حزيران (يونيو) 2009

هل تعلم أن مرضى الإيدز مبدئياً لا يتمتّعون بنظام مناعي كاف. وفي معظم الحالات ينتقل المرض بواسطة عدوى لفيروس أو بكتيريا أو فطريات أو طفيليات، والتي تتحكم في نظام مناعة الجسم، فلا يستطيع الجسم مقاومة الأمراض. أما (الإتش آي ڤي HIV)، فإنه ملوّث وفتّاك، إذ يؤثر في النظام العضوي فيتسبب في قتل وانخفاض فعالية وتعضي الخلايا فلا تستجيب للمواد التي ينشأ عن حقنها في الجسم أجساماً مضادة لها.

والمرضى بالإيدز يتعرّضون لمخاطرة الإصابة بالسرطان الموضعي كالأورام الخبيثة في الأنسجة أو الألياف أو العنق، أو سرطانات الجهاز المناعي في الوعاء اللمفاوي، لأن الخلايا البائية (B cells) أيضاً لا تنتج مضادات حيوية كافية لمقاومة الأمراض.    
تقول الإحصائيات الطبية المتخصصة أن أعراض العدوى بالإيدز تظهر عادة جزئياً أثناء الليل كالحمى، والعرق، وتضخم الأنسجة النخامية، واحمرار الجلد، والشعور بالضعف، وفقدان الوزن. وتطوّر العدوى بالمرض يعتمد على مدى انتشار هذا المرض في البيئة الموبوءة التي يعيش فيها الإنسان. في البلاد الفقيرة، من المتوقع أن ينتشر هذا المرض بنسبة 10-20%، أما في البلاد الغربية فالنسبة تتراوح بين 1-20%.  إنه ضربة الله للشذوذ الجنسي التي تم اكتشافها عام 1981، كمرض وبائي يهاجم الجلد. وقد يضرّ أعضاء الجسم خاصة الفم، والمعدة، والرئتين، والرحم، وأحيانا ينتهي بفقدان البصر.
سئل شيلونوس: كيف يتميز الجاهل من العالِم؟ أجاب: الأول متشائم والثاني متفائل. وسُئل أحد الحكماء مرة عن أصعب الأمور، قال: أن يعرف الإنسان ذاته. وعن أسهل الأمور، قال: أن ينصح الإنسان غيره.
وكيف تتم العدوى؟ إما بممارسة الجنس مع إنسان مصاب بهذا المرض، أو الحقن بإبر ملوّثة بالميكروب، أو بالولادة من أم تحمل البكتيريا المميتة، أو الرضاعة منها، أو نقل الدم من مصاب. على كل حال، أصبح نقل الدم تحت رقابة طبية مركّزة، وهناك شك من انتقال المرض بالدموع، أو اللعاب، أو القبلات السطحية. ويُقال أن في أمريكا ما يزيد عن المليون يعيشون بمرض الإيدز، وما يعادل 40 ألف من المرضى الجدد يصابون بالعدوى كل سنة بين الرجال، و25% منهم من النساء. وخلال سنة 1990 تسبب هذا المرض في وفيات كثيرة، مما لفت نظر المسؤولين لتطوير العلاج لتقليل نسبة الوفيات. وتقول الأبحاث الطبية المعاصرة أنه لقياس الدمار الذي تم في الجهاز المناعي، لا بد من قياس نسبة عدد الخلايا التائية (T cells) المساعدة، والتي ينبغي أن تكون بين 500 الى 1500 خلية في المليلتر من الدم. ويختلف الأشخاص المصابين بمرض الإيدز عن بعضهم. والسؤال المهم هو: هل من علاج لمرض الإيدز؟ يقول الأطباء بأنه لا شفاء من هذا المرض في معظم الأحيان، لكن العلاج بواسطة (إيه آر تي A.R.T.) من الممكن أن يقلل من هذه البكتيريا، لكن لم توجد بعد عقاقير للقضاء على هذا الفيروس تماماً. ويعتبر العلاج الجديد المسمى (إيه آر ڤي A.R.V.) أو استخدام مصل الدم الجديد من أفضل ما توصَّل اليه الطب حالياً. إن الانحلال الأدبي له عواقب وخيمة عاجلاً أو آجلاً، وناموس الكون في آخر الأمر سينتصر للبر والصلاح. والله مستعد للغفران، على أن موقف الله في الصليب تجاه الشر ليس تافهاً، فهناك حزن وألم مرّ. وماذا يقول الكتاب المقدس عن مرض الإيدز؟ إن الله خلق كل شيء "وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ"، "لأَنَّهُمْ (البشر) لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ... لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ" (رومية 21:1، 24). ويذكر سفر الرؤيا وهو آخر أسفار الكتاب المقدس، ما يؤيد لائحة ضربات آخر الأيام في الأسفار الأخرى، لا سيما في الفصل السادس عشر عن ثلاثة قوائم مشتركة منها البرد، والظلام، وأنهار الدم، والدمامل الخبيثة، ومجيء ملوك الفرات. إنها ضربات مطلقة تصيب البشر وليس لها علاج حتى أن الناس يطلبون الموت ولا يجدونه. إنها أختام وجامات وأبواق تعلن تدخّل الله في قلب الزمن.
أما العلاج، فكان يتم عادة بالمعالجة الوقائية المنتظمة قبلاً، وكان نصيب المريض أخيراً الموت العاجل، أي أن حياته تخضع للعدّ التنازلي بسبب موت الخلايا وتحطّم الجهاز المناعي. ومع أنه ينتقل عن طريق الجهاز التنفّسي، ففي الحالات المبكّرة يعالج بسهولة عند تشخيصه بواسطة العلاج الكيماوي وغسل أعضاء التلامس. وهناك مشكلة محتملة وهي أن الجسم يقاوم أو يرفض المركبات الكيماوية. إنها مشكلة نسبة الخلايا في الدم. وأعراض المرض قد تظهر كمرض رئوي، أو في بنية الجسم، أو غير محدد الموضع، أو يصيب نخاع العظام، أو العظم، أو مجاري البول، أو الوعاء اللمفاوي، أو الكبد، أو المعدة والأمعاء، أو التهاب الأعصاب. في الحالات المتقدمة قد يتسبّب في أورام البروستاتة، والمخ، والعمود الفقري، مما يؤدي الى أعراض الحمى والصداع والشعور بالإعياء والاغماء والقيئ، وإسهال مزمن مفاجئ، والصرع، ويصاحب هذا المرض بعض الأعراض النفسية والعصبية. إن الحكيم يتحسب للمصائب قبل أن تدركه، والشجاع يصبر عليها وقد أدركته، فإنه من أصعب الأمور أن نعرف كيف نصبر على المرض والجور.
قيل مرة لطاليس حكيم اليونان: صف لنا الكائنات. أجاب: أقدسها الله لأنه لم يولد، وأجملها العالم لأنه من صنع الله، وأكبرها الفضاء لأنه يحتوي على كل شيء، وأسرعها الروح لأنها تركض في كل صوب، وأقواها الحاجة لأنها تذهب حتى الى النهاية، أما أعقلها فهو الزمان لأنه يكشف الغطاء عن جميع الأمور. إنه الله الذي بالاتكال عليه والإيمان به نوفر على أنفسنا متاعب كثيرة وننال الغفران باسم المسيح.

المجموعة: 200906