كانون الأول December 2010

ما أروع هذا الخبر السار الذي سمعته البشرية منذ فجر المسيحية - ولا زالت الأجيال تردد صدى تلك الأنباء السعيدة - أن الله قد "افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ" (لوقا 68:1). لقد كان البشر يعرفون الله بمختلف الصفات، فهو القدير، والجبار... وهو العادل، والقوي... وربما تشجع البعض فوصفوه بالرحيم... ولكن عندما جاء المسيح الى أرضنا، وكشف لنا قلب الله المحب، استطعنا من بعده أن نقول: "الله محبة". إننا لا نصفه بالحب، ولكننا بعد أن تعرفنا عليه وجدناه "المحبة" نفسها .

 
 ففي تجسد المسيح أتت الأخبار السارة للبشر، وهي أن خالق الأكوان بجملتها يحبنا بل يحب كل فرد منا!! وقد جاء هو نفسه إلينا؛ هذا ما عبّر عنه أحد مفكري المسيحية الأوائل عندما قال: إن الرب يسوع في تجسده "أخذ إنسانيتنا وشفاها".
 
 البشرية التي رزحت تحت ثقل الخطية والشر، وسارت في طريق آدم الأول - طريق عصيان الله - كانت بحاجة الى آدم جديد؛ ذاك الذي يسميه الرسول بولس "آدم الأخير". لذلك جاء الله نفسه في المسيح إلى أرضنا، وأدخل إلى البشرية عنصرًا جديدًا، بل ربط البشرية من جديد بشخصه المبارك، وفتح الباب أمام كل إنسان لأن يهرب من طريق آدم الأول، ويلتصق بآدم الأخير، وبذلك يتسنى لكل مؤمن أن يقول مع الرسول بولس: "صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا... الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ... وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ". هذا هو الخبر السار الذي نادت به المسيحية ولا زالت تنادي به، أن الله في تجسّده قد أعلن حبه للبشر في أكمل صورة وأروع مظهر، وبذلك استطاعت النفس البشرية ولأول مرة أن تخاطب الخالق قائلة: "أبانا"!

المجموعة: 201012