Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان (إبريل) 2007

ينظر بعض الناس في العالم إلى آلام المسيح وصلبه وموته على أنها الفصل الأخير من قصة حياته على الأرض حيث ختمت عهود البشارة، والميلاد العذراوي، والحياة الطاهرة، والعجائب الباهرة، والتعاليم الرائعة! لكن الأصح هو: إن جميع هذه الأحداث والوقائع كانت مقدمة فقط لذلك الحدث العظيم الذي هو موت المسيح الكفاري وقيامته المجيدة، لبدء عهد جديد فريد من نوعه قلب وجه العالم وغيَّر معالم الحياة البشرية.

 

لقد أدرك الرسل والتلاميذ هذه الحقيقة بالروح القدس فنحن نقرأ ما كتبه الرسول بولس إلى كنيسة كورنثوس ملخصاً رسالة الإنجيل:

”وأعرّفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به، وقبلتموه، وتقومون فيه، وبه أيضاً تخلصون، إن كنتم تذكرون أيّ كلام بشرتكم به، إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثاً!فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً: أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب، وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر“ (1كونثوس 1:15-5).

هذا يعني أن موت المسيح وقيامته هما القضية المركزية لبشارة الإنجيل وأن الأهمية العُظمى في تجسّد المسيح ومجيئه إلى العالم تنصبّ على عمل الفداء. ومن هنا فإننا نشاهد أن النبوات في العهد القديم تركّزت في معظمها على آلام وموت المسيح وقيامته، على اعتبار أنها آلام كفّارية تحمّلها بديلاً عن البشر الخطاة، الذين ليس لهم قدرة على تحمّلها لأنها كانت ستبقى آلامهم الأبدية لولا أن المسيح أنهاها بالصليب!!! وإليكم بعض ما أشارت إليه تلك النبوات فيما يلي:

1- الضيق: كما هو مكتوب في النبوة: ”في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم. بمحبته ورأفته هو فكهم، ورفعهم وحملهم كل الأيام“ (إشعياء 9:63).

2- الحزن: ”لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها، ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً“ (إشعياء 4:53). وتصف بشارة متى ذلك الحزن: ”فقال لهم: نفسي حزينة جداً حتى الموت“ (متى 38:26. كان ذلك في بستان جثسيماني حيث صلى قائلاً: ”يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت“ (متى 39:26).

3- الألم والجروح: يصوّر المزمور 22 آلام المسيح الرهيبة وانسحاقه. تقول النبوة في إشعياء 5:53 ”وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا“.

4- العار والخزي: كما تقول النبوة ”العار قد كسر قلبي فمرضت. انتظرت رقة فلم تكن ومعزين فلم أجد“ (مزمور 20:69). كانت ذبيحة الخطية في العهد القديم تحمل خطايا الشعب كرمز للفداء، ولذلك كانت تُحرق خارج المحلة، ”لذلك يسوع أيضاً، لكي يقدّس الشعب بدم نفسه، تألم خارج الباب. فلنخرج إذاً إليه خارج المحلة حاملين عاره“ (عبرانيين 12:13-13).

5- المرارة: تقول النبوة، ”ويجعلون في طعامي علقماً وفي عطشي يسقونني خلاً“ (مزمور 21:69).

6- الجلد: تقول النبوة، ”على ظهري حرث الحرّاث. طوّلوا أتلامهم“.  (مزمور 3:129)

7- الصلب: تقول النبوة، ”لأنه قد أحاطت بي كلاب. جماعة  من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديّ ورجليّ“ (مزمور 16:22). ولعلّ أصعب ما في الصلب اللعنة إذ تقول الآية في تثنية 23:21 ”المعلّق (على خشبة) ملعون من الله“. ويقول الإنجيل ”المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من عُلِّق على خشبة“ (غلاطية 13:3).

يخبرنا الكتاب عن البقية من الشعب القديم التي ستؤمن في الضيقة العظيمة. إن هؤلاء سيرون آثار المسامير في يدَي يسوع ورجليه حين ينزل لتخليصهم من الجموع المحتشدة عليهم من حولهم ”فينظرون إليّ، الذي طعنوه، وينوحون عليه كنائح على وحيد له، ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره“ (زكريا 10:12). فهؤلاء سيعرفون ولكن في وقت متأخر آلام تلك الجراح وطعم تلك المرارة!!!

تعقيب: كانت بعض عبارات صلاة المسيح في جثسيماني التي رصدها البشيرون ”يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت“. وقد فسّرها البعض أن المسيح كان يستعفي من الموت على الصليب.. ولكن بالدراسة المتعمّقة في كلمة الله، نستطيع أن ندرك بكل وضوح أن هدف المسيح من صلاته تلك كابن الإنسان هو إتمام المشيئة الإلهية، والتي هي مصدر مسرة له كابن الله ”أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت. وشريعتك في وسط أحشائي“ (مزمور 8:40).

