آب (أغسطس) 2006

حياة المؤمن يقظة في سبات هذا العالم، واشتياق لسكنى مقادس الروح. حرب طاحنة على الشر والتعاليم الخاطئة، وسعي دائم للسلوك المستقيم والحياة المتسامية.

 

تمسّك في حق العقيدة المثلى...

لا تحد عن الخط الإيماني السليم... واثبت في جوهر التعاليم الإلهية.

تتنازع الإنسان قوتان: قوة الشر وقوة الخير. فالشيطان الذي هو مصدر الشر، يسهر أبداً على تسخير ما في الدنيا لمطامعه الفاسدة مستأسراً الإنسان لتعاليمه الضالة والمضلة. أما قوة الخير التي تنبثق من الله وتعمل بواسطة خدامه الأمناء، تشن هجمات ضارية مستمرّة لتبيد قوى الشرير ولتدفع العالم نحو استقامة الإيمان والحياة الروحية الغالبة ولتقود الإنسان إلى مرابع المجد وحياة الطهر والقداسة. على مسرح هذا العالم الذي تتآكله مطامع شريرة درج المؤمن لكي يكون نبراس الحق ومشعل الروح الذي يبدد عواصف الفساد المقيت، ويعلن إرادة الله الصالحة. فوجب عليه سهر دائم وحرب لا تضع أوزارها إلا في الأبدية.

تكلم الرب يسوع قائلاً: ”إنسان زرع زرعاً جيداً في حقله وفيما الناس نيام جاء عدوّ وزرع زواناً“. إن عدو الخير يترصّد كنيسة المسيح كل حين ليزرع فيها الزوان، ويبث فيها روح الشقاق والخصام؛ فيهدم أسوار كيانها، ويفكك وحدة أعضائها، ويشل روحانية خدمتها، وينقض مخططاتها التبشيرية.

وفي هذا المثل يوجد زرع جيد، ونوم، وزوان. فإما نهضة ونصرة وسلوك في طاعة الإنجيل، أو تقاعس وكسل يفتح مجالاً لدخول التعاليم الهدامة والروح العالمية والمبادئ التي لا تتفق مع الحق الإلهي.

فالمسيح يناشد كنيسته بالقول: ”اسهروا“ في وسط النهضة والانتعاش! حذار من يد الشيطان الخفية الآثمة التي تعمل في الخفاء، فتبثّ روح الكبرياء الروحية في الأفراد والجماعة، وتضعف تقييم عمل النعمة، وتبرز الإنسان مكان الله، وتحوّل النهضة إلى نجاح عالمي مرتكز على البشر.

اسهروا في زمن السلام، والسفينة تسير متزنة، هادئة، لا رياح ولا عواصف... احذروا من الثقوب الضيّقة التي تجعل مياه البحر تتسرّب إلى السفينة وتغرقها في أعماق اليم. أغلاط بسيطة، وزلات غير مقصودة، سهوات مع حسن نية، وأخطاء بدافع الغيرة والإخلاص: فتضعف روح العبادة، وتفتر العلاقة مع الرب، تُكسر الشهادة المسيحية، وتزول دوافع التبشير. وتمتزج الكنيسة بالعالم، ويتغلغل العالم في الكنيسة فيسلب منها مقومات كيانها ومبررات وجودها.

وهناك سهر المؤمن الفرد على حياته؛ يتفحّصها ويقيسها على مقياس الرب ويعكسها على مرآة الروح القدس، وإذا ما اكتشف الزوان فيها فما عليه إلا العمل على إخراجه وحرقه مستعيناً بالإمكانيات الروحية التي يتزوّدها من يسوع الغالب والمنتصر، وهذه الطاقة الجبارة هي وليدة مخادع الصلاة. ففي أحلك حياته التجريبية وذروة آلامه النفسية والجسدية وعمق عزلته المريرة غاص مثالنا الأكمل - يسوع ابن الإنسان - في يم الصلاة لئلا تخور قواه ويأخذه الشيطان بحبائله ويفسد مخطط الخلاص الأزلي، راح يصلي وفي خضم مرارته أعلن لتلاميذه عظمة فاعلية الصلاة، وصارحهم بكلمات خالدات قائلاً: ”اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة“.

فالسهر ركن ضروري في مقومات شخصيتك أيها المؤمن، والصلاة قوة جبارة في متناول يدك، وسّلم ذهبي يصلك بالله، وعامل فعّال في رفع حياتك وسيرها في استقامة المبادئ وطهارة السلوك.

اسهر على كنيستك ولا تستسلم للنوم أو اللهو حيناً لئلا يدخلها العدو ويزرع الزوان ويزلزل أعمدتها ويدكّ صروحها.

اسهر على حياتك المعرّضة لهجمات العدوّ كل برهة والمحاطة بالتجارب من كل حدب وصوب.

وأخيراً ادخل مخدعك وصلّ لأبيك السماوي ليحفظك من شر فاسد وتعليم مضلّ، ولتسلم عقيدتك من الانحراف والخطأ.

فاسهر وصلّ لئلا تدخل في تجربة.

المجموعة: آب August 2006