تموز July 2010

أقول بداية إن كلمة الخلاص، كلمة غير مفهومة عند الكثيرين. فهناك ديانات ليس في كتبها المقدسة كلمة ”الخلاص“، وهناك طوائف تُدعى مسيحية ليس لديها مفهوماً واضحاً عن الخلاص، ولذلك يجهل أتباعها المفهوم الصحيح للخلاص.

لا بدّ لنا إذاً أن نفهم معنى كلمة ”الخلاص“ بكل ما تعنيه.

كلنا خطاة تحت غضب الله

وأول ما يجب أن نفهمه ونعرفه أن كل إنسان يولد على هذه الأرض خاطئ بطبيعته التي ورثها من أبيه الأول آدم، ويخطئ حين يبلغ سن المسئولية مدفوعاً بهذه الطبيعة الساقطة... ومن الخطأ أن نقول إن الإنسان يولد بفطرة صالحة، ويفعل الخطية حين يصل إلى سن المسئولية بتأثير عوامل البيئة التي وُلد فيها.

هذا مفهوم يؤكد بطلانه ما رأيناه في حياة "قايين"، الابن الأول الذي وُلد لآدم بعد عصيانه لوصية الله... فقايين عاش في بيئة خالية من إغراءات الشر... ومع ذلك فقد قتل أخاه هابيل.. قتله مدفوعاً بطبيعته الساقطة التي ورثها من أبيه آدم.. وكل ابن آدم يولد خاطئاً سواء وُلد في بيت مسيحي، أو بوذي، أو مسلم، أو هندوسي.

"كما هو مكتوب أنه ليس بار ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد" (رومية 10:3-12).

أنت إذاً خاطئ أثيم، وأنا كذلك، وعلى هذا فنحن تحت غضب الله "لأن غضب الله مُعلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم" (رومية 18:1).

من هنا نعرف أن كل إنسان، مهما كانت ديانته، أو تربيته، أو تعليمه يحتاج إلى الخلاص من غضب الله... ويا لهول غضب الله!!

لقد أحدثت الخطية انقلاباً رهيباً في حياة كل إنسان، وبسبب الخطية دخل الموت إلى العالم إذ أخطأ الجميع.. وخضوع كل إنسان للموت يؤكد حاجته للخلاص.
 

ما هو المفهوم الصحيح للخلاص؟
 

1- الخلاص يعني النجاة من غضب الله ودينونته

حين ينال الإنسان الخلاص ينجو من غضب الله ودينونته. قال يسوع المسيح وهو الصادق الأمين: "الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة" (يوحنا 24:5).

وقال بولس الرسول مؤكداً نجاة الذين يخلصون من دينونة الله. "إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رومية 1:8).

2- الخلاص يعني نوال الغفران الكامل لكل ما فعلناه من خطايا

"لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم" (لوقا 77:1).

والغفران يعني:  أن الله يمحو جميع خطاياك (إشعياء 22:44).

وأنه لن يذكر خطاياك وتعدياتك فيما بعد (إشعياء 25:43)،

وأنه يُبعد عنك خطاياك كبعد المشرق من المغرب (مزمور 12:103)،

وأنه يطرح جميع خطاياك وراء ظهره بمعنى أنه لا يعود يراها (إشعياء 17:38).

وبنوال هذا الغفران الإلهي، يزول الشعور بالذنب، ويتمتّع من نال الخلاص بالسلام مع الله، بعد أن كان عدواً لله.

قال المسيح لامرأة خاطئة نالت الخلاص: "إيمانكِ قد خلصكِ. اذهبي بسلام" (لوقا 50:7).

3- الخلاص يعني الحرية من سلطان الشيطان

الخاطئ يعيش في مملكة الشيطان، وبالتالي تحت سلطانه، لكن عندما تنال الخلاص تتحرّر من سلطان الشيطان.

قال المسيح لبولس الرسول حين التقى به في طريق دمشق: "لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت... منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين" (أعمال 16:26-18).

4- الخلاص يعني أن تولد ولادة ثانية من الله

بولادتك في العالم وُلدت من أبوَين ساقطَين وورثت منهما الطبيعة الساقطة، وهذه حقيقة أكدّها داود النبي بكلماته: "هأنذا بالإثم صُوِّرت، وبالخطية حبلت بي أمي" (مزمور 5:51).

وعندما تنال الخلاص تولد من جديد، فيخلق الله فيك طبيعة جديدة تكره الخطية، ولذا قال المسيح لنيقوديموس معلم اليهود: "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يوحنا 3:3). هذه الولادة تحدث بقوة كلمة الله، وعمل الروح القدس "مولودين ثانية، لا من زرع يفنى، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد" (1بطرس 23:1).

هذه الولادة الثانية معجزة تتفرّد بها المسيحية، فالديانات الإنسانية، تتطلب مجهود الإنسان، أما المسيح فيعطي للإنسان طبيعة جديدة، فيولد الإنسان ولادة ثانية... الولادة الأولى جسدية من أبويه، الولادة الثانية روحية من الله.

