كانون الأول (ديسمبر) 2007

الملاك هو جبرائيل المُرسل من قِبَل الله. والبشارتان هما أخبار سارة حملها ملاك الرب للبشر.

البشارة الأولى حملها ملاك الرب إلى رجل، هو زكريا الكاهن وهو يقوم بدوره في قيادة العبادة في الهيكل.

والبشارة الثانية حملها أيضاً ملاك الرب ذاته إلى امرأة، هي مريم العذراء وهي في بيتها في مدينة من الجليل اسمها ناصرة.

 

X       فبشارة الله السارة والمفرحة جاءت للجنس البشري كله، رجالاً ونساء. لا فرق عند الرب بين رجل وامرأة، ”ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع“ (غلاطية 28:3).

الأخبار السارة التي حملها الملاك لزكريا، كانت أجمل وأحلى الأخبار في حياته كلها، ”فقال له الملاك: لا تخف يا زكريا، لأن طلبتك قد سُمعت، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا“ (لوقا 13:1).

أما البشارة السارة التي حملها الملاك للعذراء مريم فكانت أجمل وأحلى وأعظم الأخبار في تاريخ البشرية، لها وللعالم أجمع. ”فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنكِ قد وجدتِ نعمة عند الله. وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع“ (لوقا 30:1).

X       دائماً يقدّم لنا الرب الأخبار المفرحة، الأخبار المشجّعة والمطمئنة، أخبار سلام لا شرّ، ”لا تخافي يا مريم“.

X       ودائماً يقدّم لنا الرب عطاياه الإلهية العظيمة والمباركة التي لا يمكن للعالم أن يمنحها لنا ”ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا“ (يوحنا 27:14). ”لأن طلبتك قد سُمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك ابناً وتسميه يوحنا“، ”وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع“.

X       هل يوجد أعظم من عطية البنين؟! ”كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق، نازلة من عند أبي الأنوار“ (يعقوب 17:1).

X       طبعاً، لا مساواة هنا بين يوحنا ابن زكريا، وبين يسوع ابن الله العلي. لا وجه للمقارنة بالمرة.

X       تكمن عظمة يوحنا في كونه ممهد الطريق أمام الرب ”لكي يهيّئ للرب شعباً مستعداً“، ”ولم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان (بالنسبة للعهد القديم)، ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه (بالنسبة للعهد الجديد)“.

X       أما عظمة يسوع فتكمن في كونه ”ابن العلي يُدعى، ابن الله المبارك، المخلص الوحيد هو المسيح الرب.

جاءت البشارة لزكريا الكاهن استجابة لصلاته التي رفعها ليعطيه الله ابناً ”لأن طلبتك قد سُمعت“.

وجاءت البشارة لمريم العذراء تحقيقاً لنبوات العهد القديم... ”ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل“ (إشعياء 14:7). ”لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام“ (إشعياء 6:9). وكذلك نبوة ميخا: ”وأما أنتِ يا بيت لحم أفراتة، وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنكِ يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل“ (ميخا 2:5).

X       إن الله يؤكد دائماً بأنه يسمع لطالبيه من الأتقياء ويستجيب صلواتهم. لكن في توقيته الخاص وبحسب خطته هو، ليس حسب توقيتنا نحن، ففي وقته يسرع به، وإن تأنّى يستجيب. ”ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس“ (غلاطية 4:4).

X       وفي نفس الوقت يؤكد لنا صدق الكتاب المقدس ووحيه وأن كلامه ثابت إلى الأبد ومواعيده صادقة وأمينة، والنبوات التي تكلم بها أناس الله القديسون، لا بدّ من تحقيقها في أوقاتها الخاصة ”شهادات الرب صادقة.. أحكام الرب حق عادلة كلها“ (مزمور 7:19 و9). ”السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول“ (مرقس 31:14).

تلقى زكريا الكاهن بشارة الملاك جبرائيل متشككاً ومتسائلاً: كيف أعلم هذا وأنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها؟

أما العذراء مريم فقد تلقت بشارة الملاك مؤمنة واثقة، وأيضاً متسائلة: ”كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟“

وشتان بين سؤال زكريا ”كيف أعلم هذا؟“ وسؤال العذراء ”كيف يكون هذا؟“

سؤال زكريا يحمل في معناه الشك الذي يطلب علامة ليصدّق ويؤمن.

وسؤال العذراء ينمّ عن الإيمان الذي يثق ويصدّق، باحثاً عن الطريق للوصول إلى الهدف، وفي ذات الوقت يقبل في تواضع وخضوع وتسليم كامل ”هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك“.

X       الشك يطلب العلامات والبراهين الملموسة والمحسوسة، أما الإيمان فهو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى.

X       الشك يخرسنا ويوقفنا ويعطلنا في مسيرتنا الروحية ويحرمنا بركات المواعيد الإلهية كما حدث مع شعب الله في القديم في البرية، الذي بسبب شكهم أقسم الرب في غضبه لن يدخلوا راحته“ (عبرانيين 3:4).

X       والشك قد يقودنا إلى الغرق كما حدث مع بطرس الذي مشى على الماء وعندما بدأ يشك ابتدأ يغرق، فوبّخه المسيح قائلاً له: ”يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟“ (متى 30:14-31).

X       وقد يؤدي بنا الشك إلى الجوع الروحي، فتدوسنا الأقدام فنموت تحتها، كما حدث مع الجندي الذي لم يصدق بشارة الفرج التي حملها أليشع إلى شعب السامرة، قائلاً: ”هكذا قال الرب في مثل هذا الوقت غداً تكون كيلة الدقيق بشاقل وكيلتا الشعير بشاقل في باب السامرة، وإن جندياً للملك كان يستند على يده أجاب رجل الله وقال: هوذا الرب يصنع كوى في السماء. هل يكون هذا الأمر. فقال إنك ترى بعينيك ولكن لا تأكل منه“ (2ملوك 1:7 و5). وكل ما قاله الرب على فم أليشع تم بحذافيره، جاء وقت الفرج ورأى الجندي الخير، ولكن الشعب داسه تحت أقدامهم فمات ولم يأكل من الخيرات.

X       أما الإيمان والثقة في الرب ومواعيده، فيرفعاننا إلى فوق، إلى جو السماويات، إلى حضن الآب الذي نستمدّ منه كل خير وقوة روحية وبركة. ”مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح“ (أفسس 3:1).

كل ما قاله الملاك جبرائيل لزكريا الكاهن وللعذراء مريم، قد تمّ كاملاً وفي وقته، حبلت أليصابات في شيخوختها وولدت يوحنا، وحبلت العذراء مريم بدون رجل بل من الروح القدس وولدت يسوع ابن الله.

X       ”ليس شيء غير ممكن لدى الله“
(لوقا 37:1). فلا يعسر عليه أمر وكل شيء مستطاع عنده. فقط لكل شيء وقت في حساباته. فهل لنا الثقة الكاملة في مواعيد الرب وقوته وحكمته ومحبته؟!

لتمتلئ قلوبنا بالأفراح لأنه وُلد لنا مخلص هو المسيح الرب، وصلاتنا: زد يا رب إيماننا، انزع بذور الشك منا،  وكل عام وأنتم بخير.

المجموعة: 200712