وكان الهدف الثاني هو تعليم التلاميذ والكنيسة ضرورة الصلاة في وقت الضيق، والطاعة والتسليم لمشيئة الله الآب مهما كان تحقيقها مؤلماً.

ويتذرّع كثيرون بالآية الواردة في عبرانيين 7:5 ”الذي، في أيام جسده، إذ قدّم بصراخ شديد ودموعٍ طلباتٍ وتضرعاتٍ للقادر أن يخلصه من الموت، وسُمع له من أجل تقواه“. فبأية صفة كان يصلي وأية ميتة كان يطلب الخلاص منها؟

1- يقول البعض: إن المسيح كان يصلي لإعفائه من الموت بشكل عام إن في الصليب أو غيره، وأن يخلص الخطاة بطريقة أخرى إن أمكن! وهذا فهم سطحي للكتاب المقدس، وتفسير مناقض لجميع النبوات والأقوال الإلهية، ولكامل روح ونص العهد الجديد. والآية المركزية التي تؤكد ذلك: ”ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمّله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش الله“ (عبرانيين 2:12).

2- قال البعض الآخر إن المسيح كان يصلي لكي لا يموت تحت فرط الآلام قبل الصليب فلا تتم به عملية الفداء!

من حيث الشكل، من قال أن الموت الفدائي يكون بالصلب فقط؟

ومن حيث الموضوع، إن هذا الرأي غير ذي معنى وغير منطقي على الإطلاق لأن كل النبوات كانت تشير إلى موته مصلوباً وقد قال الرب بنفسه: ”لأن ما هو من جهتي له انقضاء“ (لوقا 37:22). أي أن الكل مهيّأ ومرتّب وثابت وسيتم حرفياً دون أي تغيير. كما أن الرب يسوع تكلم مراراً قبل الصلب عن موته المزمع أن يؤديه في أورشليم. وفي مرات كثيرة تكلم عن الصلب (انظر متى 19:20 و2:26). فكيف يتنبأ المسيح عن طريقة موته ويكون في شك من ذلك؟

وإن كانت هناك بعض الصعوبة في التفسير، لكن بالرجوع إلى كلمة الله ومجمل النبوات، يمكن أن ندرك بوضوح الشيء الذي كان يسوع يصلي لأجله وقد استُجيب له لأجل تقواه:

1- كان المسيح يصلي بحسب ناسوته كابن الإنسان بديلاً عن الخطاة وهو حتماً لم يطلب تخليصه من الموت الجسدي من هذا المنطلق، لأن ذلك الموت مرتب ومحتوم على الجنس البشري. فالإنسان يولد ويعيش ويموت حسب خطة الله.

2- كانت صلاة المسيح تلك منصبّة على إنقاذه كبديل للإنسان من موت مخيف رهيب ألا وهو الموت الأبدي والذي يصفه الكتاب بالبقاء في الهاوية الذي يعني البقاء تحت حكم الموت الأبدي والذي سيتثبّت لهؤلاء الماكثين فيها في جهنم النار بعد الدينونة. وقد ورد هذا المطلب نبوياً في مزمور 15:69 ”لا يغمرني سيل المياه ولا يبتلعني العمق ولا تطبق الهاوية عليّ فاها“. وتحققت الاستجابة نبوياً في مزمور 10:16 الذي يقول: ”لأنك لم تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيّك يرى فساداً“. كما تم فعلاً بالقيامة.

وعبارة ”سُمع له من أجل تقواه“ تبيّن سبب نصرة الرب يسوع على الهاوية؛ أي لأنه بار وقدوس لم يفعل خطية فتم به الفداء وقُبلت كفارته الطاهرة. لقد نزل له المجد إلى الهاوية بعد صلبه وأصعد أرواح الأبرار المخلصين منها إلى الفردوس - مكان الانتظار الجديد السعيد -  وأغلق هاوية الأبرار فبقيت هاوية الأشرار ذلك المكان الذي يرسفون فيه تحت حكم الدينونة.

لقد صلى المسيح للخلاص مما لا يهابه هو كابن الله الذي لا يموت وأحرز ما لم يكن يحتاجه كالقدوس البار الذي يدين ولا يُدان...

فما أسماها من آلام فدائية احتملها  المسيح له المجد طائعاً كبديل عن كل واحد منا. فجراحه ليست إلا جراحنا، وموته لم يكن إلا عوضاً عن موتنا!

عزيزي القارئ، هل لك أن تقبل تلك الآلام، والجراح، والأحزان، والموت، كآلام فدائية، وجراح بديلة، وأحزان تضامنية، وموت كفاري، فتمنحك القوة والحكمة لتسلك في حياة البر والإيمان وتنيلك الغفران والفداء؟ فقل له الآن: يا من صرت بديلاً عني في موت الصليب وآلامه، اجعلني شريكاً لك في نصرة قيامتك المجيدة لأعيش لأجلك الحياة التي تريدها أنت. وحتى يوم مجيئك القريب فتأخذني معك إلى مجدك الرفيع العجيب.

المجموعة: 200704

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10474247