Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان (إبريل) 2007

آيات ذهبية وردت في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس، سيدور حولها حديثي في هذه الرسالة:

”الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء. كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضاً. وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضاً. وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضاً صورة السماوي“ (1كورنثوس 47:15-49).

 

خصص بولس الرسول أصحاحاً كاملاً في رسالته الأولى إلى القديسين في كورنثوس تحدّث فيه عن حقيقة قيامة المسيح. أثبت في القسم الأول من الأصحاح حقيقة ظهور المسيح لكثيرين بعد قيامته، وظهوره له شخصياً. وفي القسم الثاني قدَّم ردّاً على أقوال المنكرين لحقيقة قيامة المسيح، وأعلن أنه إن لم يكن المسيح قد قام فلا قيامة للأموات، وتكون كرازة الرسل باطلة، وإيمان المؤمنين باطلاً، ويكون الرسل شهود زور لله، ويعني هذا أن المؤمنين بالمسيح الذي قام ما زالوا في خطاياهم، وأن الذين رقدوا في المسيح هلكوا. ثم قال: ”إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فإننا أشقى جميع الناس“ (1كورنثوس 19:15). ووصل بهذا المنطق السليم إلى إعلانه العظيم:

 ”ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين“ (1كورنثوس 20:15).

واستطرد ليجيب عن السؤال القائل: ”كيف يُقام الأموات وبأي جسم يأتون؟“ (عدد 35)  وأجاب إجابة كاملة قال فيها: ”الإنسان الأول من الأرض ترابي. الإنسان الثاني الرب من السماء... وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضاً صورة السماوي“ (عدد 47 و49).

خلق الإنسان الترابي

الإنسان الترابي هو آدم، ”وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفساً حية“ (تكوين 7:2). من تراب الأرض خلق الرب الإله هذا المخلوق العجيب.. ”الإنسان“، وخلقه بدقة وإتقان يقف العقل الإنساني المتأمل فيه مذهولاً.

كمية الشرايين والأوردة التي تنقل الدم إلى أجزاء الجسم، لو استطعنا أن نضعها معاً لوصلت إلى آلاف الأميال.

القلب، هذه العضلة التي تضخّ الدم إلى أجزاء الجسم بدقة وانتظام على طول السنين..

العين التي تستطيع أن تغطي بقوة رؤياها الأرض والبحر والجبال... ومع قدرتها على البصر، فهي تنقل أيضاً مشاعر الإنسان... تتكلم في صمتها وتقول لمن تحب أنا أحبك، وتقول لمن تكره أنا أكرهك.. وتعبّر عن مشاعر الغضب، والحزن والفرح.. وتظهر حكمة الإنسان ومكر الإنسان.. وتظهر حقيقة ما يدور في عقل الإنسان.

والمخ الذي يحتويه رأس الإنسان بتلافيفه، وقدرته المذهلة، وأقسامه الدقيقة. القسم المسيطر على الإحساس، والقسم المسيطر على الحركة، والقسم المسيطر على التصرفات، والقسم المسيطر على الكلام، والقسم المسيطر على العينين، والقسم المسيطر على العواطف، والقسم المسيطر على السمع.

قال عالم مشهور: لو أردنا أن نصنع كمبيوتراً يقوم بعمل كل أقسام مخ الإنسان، لاحتجنا إلى مساحة قدر مساحة ولاية تكساس الأمريكية.

وفكِّر قليلاً في اللسان، فاللسان بحديثه المعزّي يريح قلباً حزيناً، واللسان بحديثه الملتهب يشعل النار.. ”فاللسان نار! عالم الإثم. هكذا جُعل في أعضائنا اللسان، الذي يدنِّس الجسم كله، ويضرم دائرة الكون، ويُضرَم من جهنَّم“ (يعقوب 6:3).

هذا هو الإنسان الترابي.. الإنسان الذي قال عنه كاتب المزمور: ”يداك صنعتاني وأنشأتاني“ (مزمور 73:119). وقال عنه داود النبي: ”لأنك أنت اقتنيت كليتيَّ. نسجتني في بطن أمي. أحمدك من أجل أني قد امتزت عجباً [في الترجمة الإنجليزية: أحمدك لأنك جعلتني خليقة رهيبة وعجيبة]. عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقيناً. لم تختفِ عنك عظامي حينما صُنعْتُ في الخفاء ورُقمت في أعماق الأرض. رأت عيناك أعضائي، وفي سفرك كلها كُتبت يوم تصوَّرَتْ، إذ لم يكن واحد منها“ (مزمور 13:139-16).

ذات يوم ذهبت لتعزية أسرة في القاهرة فقدت وحيدها، كان الأب في حالة حزن شديد..

