أذار (مارس) 2006

الإنجيل هو الأخبار المفرحة التي يقدمها الله للإنسان، ولذلك يُسمّى "إنجيل الله". ويسمّى "إنجيل المسيح" لأن موضوعه هو الخلاص المبني على عمل المسيح الفدائي. فالمسيح، شخصه وعمله، هو محور هذه الأخبار المفرحة، وهو الذي أوصانا أن ننادي به للجميع. ويُسمّى أيضاً إنجيل النعمة، وإنجيل السلام لأن هذه الأخبار المفرحة تُقدَّم للجميع على أساس النعمة وليس على أساس الاستحقاق البشري.. ولأنها تمنحنا سلاماً مع الله.

 

الهدف من التبشير

لما أرسل المسيح بولس ليبشّر الأمم قال له: "أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله، حتى ينالوا بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" (أعمال 17:26-18). من هذا نتعلّم أن الإنسان الطبيعي هو أعمى روحياً، ويعيش في ظلام وعبودية للشيطان.

وهدف التبشير هو أن ينال الإنسان البصيرة الروحية، وأن يسلك في النور، ويتحرّر من عبودية الشيطان. وفي 2كورنثوس 20:5 نتعلّم أننا بواسطة التبشير "نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله". ومن يهوذا 23 نرى أنه بواسطة التبشير نختطف الناس من النار. حقاً ما أهم وما أسمى الهدف من التبشير. ولنتذكّر أن الهدف من التبشير ليس هو مجرّد اعتناق ديانة، أو الانتساب إلى طائفة معيّنة، ولا هو التحسّن الخلقي، ولكنه خلاص الإنسان لأن "المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلّص الخطاة" (1تيموثاوس 15:1). لا شك أن المجتمعات التي انتشرت فيها البشارة تحسّنت اجتماعياً، ونحن نشكر الله على ذلك. ولكن نكرّر القول أن الهدف من البشارة هو خلاص الإنسان وليس مجرّد التحسّن الخلقي أو التديّن الظاهري.

مسئولية التبشير

التبشير هو مسئولية كل مؤمن ومؤمنة. ولا نعني أن كل مؤمن يصبح مبشراً للجماهير، ولكن كلٌ مسئول أن يخبر آخرين بـِكَم صنع به الرب ورحمه. إن آخر وصية أعطاها الرب لتلاميذه قبل صعوده إلى السماء هي المناداة بالإنجيل. وأرسلهم إلى كل العالم، لأنه "يريد أن جميع الناس يخلصون" (1تيموثاوس 4:2). وليس هناك ما يمنع أي مؤمن من أن ينتهز الفرصة المناسبة ليخبر شخصاً آخر عن هذا الخلاص العظيم المجاني. نتعلّم من الأناجيل أن كثيرين من الذين شفاهم الرب أذاعوا الخبر مع أنهم لم يكونوا من تلاميذه (انظر مرقس 15:5-20). إنه أمر مؤلم أن تكون عندنا الأخبار المفرحة ولا نقدّمها للهالكين. إنها حقيقة مزعجة أن بعض الذين اختلطنا بهم قد يقولون عنا وهم في جهنّم النار:

"لماذا لم يخبرونا؟

ممن كانوا يخافون؟

ماذا كان سيكلّفهم لو أخبرونا وأنذرونا؟“

نعم، نحن جميعاً تحت مسؤولية لأن نقدّم بشارة الخلاص للهالكين. ما أخطر قول الرب لحزقيال:

"الشرير يموت بإثمه، أما دمه فمن يدك أطلبه" (حزقيال 18:3).

موضوع البشارة

يتلخّص موضوع البشارة في الآية الشهيرة: "لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 16:3). ليس موضوع البشارة هو الانتساب إلى ديانة أو طائفة، ولا هو الامتناع عن هذه العادة أو تلك، وإنما هو الخلاص. الإنسان خاطئ ولا يستطيع أن يخلّص نفسه بالقيام بفرائض دينية أو أعمال خيرية. الخلاص هو على أساس الإيمان القلبي بالمسيح الذي قال: "الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يوحنا 24:5). هذا الخلاص هو بالنعمة وليس نتيجة أعمالنا. "لأنكم بالنعمة مخلّصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أفسس 8:2-9). فمتى اعترف الإنسان بأنه خاطئ وأراد من أعماق قلبه أن يتحوّل عن حياة الخطيئة، وآمن بالمسيح– أي قبله في قلبه رباً ومخلّصاً، فإنه ينال هذا الخلاص والولادة الثانية. كل هذا يجب أن يُقدَّم ببساطة ووضوح لأن هذا هو موضوع البشارة.

أهمية التبشير

أهمية التبشير هي لأنه "وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عبرانيين 27:9). "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يوحنا 36:3). "وكل من لم يوجد مكتوباً في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار" (رؤيا 15:20). هناك البكاء وصرير الأسنان. من هذا نرى أهمية التبشير.

سر النجاح

يتميّز سر النجاح في التبشير بخاصتين أو ناحيتين:

أولاً: الناحية الإلهية

يجب أن نتذكّر دائماً أنه "لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود" (زكريا 6:4). قال المسيح: "لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يوحنا 5:15). الولادة الثانية هي عمل الروح القدس، وليست نتيجة قدرتنا أو مجهوداتنا أو ذكائنا. المسيح هو رب الحصاد ونحن فعلة في حصاده. نحن نزرع أو نسقي ولكن الله هو الذي ينمي (1كورنثوس 6:3). "إن لم يبنِ الرب البيت فباطلاً يتعب البنّاؤون" (مزمور 1:127). أول من آمن في أوربا في مدينة فيلبي هي ليديا التي "فتح الرب قلبها" (أعمال 14:16). لذلك يجب أن ندرك حاجتنا إلى معونة الرب في التبشير.

ثانياً: من ناحية المؤمن

عليه قبل كل شيء أن يمتلئ قلبه بالمحبة والشفقة نحو الناس الهالكين وبالرغبة في خلاصهم. كما يجب أن يكون مقتنعاً بخطورة الأمر، وأنه لا سبيل لخلاص الإنسان ونجاته من جهنم النار إلا بالإيمان بالرب يسوع المسيح الذي مات لأجلنا وقام. كما يجب أن يدرك أيضاً أنه شخصياً مسئول عن توصيل بشارة الخلاص. هذا الشعور بالمسئولية يجب أن لا يكون أمراً سطحياً أو ثانوياً، بل يكون له عمق في قلب وفكر المؤمن فيشعر بالألم من أجل الناس الهالكين. وهذا يدفعه لأن يصلي من أجلهم يومياً. كذلك يجب أن تكون حياته بلا لوم لكيلا تتعطّل شهادته وتصبح بلا ثمر، بل قد تجلب إهانة لاسم الرب. وأخيراً، مع أنه لا يشترط أن يكون له علم غزير بكلمة الله، إلا أنه يجب أن يكون عارفاً بآيات كثيرة في الكتاب المقدس تتعلّق بالخلاص، مثل يوحنا 16:3؛ يوحنا 24:5؛ أعمال 12:4؛ أفسس 8:2-9 وغيرها.

الخلاصة

الهدف من التبشير هو خلاص النفوس. المسئولية موضوعة علينا جميعاً. أهمية التبشير هي أن من لا يؤمن لا بد أن يهلك. موضوع البشارة هو نعمة الله التي تخلّص كل من يؤمن بيسوع المسيح. ولكي ننجح في التبشير نحتاج إلى معونة الله وأن تكون قلوبنا ملتهبة في داخلنا بخصوص الناس الهالكين.

المجموعة: 200603