5- يبقى إذًا خلاص أجساد المؤمنين وهذا يحدث حين يأتي يسوع المسيح ثانية

يقول بولس الرسول: "فإن سيرتنا نحن هي في السماوات، التي منها أيضًا ننتظر مخلّصًا هو الرب يسوع المسيح، الذي سيغيّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء" (فيلبي 20:3-21).

ويقول يوحنا الرسول: "أيها الأحباء، الآن نحن أولاد الله، ولم يظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1يوحنا 2:3).

هذا هو الخلاص من الجسد الترابي، حين نخلص من متاعبه، وضعفاته، وأمراضه، ونلبس جسداً سماوياً نعيش به في عالم الخلود السعيد.

 

ماذا تفعل لكي تخلص؟

سأل حافظ سجن فيلبي بولس وسيلا بعد أن واجه قوة الله، وأدرك حاجته للخلاص: "يا سيّديّ، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" (أعمال 30:16).

وكانت إجابة الرجلين: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال 31:16).

الخلاص بالإيمان وحده.. لكن الإيمان بمن؟

لقد كان من الضروري أن يشرح بولس وسيلا معنى ما قالا لحافظ السجن ولذا "كلّماه وجميع من في بيته بكلمة الرب" (أعمال 32:16). وواضح من هذه الكلمات أن جميع من في بيته كانوا في سنّ الفهم. قال الرجلان لحافظ السجن وجميع من في بيته أن الإيمان ضرورة لنوال الخلاص.

والإيمان معناه الثقة المطلقة...

آمن بالرب يسوع المسيح...

هنا حجر العثرة أمام الكثيرين، فهم يؤمنون بالمسيح نبياً... أما الإيمان به رباً فهذا أمر مرفوض عندهم... ولكنه الشرط الأساسي لنوال الخلاص "وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أُعطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص" (أعمال 12:4).

وكل ما فعله المسيح يؤكد ربوبيته:

فهو قد صنع معجزات لم يصنعها سواه.

وهو قد عاش معصوماً تماماً عن الخطية، والعصمة لله وحده.

وهو بعد أن صُلب على الصليب، ودُفن في قبر، قام بعد ثلاثة أيام...

هو فريد في ذاته وصفاته، لأنه الرب.

ولا بدّ من الإيمان أنه "يسوع"، أي "المخلّص" كما قال الملاك ليوسف خطيب العذراء مريم: ”فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم“.

ولا بدّ من الإيمان بأنه ”المسيح“ أي المعيّن من الآب لخلاص البشرية كما قالت النبوة عنه:

"روح السيد الرب عليّ، لأن الرب مسحني لأبشّر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق" (إشعياء 1:61).

هذا هو الإيمان المخلِّص... وبغير هذا الإيمان لا خلاص.

وقد آمن حافظ السجن وجميع من في بيته بما قاله بولس وسيلا... "واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون" (أعمال 33:16).

فمعمودية الماء ضرورة لإظهار طاعة الذين يؤمنون، وفي ذات الوقت تعلن موت المؤمن، ودفنه، وقيامته مع المسيح.

هذا هو الخلاص في مفهومه الصحيح بحسب كلمة الله. وإذا كنت قد فهمت معنى الخلاص، وطريق الخلاص، فأقول لك: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص".

آمن الآن، وضع ثقتك الكاملة فيما عمله المسيح على الصليب، واذكر أن "أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" (رومية 23:6).

لقد دفع يسوع أجرة الخطية بموته على الصليب.. ولذا فليس بأحد غيره الخلاص.

فاحذر من أن تتكل على أعمالك الصالحة، فهي لن تخلصك..

يقول بولس الرسول: ”لأننا كنا نحن أيضاً قبلاً أغبياء، غير طائعين، ضالين، مستعبدين لشهوات ولذات مختلفة، عائشين في الخبث والحسد، ممقوتين، مبغضين بعضنا بعضاً. ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال في برٍّ عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغُسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس، الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا“ (تيطس 3:3-6).

فالخاطي بطبيعته غبيّ، وغير طائع، وضال، ومستعبد لشهوات مختلفة، وعائش في الخبث والحسد، وملآن بالبغضة والكراهية. فأعماله الصالحة لا يمكن أن تخلصه. فموت المسيح على الصليب هو الطريق الوحيد للخلاص، والذين ينكرون حقيقة صلب المسيح، قال عنهم بولس الرسول: "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة. وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1كورنثوس 18:1).

فآمن بالمسيح الذي صُلب لأجلك، وكن مع جماعة المخلّصين لا مع جماعة الهالكين، وقل له:

أيها الرب يسوع، أنا أقبلك مخلصاً شخصياً لي. فاغفر خطاياي، واغسل ذنوبي بدمك الكريم، آمين.

المجموعة: 201007