سألني: كيف يمكن أن يقوم ابني بعد أن يتحلل جسده ويصير تراباً؟

قرأت له الآيات الواردة في مزمور 139 وقلت له:

- هناك صورة فوتوغرافية لابنك موجودة في ملف خاص بالسماء، وفي لحظة القيامة سيقوم ابنك في تلك الصورة.. ”رأت عيناك أعضائي وفي سفرك كلها كُتبت يوم تصوّرت إذ لم يكن واحد منها“. قال الأب:

-  شكراً، لقد أرحت قلبي.

إذا كان هذا هو الجسد الترابي، فكيف سيكون مجد الجسد السماوي؟

صورة الإنسان السماوي

حينما وُلد المسيح من مريم العذراء أخذ صورة عبد وصار في شبه الناس ووضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (فيلبي 7:2-8). ولكنه قام في جسد ممجد، وعلى صورة هذا الجسد الممجد سيقوم المؤمنون.

”فإن سيرتنا نحن هي في السماوات، التي منها ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغيّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء“ (فيلبي 20:3-21).

المسيح في مجيئه الأول، وبموته على الصليب خلَّص أرواحنا ونفوسنا، أما في مجيئه الثاني فسيخلصنا من الجسد الترابي. عندما خلَّص المسيح أرواحنا ونفوسنا أعطانا الروح القدس كعربون لفداء أجسادنا ”الذي فيه أيضاً أنتم، إذ سمعتم كلمة الحق، إنجيل خلاصكم، الذي فيه أيضاً إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس. الذي هو عربون ميراثنا، لفداء المقتنى لمدح مجده“ (أفسس 13:1-14).

”وليس هكذا فقط، بل نحن الذين لنا باكورة الروح، نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا، متوقّعين التبني فداء أجسادنا“ (رومية 23:8).

حين تُفدى أجسادنا، يتم خلاصنا. والجسد الذي سنقوم فيه يختلف عن الجسد الترابي الذي عشنا فيه.

ما هي صورة جسد القيامة؟

يا للمستقبل المجيد الذي ينتظر المؤمنين بالمسيح المصلوب!

تنتهي حياتنا على الأرض بالموت.. ويصف بولس حالتنا عند الموت فيقول إن جسدنا ”يُزرع في فساد.. ويُزرع في هوان... ويُزرع في ضعف... ويُزرع جسماً حيوانياً“. هذه هي الصورة التي تنتظر جسدنا: يأكله الدود... يموت في هوان العجز، وفي هوان الضعف، ويُزرع جسماً حيوانياً خُلق من تراب وإلى تراب يعود.

سارة الجميلة، بعد أن ماتت، بادر إبراهيم بدفنها بعد أن ذبل جمالها الفتّان ووصلت إلى الهوان.

·  لكن جسد القيامة سيكون كجسد المسيح الممجد. ”أيها الأحباء، الآن نحن أولاد الله، ولم يُظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أُظهر [ونحن أحياء] نكون مثله، لأننا سنراه كما هو“ (1يوحنا 2:3).

·  جسد القيامة سيخلو من الفساد.. لن يهاجمه مرض.. فلا سرطان، ولا سكر، ولا ضغط عالي يهدد الحياة، ولا كولسترول يسدّ شرايين الجسم فيصاب الإنسان بالشلل...

·  جسد القيامة لن يتعرّض لهوان العجز.. سيُقام في مجد.

·  جسد القيامة لن يُصاب بالضعف؛ ضعف المرض أو ضعف الشيخوخة.

·  جسد القيامة لن يكون جسماً حيوانياً بل روحانياً يخترق الحواجز كما اخترق المسيح الحواجز بعد قيامته ودخل العلية التي فيها التلاميذ والأبواب مغلّقة.

·  جسد القيامة سيكون جسماً سماوياً.

أي مجد، أي جلال، وأي رفعة تنتظر المؤمنين بالمسيح حين يتخلّصون من الجسد الترابي بضعفاته ويقومون في الجسد السماوي؟!

الجسد السماوي لن يحتاج إلى الزواج أو ممارسة الجنس ”الذين حُسبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات لا يُزوِّجون ولا يزوَّجون. إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضاً، لأنهم مثل الملائكة، وهم أبناء الله، إذ هم أبناء القيامة“ (لوقا 25:20-26).

وبهذا الجسم السماوي سيعرف المفديون بعضهم بعضاً في الحالة الأبدية كما عرف الرسل موسى وإيليا حين ظهرا مع يسوع على جبل التجلي.

بهذا الجسم السماوي سينظر المفديون وجه الله الذي اشتاق موسى أن يراه.. ”وهم سينظرون وجهه“ (رؤيا 4:22).

إلى هذا الفجر البهيج المنير يتطلع المؤمنون المتيقنون من نوالهم الحياة الأبدية بقبولهم المسيح رباً وفادياً...

في ذلك اليوم ”الفاهمون يضيئون كضياء الجلد، والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور“ (دانيآل 3:12).

وحتى يأتي ذلك اليوم العظيم، فلنعمل عمل الرب ونردّ كثيرين إلى معرفة ذاك ”الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا“ (رومية 5:4).

المجموعة: 200704

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

87 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472110