاس أقوال الآباء المضادة لكلمة الله شر مستطير، وعقابه خطير.
الدائرة الثانية:
استبدال ذهب حياة القداسة العملية الحقيقية بنحاس صورة التقوى التي نمثلها في حياتنا الكنسية والاجتماعية
إن الذين يعتبرون الاختيار الإلهي رخصة لارتكاب الشرور والآثام، نسوا تماماً كلمات بولس الرسول:
"مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ" (أفسس 3:1-4).
إن قصد الله لأولاده وبناته أن يعيشوا حياة القداسة، أي حياة الاعتزال عن الشر والأشرار كما يقول بطرس الرسول: "كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (1بطرس 14:1-16).
وكما يقول بولس الرسول: "لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ [زوجته] بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ. أَنْ لاَ يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهذِهِ كُلِّهَا كَمَا قُلْنَا لَكُمْ قَبْلاً وَشَهِدْنَا. لأَنَّ اللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي الْقَدَاسَةِ" (1تسالونيكي 3:4-7).
حياة القداسة العملية هي قصد الله للمؤمنين.. ولكن الكثيرين استبدلوا ذهب حياة القداسة بنحاس صورة التقوى، وتم فيهم وصف بولس الرسول للناس في الأيام الأخيرة "لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا" (2تيموثاوس 5:3).
وهذا هو السبب وراء فتور الكنيسة وضعفها، إذ صارت المسيحية للكثيرين تمثيلية سخيفة يقومون بأدوارها صباح كل أحد.. أما باقي الأسبوع فحدِّث عن ما يحدث فيه ولا حرج.. وأما داخل البيوت، حتى بيوت بعض خدام الإنجيل، فتسمع السباب بأقذر الألفاظ، والأحاديث الجنسية المكشوفة بغير حياء.. والاكتفاء بصورة التقوى وإنكار قوتها الذي هو المسيح نفسه، كما قال بولس الرسول: "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ" (1تيموثاوس 16:3).
إن استبدال ذهب حياة القداسة العملية بنحاس صورة التقوى قتل الشهادة للمسيح، ودفع الكثيرين للاستهزاء بالمسيحية، ظناً منهم أن المسيحية الحقيقية هي مجرد صورة بلا قوة.
الدائرة الثالثة:
استبدال ذهب سلاح الله الكامل في الحرب الروحية بالأسلحة الجسدية
يقول بولس الرسول: "لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ" (2كورنثوس 3:10-5).
وقد سجل بولس في رسالته إلى القديسين في أفسس قائمة الأسلحة التي أعدّها الله لنصرتنا في حربنا مع قوات الظلام فقال:
"الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ" (أفسس 11:6-13).
الله أعدّ لنا سلاحاً نلبسه لنقدر أن نثبت ضدّ مكايد إبليس، وسلاحاً نحمله لكي نقدر أن نقاوم في اليوم الشرير.
"فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ" (أفسس 14:6-18).
هذه هي أسلحة الحرب الروحية ضدّ مكايد إبليس وسهامه الملتهبة في اليوم الشرير. أما حربنا مع الإنسان العتيق الساكن فينا فيقول بولس الرسول:
"وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ" (غلاطية 16:5). ويقول أيضاً: "لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ" (رومية 13:8).
الروح القدس وحده هو الذي يعطينا النصرة على الإنسان العتيق وميوله.
لكننا في هذه الأيام الأخيرة استبدلنا ذهب أسلحة الله، وقوة الروح القدس، بنحاس الممارسات الوثنية والعلمية، فمارسنا اليوجا والطقوس الهندية، ولجأنا إلى نظرية ”سجموند فرويد“ في التحليل النفسي لنعالج الانحرافات الأخلاقية، ولم ينجح هذا كله في علاج أمراض الناس الروحية والنفسية والعقلية.
أقول في النهاية:
لنحذر من استبدال ذهب كلمة الله الحية بنحاس أقوال الآباء.
ولنحذر من استبدال ذهب حياة القداسة العملية بنحاس صورة التقوى.
ولنحذر من استبدال ذهب سلاح الله الكامل، وقوة الروح القدس بالأسلحة العلمية والجسدية.
فهناك فرق كبير بين أتراس الذهب التي أعدّها الله لحمايتنا وأتراس النحاس التي أعددناها نحن للاحتفاظ بالمظهر الفارغ دون الجوهر الثمين.
الذهب يبقى لمعانه أم النحاس فيصدأ وتظهر حقيقة معدنه.

