اذار (مارس) 2007

داود رجل من رجال العهد القديم العظام، قال فيه الوحي المقدس: ”داود الذي شهد الله له أيضاً إذ قال: ”وجدت داود بن يسى رجلاً حسب قلبي الذي سيصنع كل مشيئتي. من نسل هذا حسب الوعد أقام الله مخلصاً ”يسوع“ أعمال 22:13-23. وعبارة ”رجلاً حسب قلبي“ لا تعني أنه لا يخطئ بل عندما يخطئ يتوب توبة صادقة وبدموع. وقد سجل الوحي المقدس لداود خطايا عديدة اتخذها الوعاظ مادة في عظاتهم مثل الزنا، والقتل، وإحصاء الشعب دون أمر من الرب، ولكن هناك أمر أغفله الوعاظ ولم يتحدثوا عنه ألا وهو زواجه من معكة ابنة تلماي ملك حشور والذي اعتبره في نظري زواجاً غير متكافئ... ذلك الزواج الذي جرّ عليه الويلات والمصائب وسأتحدث عنه إليكم في ثلاث كلمات:

 

أولاً: أشهر خطية

ثانياً: فقدان السلطة الأبوية

ثالثاً: النتائج الحتمية

 1-  أشهر خطية

هذه الخطية هي زواج داود من معكة ابنة تلماي ملك حشور... لقد تم هذا الزواج بمشيئة بشرية لأنه لم يعرض الأمر قدام الرب ليأخذ استشارة منه بخصوصه، وأيضاً لم يتأنَ ويفكر ماذا يمكن أن يجني من وراء زيجة كهذه؟ ربما كانت هناك بعض الإغراءات مثل الجمال أو المال أو المكانة الاجتماعية... هذه أشهر خطية يقع فيها المؤمنون والمؤمنات في هذه الأيام، إذ يرتبط المؤمن بشريكة حياة غير مؤمنة، والمؤمنة ترتبط بشريك حياة غير مؤمن مع أن الكتاب المقدس يوصي بخصوص هذا الأمر وصية غاية في الوضوح إذ  يقول بلسان الرسول بولس: ”لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبر والإثم؟ وأي شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأي موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟“ (2كورنثوس 14:6-16).

نصيحة أقولها لكل من يفكر في الارتباط بشريك حياة: صلّ، ثم صلّ، ثم صلّ قبل الدخول في هذا الأمر. فالأمر ليس بسيطاً لأنه موضوع العمر كله. إنه أخطر أمر على الإطلاق.

 2- فقدان السلطة الأبوية

قَتَل أبشالوم ابن داود (من معكة) أخاه أمنون، ووصل الخبر إلى داود محرّفاً بأن أبشالوم قتل جميع بني الملك. فمزق ثيابه واضطجع على الأرض وجميع عبيده الواقفين مزقوا ثيابهم أيضاً... وعندما صحح يوناداب الخبر بأن الذي قُتل هو أمنون فقط قال داود: ”لينصرف أبشالوم إلى بيته ولا يرى وجهي“. ولكن عندما توسّط يوآب بين داود وأبشالوم وجاء به إليه لم يعاتبه أبوه ولم يلمه أو يوبخه أو يؤدبه بل قبّله وقد نسي كل شيء... أين سلطتك يا داود كأب؟  إن كنت أباً فأين كرامتك؟ (ملاخي 6:1).

كذلك فقد عالي الكاهن  سلطته على أبنائه وترك لهم الحبل على الغارب يفعلون ما يشاءون ففعلوا أشياء يندى لها الجبين... أجد حرجاً في التحدث عنها وعلى القارئ العزيز العودة إلى كلمة الله ليقف بنفسه على ما كانوا يفعلونه (1صموئيل 12:2 و17). وكل ما فعله معهم أبوهم عالي الكاهن أن قال لهم: ”لا يا بنيّ، لأنه ليس حسناً الخبر الذي أسمع ” (1صموئيل 23:2-24).

وحتى أعظم أنبياء العهد القديم، صموئيل، فقد سلطته الأبوية ولم يحسن تربية أبنائه. تقول كلمة الرب: ”وكان اسم ابنه البكر يوئيل واسم ثانيه أبيا... ولم يسلك ابناه في طريقه بل مالا وراء المكسب، وأخذا رشوة وعوّجا القضاء“ (1صموئيل 1:8-2).

أيها الآباء، أعيدوا سيطرتكم على أبنائكم وربوهم في مخافة الرب وإنذاره مع عدم إغاظتهم كما توصي كلمة الرب.

 3- النتائج الحتمية

أسفر زواج داود من معكة ابنة تلماي عن مصائب وبلايا وويلات لم تظهر مباشرة إلا بعد فترة من الزمن. ففي الحرب التي دارت رحاها بين الآراميين والموآبيين من جهة وداود من جهة أخرى، حدث أن انضم المعكيون الذين تنتمي إليهم معكة زوجة داود إلى أعداء داود ليحاربوه وإلى جانب هذا أنجبت معكة أبشالوم الذي كان كنخر في عظام أبيه، فمع أن اسمه يعني ”أبو السلام“ إلا أنه كان اسماً على غير مسمى... قتل أخاه أمنون واستمال الشعب إلى جانبه مستخدماً طرقاً ملتوية، ومن بين الذين استمالهم أبشالوم أخيتوفل أحد مشيري الملك داود الأذكياء الذي وضع مع أبشالوم خطة محكمة لقتل داود أبيه وأخذ المُلك منه... وتسبّب في حرب أهلية شديدة.

هذا جنيته أنت يا داود على نفسك وما جناه عليك أحد...

فيا ليتنا نتصرف بحكمة عند الاقتران بشريك الحياة لكي نتجنب المشاكل في المستقبل.

المجموعة: 200703