تشرين الأول Oct 2010

في القيامة، لمن... تكون زوجة؟

هذا سؤال خطير، سأله مجموعة من اليهود، تُدعى الصدوقيون، للرب يسوع قديمًا، وجاء في متى 23:22-33. والصدوقيون هم جماعة دينية من اليهود لا تؤمن أن هناك حياة بعد الموت، فيعتقدون أنه لا توجد قيامة من الأموات بل تنتهي حياة الإنسان تمامًا بموته الجسدي هنا على الأرض.

وبحق أجابهم الرب يسوع واضعًا يده على أساس المشكلة بالقول: "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله". لذلك دعونا نرجع إلى كلمة الله لنرى الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال الهام:

أولاً: ماذا يحدث للإنسان عند موته؟

1- عندما نرجع إلى قصة خلق الإنسان في سفر التكوين (ص 2:1) نراه خُلق متميَّزًا عن بقية الكائنات الحية. فقد خلقه الله على صورته كشبهه، ووضع فيه نسمة من روحه، إذ نقرأ: "وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حيّة" (تكوين 7:2).

2- يكتب لنا سليمان الحكيم عن وضع الإنسان بعد موته "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جامعة 7:12). ويؤكد هذا أيضًا قول أيوب: "وبعد أن يُفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله" (أيوب 26:19).

3- ويوضّح لنا العهد الجديد هذا الأمر بأكثر وضوح، كما نرى ذلك في القصة التي سردها الرب يسوع في لوقا 19:16-31 عن الغني ولعازر فيقول: "فمات المسكين وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم. ومات الغني أيضًا ودُفن، فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب".

وعندما رُجم استفانوس أول شهيد في الكنيسة نقرأ أنه "رأى مجد الله، ويسوع قائمًا عن يمين الله... فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول: أيها الرب يسوع اقبل روحي" (أعمال 54:7-60).

لذلك أكّد الرب في رده على الصدوقيين بأن هناك حياة بعد الموت بقوله: "أفما قرأتم ما قيل لكم من قِبَل الله القائل: أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب؟ ليس الله إله أموات بل إله أحياء".

ثانياً: هل هناك  قيامة من الأموات ومتى؟

يكتب بولس الرسول متسائلاً: "إن كان المسيح يُكرز به أنه قام من الأموات، فكيف يقول قوم بينكم إن ليس قيامة أموات؟ فإن لم تكن قيامة أموات فلا يكون المسيح قد قام!" (1كورنثوس 12:15-13). ويلخّص الرب يسوع قيامة الأموات فيما نقرأه في يوحنا 28:5-29 "لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ". وهكذا نرى هنا أن هناك قيامتين مختلفتين هما:

1- قيامة الحياة
وهذه القيامة سوف تحدث عند مجيء المسيح الثاني لاختطاف جميع المؤمنين الأحياء والأموات قبل بدء الضيقة العظيمة التي ستحلّ على الأرض. وهذا ما نقرأه في تسالونيكي الأولى 13:4-18 "لأَنَّ الرَّبّ نََفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ". ونقرأ عنها القول: "مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ" (رؤيا 5:20-6).

2- قيامة الدينونة

ونقرأ عنها في سفر الرؤيا 11:20-15 "ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ... وَدِينَ الأَمْوَاتُ... وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ". وهذه القيامة ستحدث في نهاية الأزمنة عندما تنتهي جميع التدابير الإلهية من جهة الإنسان، ويجلس الرب يسوع على العرش العظيم الأبيض لإجراء الدينونة الإلهية على الذين ماتوا في خطاياهم ولم يعطوا الله مكانًا في حياتهم.

ثالثًا: ما هي طبيعة الحياة بعد القيامة من الأموات؟

1- بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين: هذا ما نراه في إجابة الرب بالقول: "فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ". ثم يكتب الرسول بولس: "يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا... وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ" (1كورنثوس 35:15-50). ويُختم الكتاب المقدس في رؤيا 1:21-5 بالقول: "الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ. وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!". وهكذا سيظل المؤمنون الحقيقيون في علاقة روحية مباشرة مع الله في السماء والأرض الجديدة مسبّحين مهلّلين إلى أبد الآبدين.

2- بالنسبة لغير المؤمنين البعيدين عن الله: "فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" (متى 46:25).

"وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ" (رؤيا 15:2). ثم في 8:21 "وَأَمَّا... وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ... فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي".

والآن، ماذا بالنسبة لك أيها الأخ العزيز؟

هل لك علاقة حقيقية مع الله؟

هل تمتعت بفداء المسيح؟

هل تستطيع أن تقول مع بولس الرسول: "لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ"؟!

 


عن مجلة "نحو الهدف"
 

المجموعة: 201010