تشرين الأول Oct 2010

"فلا تهتموا للغد، لان الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره" (متى 34:6).
 
 إنه بسبب حنان يسوع المسيح علينا نحن أولاده مما جعله يطلب منا ألا نهتم بأمور العالم ونطلب أولاً ملكوت الله وبرّه.
 
 ثم يسأل في عدد 27: "من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدةً؟".

 الرب هو المتملك على حياتنا وأمورنا، ويريدنا أن نتكل عليه، ويعلم أن كل ما يؤلمنا يتعبه. فهو يريدنا أن نترك الأمور الدنيوية الزائلة ونركز اهتماماتنا على الحياة الأبدية... وهذه دلالة على محبة المسيح لنا! فإذا كان الله يهتم بالطيور وعشب الحقل، ألا يهتم بنا نحن أبنائه؟
 
 إنه يريدنا أن نكفّ عن الاتكال على أنفسنا، وعلى العالم، والأمور الأرضية التي لا تستطيع أن تحل مشاكلنا.
 
 قال المسيح: "فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويُطرح غدًا في التنور، يلبسه الله هكذا، أفليس بالحريّ جدًّا يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟".
 
 لقد خاف تلاميذ المسيح من اضطراب البحر والأمواج، مع أن الرب كان معهم في السفينة (متى 23:8–26). وخاف بطرس من الريح الشديدة عندما نزل من السفينة ومشى على البحر. وإذ ابتدأ يغرق صرخ قائلاً: يا رب، نجني! مع أن المسيح هو الذي أمره أن يمشي على الماء! ثم قال له المسيح: يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟ (متى 30:14–31).
 
 قال يسوع: "فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل؟ أو ماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس؟ فإن هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها" (عدد 31-32).
 
 يريدنا الرب يسوع أن نعيش بالحكمة والتعقل، ونرتب أمور حياتنا... ويطلب منا ألا نخاف من الغد أو نرتبك بما نأكل، أو نشرب، أو بأمور الحياة التي تسيطر على أفكارنا، لأن هذه كلها تطلبها الأمم - لأن الأمور الدنيوية والأرضية هي محور حياتهم - ويريدنا أن نعيش بالإيمان بأن الرب سيعطينا ما نحتاج إليه، فذكر في عدد 8 "لا تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه".
 
 قال الرسول بولس: "والقادر أن يفعل فوق كل شيء، أكثر جدًا مما نطلب أو نفتكر، بحسب القوة التي تعمل فينا" (أفسس 20:3).
 
 الأمم يطلبون الأرضيات، لكن الإنسان المؤمن يطلب السماويات، ويشبِّهه الرب يسوع بإنسانٍ تاجرٍ يطلب لآلئ حسنة (متى 45:13).
 "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كولوسي 1:3-2). فإن أردنا أن نرى عمل الرب وبركته في حياتنا، لا بد لنا من أن نعطيه السلطان على حياتنا وسيتمجد فيها كلها.
 
 "ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية، وأما التي لا تُرى فأبدية" (2كورنثوس 18:4). أي ننظر إلى الأمور الأبدية الباقية، فنطلب ملكوت الله وبره أولاً وهذه الأرضيات تزاد لنا، "لأن ليس ملكوت الله أكلاً وشربًا، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس" (رومية 17:14). إن عبارة "اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره"، تعني أن نعيش في برّ وسلام وفرح في الروح القدس، ونطلب أولاً ما هو فوق.
 
 قال المسيح: "ها ملكوت الله داخلكم". إن ملكوت الله ظاهر في مجموعة المؤمنين في الكنيسة. والكنيسة أساسها المسيح! قال المسيح لبطرس: "على هذه الصخرة أبني كنيستي".
 
 الغد يعتمد على طلب ملكوت الله وبره، والاتكال على عظمة ومحبة الله فقط، وسيسدد الله كل احتياج.
 
 "وأما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة. لأننا لم ندخل العالم بشيء، وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء. فإن كان لنا قوت وكسوة، فلنكتفِ بهما" (1تيموثاوس 6:6-8).
 
 فلنسلم له حياتنا بالإيمان، لأنه عندما يقود سفينة حياتنا لا نخاف.
 
 والخلاصة هو أن الله يريدنا فقط أن نتكل عليه، ونركز أنظارنا إلى فوق... أن لا نضطرب بأمور الحياة التي تزعجنا وتبعدنا عنه، ونثق في محبته وكرمه بأنه سيسدد كل ما نحتاج.
 
 أرجو أن تتذكر ما اختبره داود وتردده دائمًا في قلبك: "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب! طوبى للرجل المتوكل عليه. اتَّقوا الرب يا قديسيه، لأنه ليس عوز لمتقيه. الأشبال احتاجت وجاعت، وأما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخير" (مزمور 8:34-9).

المجموعة: 201010