نيسان (إبريل) 2008

قال صاحب الأمثال سليمان الحكيم: "الغبي يصدق كل كلمة" (أمثال 15:14). صدّق أو لا تصدّق، فإن الغبي يصدّق كل كلمة لأنه لا يفكر، والمحبة تصدّق كل شيء وإلا تحطمت الثقة، ومن لا يصدق الله فقد جعله كاذباً. أحياناً لا أصدق إنساناً لا سيما إن تعوّد على نقل الأخبار. فالناقل ناقم وصاحب الوجهين داهية. وربما لا يصدقك الناس مع أنهم يظهرون القبول والموافقة لأن الأذن لا تشبع من السمع والقرين بالقرين يعرف.

 

والأهم من هذا أن إصرار الإنسان على ارتداده يفسح المجال لعمل الضلال حتى يصدقوا الكذب، لذلك لا تصدقوا كل روح. وعلى سبيل المثل، إن قالوا: هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا، فهناك مسحاء كذبة كثيرون. وقد ظهر بين اليهود أربعة وعشرون مسيحاً كاذباً حتى الآن، وأشهرهم بار كوكبة في القرن الثاني. أما في القرن الثاني عشر بعد المسيح فاشتهر عشرة مسحاء كذبة منهم مردخاي رجل ألماني. لكن يأتي على قمة هؤلاء ضد المسيح "المسيح الدجال". أما دعاة وتابعو المسحاء الكذبة، فعدد ولا حرج، ومن ثمارهم تعرفونهم؛ هدفهم الربح القبيح، متمردون يتكلمون بالباطل ويخدعون العقول، يقلبون بيوتاً، كذابون وحوش ردية بطالة.

يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة، أسلوبهم أنعم من الزبدة، وبطشهم أقسى من النمرة. إنهم كالحملان تشبّهاً بالمسيح الرب لكنهم كذئاب أسوة بالشيطان. وهؤلاء الكذبة يدّعون القوة، والروحانية، والعلم بالأسرار الكونية؛ "يا رب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟ المهم ليس ما تقول أو تصنع فالخدمة قلب رحيم، وفكر سليم، ونظر حميم، فهم قويم، وخير عميم. كذاك الذي جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس.

هل يمكن أن تبشر باسم المسيح كذباً؟ وهل يمكن عمل معجزات أو التظاهر والإيماء بأداء الآيات بهتاناً؟ هل يمكن للإسخريوطي أن يكون رسولاً؟ أشاول بين الأنبياء؟ هل سيعيد التاريخ الكنسي نفسه فنجد سيمون الساحر عضواً في الكنيسة أو حننيا وسفيرة مثالاً للعطاء الفارغ؟ هل يمكن لاسكندر النحاس أن يتربّع في بيت الله؟ وما رأيك في ديوتريفس وأقواله الخبيثة؟

هل قرب اليوم الذي يتسلط فيه الوحش، وتعمم سمته، ويرعب صوته ذوي البأس والبطش؟ ذلك هو يوم رجسة الخراب، فيه الصورة تتكلم وكل شعوب الأرض ينحني، والضربات العالمية تتضخم، والظواهر الطبيعية تحتج، والحروب البشرية تتزايد، ويذلّ الإنسان أخيه. فلا تصدقوا، فليس هؤلاء أهل ثقة، لكن كما قال الشاعر: ”عليك بالصدق ولو أحرقك الصدق بنار الوعيد“. كن صادقاً فيما تروي، فالعيون لا تكذب، وكن أنت فيما تبدي من مشاعر فالقلوب شواهد، وكن سطحياً في أسلوبك، إعجازياً في باطنك؛ "بسطاء كالحمام حكماء كالحيات" حتى ينقطع الكذب تماماً. قال أحدهم أنه تجدد بواسطة التليفون، ذلك أنه لما طلب مرة رقم تليفون صديقه سمع أولاده يرنمون:

”يا ترى أي صديق مثل فادينا الحبيب

يحمل الآثام عنا وكذا الهم المذيب

وهنا عزم على أن يكون صديقاً له. ويقال أن من خلصوا على يد سانكي وترنيماته، يكاد يكون مثل من قبلوا المسيح مخلصاً وفاديا على يد مودي الواعظ المشهور وعظاته. فها أنت صادق في مشاعرك وابتسامتك وبيتك وعملك؟

أكرمني الرب بأن أكون قائداً للمؤتمرات الدينية هنا وهناك، وكان شعار أحد هذه المؤتمرات "كن أميناً"، وبحثت عن ترنيمة تتلاءم وهذا الشعار. وأخيراً كانت هذه الكلمات: أهي اختبار عشته أو أمنيات تتوق إليها أو كليهما. الله يعلم: كن أمينا مع الهك، كن أميناً مع جيرانك، كن أميناً في حياتك للمسيح. كن أميناً في العبادة، كن أميناً في القيادة، كن أميناً في الشهادة للمسيح. كن أمينا في عهودك، كل أيام وجودك، لتربحن كل خصومك للمسيح. كن أميناً للوفاة، كن أميناً... تنال إكليل الحياة. هل تعرفت على ذلك "الصادق والأمين"؟

المجموعة: 200804