شباط February 2011

"كَالتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ الْوَعْرِ كَذلِكَ حَبِيبِي بَيْنَ الْبَنِينَ. تَحْتَ ظِلِّهِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ، وَثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ لِحَلْقِي" (نشيد 3:2).

يتميّز التفاح، وخصوصًا تفاح الملك سليمان، بالحلاوة والرائحة العطرية. ويُقال إنه قديمًا، كان يُقدَّم التفاح لإكرام الضيف، ويُعطى للمرضى لمساعدتهم على الشفاء.

يقدّم لنا الملك سليمان تشبيهًا لفرادة الرب يسوع المسيح الذي يتكلم عنه في عبارته: "كَالتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ الْوَعْرِ كَذلِكَ حَبِيبِي بَيْنَ الْبَنِينَ".

أولاًً: الحبيب ومقامه

هذا يظهر في تفوّق المسيح على غيره من خلال المقابلة بين التفاح وشجر الوعر.

1- التفاح شجر شهي ومثمر، أما شجر الوعر فبرّيّ وليس له ثمر مفيد للإنسان. المقابلة هنا أيضًا هي بين السوسنة والشوك. هكذا الحبيب بين البنين، الابن الرب يسوع المسيح! هو ابن، لكنه ابن الله، وابن الإنسان كالتفاح والسوسن. وجميع البنين الآخرين كشجر وعر أما هو فمميّز! هو ابن محب ومطيع أما البنون الآخرون فعصاة، "رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْا عَلَيَّ".

وهذا الابن تدعوه الكنيسة "حبيبي". وقال عنه الرسول يوحنا: "الذي أحبنا"! لقد امتاز المسيح بكل الفضائل؛ امتاز بأمانته، وطاعته إذ أطاع حتى الموت موت الصليب. لكن محبته فاقت كل الصفات الأخرى... "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".

2– ظل شجرة التفاح وظل شجر الوعر. لشجرة التفاح ظل يفوق ظل شجر الوعر. عندما ينام الغريب تحتها يجد راحته، "تَحْتَ ظِلِّهِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ". أما شجر الوعر فيُتعب ويدمي ويميت.

في المسيح يجد المؤمن راحته وشبعه وحمايته، فهو مدينة ملجأ له. هناك أناس لا ولن تستطيع حتى الصخور أو الجبال أن تحميهم من وجه الجالس على العرش، أما الرب يسوع المسيح فهو الصخرة التي يحتمي فيها محبوه ويستظلون بها.

3– ثمر التفاح وثمر شجر الوعر: المسيح كالتفاح "ثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ لِحَلْقِي"، فيه الحياة لا الموت! "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا". عندما أكل أبوانا الأولان من الشجرة المحرمة ماتا حسب قول الرب "يوم تأكلان منها موتًا تموتان"، ولكن كما قال الرب يسوع: "مَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي؛" وأيضًا "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."

هذا هو كلام الملك سليمان الحكيم الخبير الذي بحكمته أدهش العالم، الذي جاء بالنتيجة "أن الكل باطل وقبض الريح."

وثمرة جسد المسيح هي الإيمان بشخصه حين قال: "مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ."

أول ثمر للرب يسوع الابن الحبيب هو غفران الخطايا. إذ بموته على صليب الجلجثة قد محا كل الآثام. قال عنه إشعياء النبي: "أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا". والنفس التي تمتعت بالخلاص ترنم قائلة: "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ."

الثمر الثاني هو السلام. قال الرب يسوع: "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا." لقد تم هذا السلام من خلال الصليب.

الثمر الثالث هو الشركة مع الابن والآب والروح القدس. الشركة التي فُقدت بالعصيان والخطية وجدناها مرة ثانية في المسيح.

قال الرب يسوع: "هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي."

كذلك قال: "إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً."

الثمر الرابع هو البنوة لله، ويتمتّع بها كل من يستظل بشخص الرب يسوع المسيح. فيشترك الروح القدس ويصرخ فينا: "يا أبا الآب". ثم نصلي كما يعلمنا المسيح قائلين: "أبانا الذي في السماوات."

ثانيًا: الحبيب والتمتّع به

الحصول على بركات الابن الحبيب يكون بالجلوس تحت ظله، "تَحْتَ ظِلِّهِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ، وَثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ لِحَلْقِي." الذين يستظلون بالشجرة، يحتمون من الحر وأشعة الشمس المحرقة؛ واللهيب الذي كان يجب أن يقع على الإنسان قد وقع على الرب يسوع المسيح الذي احتمل قصاص الخطية وألم الصليب لأجلنا "وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا."

ويكون بالذوق والاختبار. فالذين ذاقوا وأكلوا واختبروا العلاقة الشخصية والشركة مع المسيح يقدرون أن يقولوا: "حبيبي لي وأنا له." وكل من يقول هذا من كل القلب هو أغنى الناس، وأغنى مما كان، لأنه قد وضع كل شيء على المذبح لله، ويقول: يكون بره لي لتبريري، وروحه لي لقيادتي وتعزيتي وتقديسي، وقوته لي لحمايتي وسد إعوازي، وأبديته لي لزمن بلا نهاية.

عزيزي القارئ، هل تستطيع أن تقول: "أنا لحبيبي"، وتجلس تحت ظله وتفرح وتحتمي به؟

المجموعة: 201102