 

أذكر في بداية هذه الرسالة الآيات التالية:

"وَعَمِلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ مِئَتَيْ تُرْسٍ مِنْ ذَهَبٍ مُطَرَّق... وَجَعَلَهَا سُلَيْمَانُ فِي بَيْتِ وَعْرِ لُبْنَانَ" (1ملوك16:10-17).

"وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ، صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ... وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ. فَعَمِلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ وَسَلَّمَهَا لِيَدِ رُؤَسَاءِ السُّعَاةِ... وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَلِكُ بَيْتَ الرَّبِّ يَحْمِلُهَا السُّعَاةُ، ثُمَّ يُرْجِعُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ السُّعَاةِ" (1ملوك25:14-28).

استبدل الملك رحبعام أتراس الذهب التي عملها

الملك سليمان بأتراس نحاس، وحين يكون النحاس مصقولاً تصعب التفرقة بينه وبين الذهب وخصوصاً للناظرين من بعيد.

وأقول بأسف شديد - كدت أقول بحزن شديد - إن كثيرين ممن يُدعَون مسيحيين استبدلوا الذهب بالنحاس في ثلاث دوائر:

الدائرة الأولى:

استبدال ذهب كلمة الله الحية بنحاس أقوال الآباء

لقد أخطأ الآباء في كثير مما قالوا.. ومع ذلك فإن كثيرين يضعون أقوال هؤلاء الآباء فوق كلمة الله.. ويعود السبب إما لجهلهم لكلمة الله، لأنهم لا يقرأون الكتاب المقدس، وإما لتصديقهم الأعمى لما قال الآباء.

