اذار (مارس) 2007

تتعدد مناهج العلم ودروبه، وتتطور أساليب ومعاول التقنين، ويظل الإنسان ابن يومه. إنه يتكهن المستقبل ويخمن ويحلم، وتراوده نظريات واحتمالات تتلخص في:

 

ماذا بعد؟

 

             وماذا لو؟

                     وما هي النتيجة؟

حلل الدين مسألة العلمية والفقهية. ففي مجال العلم أقر البشر بالمحدودية، وفي الفقهية استكملوا ما نقص من بحوث وفروض. هذا يفيد بأن الإنسان محدود ولكنه طموح. والمعرفة تزداد بالدرس الكثير والتجارب المتوالية.

الآن نعرف بعض المعرفة فالكمال لله وحده. إنها أفلاطونية الدين ولكنها ارسطوطالية المنطق. إذن لننسَ ما هو وراء ونمتد إلى ما هو قدام، وفي لغة الشاعر: إسعَ يا عبدي وأنا أعينك. وفي الأديان الكبرى المعترف بها "العلم لله وحده"، ومن قال إن الله أعلم فقد أفتى.

هل هناك اتجاه فلسفي في الدين؟ أم هناك علاقة بين الدين والفلسفة؟ إن الفلسفة تبحث في الماهيات والمفاهيم والوجوديات أي كل ما يتعلق بالله والعالم والإنسان. أما الدين فيعلن اللامحدود لذهن المحدود ويقرب السماء للأرض لخدمة الإنسان. الدين يجيب عن الأسئلة التي يجهلها العلم أو لم يصل إليها بعد. إن الدين كالعلم يبحث في الكون والكائنات من الألف إلى الياء. ويظن الإنسان أنه متدين أو فيلسوف مع أنه في الواقع باحث للحقيقة. الدين بمعنى آخر هو محتوى الآداب والقيم، وطريقنا الصحيح في الحياة الدنيا وباب السعادة النفسية. إن الدين كالعلم يخلق ما من شأنه أن يبعث الطمأنينة في مواجهة القلق والمخاوف اليومية، فإن الإنسان يقضي معظم حياته دون أن يدري سبب الصراع الدائم بين المؤسسات الاجتماعية والسياسية الذي لا يعدو عن كونه هدفاً وقائياً. وإن فكرة مفهوم وحدة الشخصية البشرية هو حجر الأساس في العلم والدين. كما أن قيمة حياتنا مرهونة بإرادتنا في أن نعيش الزمن المعين لنا لنجعل منه الحقيقة الكلية لمعنى حياتنا. إن المثالية الحديثة تقرر حقيقة عامة عن الكون كله فإنها تؤكد أن الكون ذو طبيعة روحية لكن الوجود يسبق الماهية فالكون ليس هو الله. اللغة تعلقت بالديانة في حين أننا نتعلم اللغة عن طريق التقليد. إن الله يرعانا، بديعية كافية تلبي مطالبنا.

وفتح الله للبشر كتاب المعرفة وفك السفر المختوم بسبعة ختوم، "فالسماوات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه". ونظر الإنسان إلى نفسه فأنشد: "أحمدك لأنني قد امتزت عجباً. ومع هذا أقر الإنسان بعجزه وجهله وافتقاره لمعرفة الخالق وإسعاد الخلق. ولما لم يستطع الإنسان تعريف أو تحديد الله عز وجل، حدد الله نفسه بالإعلان والرؤيا، بالوحي والإلهام، والتجسد والإظهار، وعلم الإنسان ما لم يعلم. وبذلك رأى الإنسان لمحة الألوهية في نفسه وطيف الروح في الطبيعة وبهاء المجد في قلب الزمن وهمسات الحب في المسيح.

المجموعة: 200703