كانون الأول (ديسمبر) 2008

المسيح فريد في كثرة النبوءات التي جاءت عنه قبل مجيئه بمئات السنين
أولاً: المسيح فريد في مجيئه من نسل المرأة
وأول إشارة لهذا الشخص الفريد هي في سفر التكوين 15:3، حين أعلن الله عنه أنه سيأتي من نسل المرأة (إشارة إلى كونه سيولد من العذراء)، وأنه سيسحق رأس الحية التي هي رمزٌ للشيطان كما جاء في رؤيا 9:12 ”الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ“. بعد ذلك تكثر الرموز والنبوءات فتكلم إشعياء بوضوح عن ولادته من العذراء، وتكلم ميخا عن ولادته في بيت لحم.

وذُكر في سفر دانيآل الزمن الذي يأتي فيه المسيح، كما تكلم الأنبياء عن صفاته وحنانه وشفقته، وأنه ”قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ“. وتكلموا عن معجزاته وأنه يفتح أعين العميان وآذان الصمّ. وأعلن إشعياء أن المسيح يأتي ليبشّر المساكين ويشفي المنكسري القلوب، لينادي للمأسورين بالإطلاق، ويحرر المنسحقين. وتنبأوا عن كيفية موته والهدف من موته. وأشاروا إلى قيامته وصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الله. وكذلك تنبأوا عن مجيئه في المستقبل إذ يأتي كملك. ولعل أول نبوة بخصوص ذلك هي التي قالها يعقوب أبو الأسباط إذ أعلن عن المسيح أنه يأتي من نسل يهوذا ”وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ“ (تكوين 10:49). وهو الذي وعد الله به إبراهيم قائلاً: ”وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ“ (تكوين 18:22 وغلاطية 16:3). وحدّد أنه يأتي من نسل إسحق، ثم يعقوب، ثم يهوذا ابن يعقوب، ثم من نسل داود الملك ولا يسعنا المجال أن نقتبس مئات النبوءات التي جاءت عنه قبل مجيئه.
 
ثانيًا: المسيح فريد في ولادته وطفولته وصباه

أ-  فريد في ولادته
فهو الوحيد الذي وُلد من العذراء. وهو أمرٌ يدعو للالتفات، لذلك تنبأ عنه إشعياء فقال: ”وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ“ (إشعياء 14:7). وكلمة ”عمانوئيل“ معناها الله معنا. فبمجيء المسيح إلى هنا جاء الإله السرمدي، جاء في شخص يسوع المسيح الذي هو ”صورة الله غير المنظور“ (كولوسي 15:1). هو ”الله الذي ظهر في الجسد“ (1تيموثاوس 16:3). لأنه في هذا الطفل المولود من العذراء سُرَّ أن يحل كل ملء اللاهوت جسدياً (كولوسي 19:1؛ 9:2). أما أن يسوع وُلد من عذراء فهو أمرٌ يؤكده العهد الجديد بكل وضوح، ولا يترك فيه مجالاً للشك عند كل قارئ مخلص تهمه معرفة الحق. لذلك يجدر بكل من يريد أن يتأكد من هذه الحقيقة أن يقرأ إنجيل متى 18:1-25، وإنجيل لوقا 26:2-35). وهذا لن يستغرق أكثر من دقائق قليلة تؤكد هذه الحقيقة الجليلة، وهي أيضاً حقيقة جوهرية في الإيمان المسيحي. قالت لي إحدى المؤمنات إن البعض يقولون أنه يمكن للإنسان أن ينال الخلاص حتى إذا لم يصدّق أن المسيح وُلد من عذراء!! إذا كان الشخص لم يسمع أو يقرأ عن هذه الحقيقة فقد يكون له عذر. ولكن من يقرأ ما جاء في الآيات التي أشرنا إليها، مثل كلام الملاك مع يوسف: ”لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ... لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ. وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا“، وأيضاً أن يوسف أخذ امرأته ”وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ“ كما جاء في إنجيل متى، أو ما جاء في لوقا 34:1 حين اندهشت مريم إذ قال لها الملاك: ”هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ“، فأجابها الملاك أنه سيولد منها بعمل إلهيٍ من الروح القدس. كل من يقرأ هذا الكلام الواضح ولا يصدق أن المسيح وُلد من عذراء فهو يكذّب الله ومصيره الهلاك. لذلك نقول بكل تأكيد إن المسيح شخص فريد في ولادته من العذراء.
ب- وهو أيضاً فريد في طفولته
ولما وُلد المسيح وقمطته مريم أمه وأضجعته في المذود، كان هناك رعاة في تلك المنطقة ”وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ. وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ“
(لوقا6:2-14). هل حدث هذا عند ولادة أي شخص آخر؟! لا، بكل تأكيد! فالمسيح شخص فريد، وهو المخلص الوحيد!
وبعد ولادة يسوع بحوالي ستة أسابيع، لما تمت أيام تطهير مريم، أنه بحسب الشريعة (انظر لاويين 1:12-3) دخلوا به إلى الهيكل ”وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، وَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ بَارًّا تَقِيًّا يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لاَ يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ... وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ... أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللهَ وَقَالَ: الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ“ (اقرأ لوقا 25:2-35). فمولود بيت لحم هو المخلص وهو الخلاص. وفي تلك المناسبة تكلمت عنه أيضاً نبية اسمها حنة ”وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ“ (اقرأ لوقا 36:2-38).
ولا بد أن نذكر زيارة المجوس الذي جاءوا من المشرق إلى أورشليم ”قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ“ (متى 2:2). هو المخلص، هو الخلاص، هو الملك، هو وحده يستحق السجود! وأما ما حدث بعد ذلك فهو معروف لكثيرين:
اضطرب هيرودس، بل كل أورشليم معه، ثم تقديم المجوس الهدايا والسجود لهذا الطفل الفريد، ثم ذهاب يوسف ومريم ويسوع إلى مصر، ثم خروجهم ليتم ما قاله النبي قبل ذلك بمئات السنين ”من مصر دعوت ابني“.
ج- فريد في صباه
كان يوسف ومريم يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح ”وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ“، وعند عودتهما اكتشفا أن يسوع لم يكن معهما فرجعا إلى أورشليم. ”وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ“ (اقرأ لوقا 41:2-52). صبيٌّ فريد يدهش المعلمين بفهمه وأجوبته!
نعم، المسيح شخص فريد في ولادته من العذراء.
فريد في الحوادث التي تلت ولادته إذ رنّمت له السماء، وسجد له المجوس، وتكلم عنه سمعان الشيخ وحنة النبية.
جاء مولوداً في مذود
ربنا الفادي يسوع
من له الأجناد تشدو
في سجود وخشوع

المجموعة: 200812