في سفر الملوك الأول نقرأ قصة تشرح لنا عاقبة هذا الخطأ الفظيع. تقول القصة الكتابية أن الله تبارك اسمه أرسل نبياً إلى يربعام ملك إسرائيل وكان ملك إسرائيل واقفاً لدى المذبح ليوقد: "فَنَادَى [رجل الله] نَحْوَ الْمَذْبَحِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَقَالَ: يَا مَذْبَحُ، يَا مَذْبَحُ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ابْنٌ اسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ... فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ رَجُلِ اللهِ الَّذِي نَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ فِي بَيْتِ إِيلَ، مَدَّ يَرُبْعَامُ يَدَهُ عَنِ الْمَذْبَحِ قَائِلاً: أَمْسِكُوهُ. فَيَبِسَتْ يَدُهُ الَّتِي مَدَّهَا نَحْوَهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ... فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِرَجُلِ اللهِ: تَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَصَلِّ مِنْ أَجْلِي فَتَرْجعَ يَدِي إِلَيَّ. فَتَضَرَّعَ رَجُلُ اللهِ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ فَرَجَعَتْ يَدُ الْمَلِكِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ كَمَا فِي الأَوَّلِ. ثُمَّ قَالَ الْمَلِكُ لِرَجُلِ اللهِ: ادْخُلْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ وَتَقَوَّتْ فَأُعْطِيَكَ أُجْرَةً. فَقَالَ رَجُلُ اللهِ لِلْمَلِكِ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي نِصْفَ بَيْتِكَ لاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً فِي هذَا الْمَوْضِعِ. لأَنِّي هكَذَا أُوصِيتُ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً وَلاَ تَرْجعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبْتَ فِيهِ. فَذَهَبَ فِي طَرِيق آخَرَ، وَلَمْ يَرْجعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. وَكَانَ نَبِيٌّ شَيْخٌ سَاكِنًا فِي بَيْتِ إِيلَ، فَأَتَى بَنُوهُ وَقَصُّوا عَلَيْهِ كُلَّ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ رَجُلُ اللهِ ذلِكَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِ إِيلَ... فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ: مِنْ أَيِّ طَرِيق ذَهَبَ؟ وَكَانَ بَنُوهُ قَدْ رَأَوْا الطَّرِيقَ الَّذِي سَارَ فِيهِ رَجُلُ اللهِ... فَقَالَ لِبَنِيهِ: شُدُّوا لِي عَلَى الْحِمَارِ. فَشَدُّوا لَهُ عَلَى الْحِمَارِ فَرَكِبَ عَلَيْهِ وَسَارَ وَرَاءَ رَجُلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ جَالِسًا تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَأَنْتَ رَجُلُ اللهِ الَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا؟ فَقَالَ: أَنَا هُوَ. فَقَالَ لَهُ: سِرْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ وَكُلْ خُبْزًا. فَقَالَ: لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَرْجعَ مَعَكَ وَلاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَعَكَ مَاءً فِي هذَا الْمَوْضِعِ، لأَنَّهُ قِيلَ لِي بِكَلاَمِ الرَّبِّ: لاَ تَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ هُنَاكَ مَاءً... فَقَالَ لَهُ: أَنَا أَيْضًا نَبِيٌّ مِثْلُكَ، وَقَدْ كَلَّمَنِي مَلاَكٌ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلاً: ارْجعْ بِهِ مَعَكَ إِلَى بَيْتِكَ فَيَأْكُلَ خُبْزًا وَيَشْرَبَ مَاءً. كَذَبَ عَلَيْهِ. فَرَجَعَ مَعَهُ وَأَكَلَ خُبْزًا فِي بَيْتِهِ وَشَرِبَ مَاءً. وَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عَلَى الْمَائِدَةِ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى النَّبِيِّ الَّذِي أَرْجَعَهُ، فَصَاحَ إِلَى رَجُلِ اللهِ... هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ خَالَفْتَ قَوْلَ الرَّبِّ وَلَمْ تَحْفَظِ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أَوْصَاكَ بِهَا الرَّبُّ إِلهُكَ، فَرَجَعْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزًا وَشَرِبْتَ مَاءً فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَكَ: لاَ تَأْكُلْ فِيهِ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً، لاَ تَدْخُلُ جُثَّتُكَ قَبْرَ آبَائِكَ. ثُمَّ بَعْدَمَا أَكَلَ خُبْزًا وَبَعْدَ أَنْ شَرِبَ شَدَّ لَهُ عَلَى الْحِمَار... وَانْطَلَقَ. فَصَادَفَهُ أَسَدٌ فِي الطَّرِيقِ وَقَتَلَهُ" (1ملوك 1:13-24).

لقد أخطأ رجل الله الذي أتى من يهوذا، إذ صدّق كلام نبي آخر كذب عليه.. وخالف كلام الله الصريح الذي أوصاه به، وكان لا بد أن يعرف أن الرب لو أراده أن يعود إلى بيت إيل لأعلن له ذلك شخصياً، لكنه صدّق كلاماً مضاداً لما أوصاه به الله من رجل كان نبياً وكذب عليه..

وهذه خطية الملايين من الذين صدّقوا أقوال الآباء مع أنها تناقض تماماً ما أعلنه الرب في كتابه المقدس الكريم. وقد كان عقاب الله للنبي الذي صدّق كذب النبي الآخر، واضعاً كلامه فوق كلام الله.. أن صادفه أسد وقتله.

إن استبدال ذهب كلمة الله النقية بنحاس أقوال الآباء المضادة لكلمة الله شر مستطير، وعقابه خطير.

الدائرة الثانية:

استبدال ذهب حياة القداسة العملية الحقيقية بنحاس صورة التقوى التي نمثلها في حياتنا الكنسية والاجتماعية

إن الذين يعتبرون الاختيار الإلهي رخصة لارتكاب الشرور والآثام، نسوا تماماً كلمات بولس الرسول:

"مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ" (أفسس 3:1-4).

إن قصد الله لأولاده وبناته أن يعيشوا حياة القداسة، أي حياة الاعتزال عن الشر والأشرار كما يقول بطرس الرسول: "كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (1بطرس 14:1-16).

وكما يقول بولس الرسول: "لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا، أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ [زوجته] بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ. أَنْ لاَ يَتَطَاوَلَ أَحَدٌ وَيَطْمَعَ عَلَى أَخِيهِ فِي هذَا الأَمْرِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُنْتَقِمٌ لِهذِهِ كُلِّهَا كَمَا قُلْنَا لَكُمْ قَبْلاً وَشَهِدْنَا. لأَنَّ اللهَ لَمْ يَدْعُنَا لِلنَّجَاسَةِ بَلْ فِي الْقَدَاسَةِ" (1تسالونيكي 3:4-7).

حياة القداسة العملية هي قصد الله للمؤمنين.. ولكن الكثيرين استبدلوا ذهب حياة القداسة بنحاس صورة التقوى، وتم فيهم وصف بولس الرسول للناس في الأيام الأخيرة "لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا" (2تيموثاوس 5:3).

وهذا هو السبب وراء فتور الكنيسة وضعفها، إذ صارت المسيحية للكثيرين تمثيلية سخيفة يقومون بأدوارها صباح كل أحد.. أما باقي الأسبوع فحدِّث عن ما يحدث فيه ولا حرج.. وأما داخل البيوت، حتى بيوت بعض خدام الإنجيل، فتسمع السباب بأقذر الألفاظ، والأحاديث الجنسية المكشوفة بغير حياء.. والاكتفاء بصورة التقوى وإنكار قوتها الذي هو المسيح نفسه، كما قال بولس الرسول: "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ" (1تيموثاوس 16:3).

إن استبدال ذهب حياة القداسة العملية بنحاس صورة التقوى قتل الشهادة للمسيح، ودفع الكثيرين للاستهزاء بالمسيحية، ظناً منهم أن المسيحية الحقيقية هي مجرد صورة بلا قوة.

الدائرة الثالثة:

استبدال ذهب سلاح الله

الكامل في الحرب الروحية بالأسلحة الجسدية

يقول بولس الرسول: "لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ" (2كورنثوس 3:10-5).

وقد سجل بولس في رسالته إلى القديسين في أفسس قائمة الأسلحة التي أعدّها الله لنصرتنا في حربنا مع قوات الظلام فقال:

"الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ" (أفسس 11:6-13).

الله أعدّ لنا سلاحاً نلبسه لنقدر أن نثبت ضدّ مكايد إبليس، وسلاحاً نحمله لكي نقدر أن نقاوم في اليوم الشرير.

"فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ" (أفسس 14:6-18).

هذه هي أسلحة الحرب الروحية ضدّ مكايد إبليس وسهامه الملتهبة في اليوم الشرير. أما حربنا مع الإنسان العتيق الساكن فينا فيقول بولس الرسول:

"وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ" (غلاطية 16:5). ويقول أيضاً: "لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ" (رومية 13:8).

الروح القدس وحده هو الذي يعطينا النصرة على الإنسان العتيق وميوله.

لكننا في هذه الأيام الأخيرة استبدلنا ذهب أسلحة الله، وقوة الروح القدس، بنحاس الممارسات الوثنية والعلمية، فمارسنا اليوجا والطقوس الهندية، ولجأنا إلى نظرية ”سجموند فرويد“ في التحليل النفسي لنعالج الانحرافات الأخلاقية، ولم ينجح هذا كله في علاج أمراض الناس الروحية والنفسية والعقلية.

أقول في النهاية:

لنحذر من استبدال ذهب كلمة الله الحية بنحاس أقوال الآباء.

ولنحذر من استبدال ذهب حياة القداسة العملية بنحاس صورة التقوى.

ولنحذر من استبدال ذهب سلاح الله الكامل، وقوة الروح القدس بالأسلحة العلمية والجسدية.

فهناك فرق كبير بين أتراس الذهب التي أعدّها الله لحمايتنا وأتراس النحاس التي أعددناها نحن للاحتفاظ بالمظهر الفارغ دون الجوهر الثمين.

الذهب يبقى لمعانه أم النحاس فيصدأ وتظهر حقيقة معدنه.

المجموعة: 200908