تموز July 2012

الملاكم مايك تايسون، بطل العالم في الوزن الثقيل، وأصغر رجل يفوز بألقاب مسابقات الملاكمة العالمية، فاز 19 مرة بالضربة القاضية الفنية الأولى، واثنتا عشرة مرة منها في الجولة الأولى. لُقّب بـ "مايك الحديدي"، وبأشرس رجل على الكوكب! حصل على 300 مليون دولار خلال مسيرته المهنية! لكن، هل تعرف سر انهيار هذا العملاق؟!
في عام 1992، أدين تايسون بالاعتداء جنسيًا على "ديزيريه واشنطن"، وقضى ثلاث سنوات في السجن. ثم خسر خسارة فادحة أمام "إيفاندر هوليفيلد" بالضربة القاضية الفنية. وانتهت إعادة المباراة بصدمة له، حيث حُرم تايسون من المباراة لقضمه جزءًا من أذن هوليفيلد!

كانت مشكلته تتلخص في "التعفف وضبط النفس" في شهواتها وفي غضبها!
"البطيء الغضب خير من الجبار ومالك روحه خير ممن يأخذ مدينة (أمثال 32:16)، "مدينة منهدمة بلا سور الرجل الذي ليس له سلطان على روحه" (أمثال 28:25).
عزيزي، ما أحوجنا إلى هذه الفضيلة الرائعة: "التعفف"!

 

ما هو التعفف؟


هو ضبط النفس، وبخاصة أمام الشهوات، وتحاشي الإسراف حتى في الأمور المقبولة؛ مثل الأكل والشرب والحديث. وهو حالة رائعة من الترفّع والسمو عن كل الأمور الأرضية دون شعور بالنقص أو الحرمان.

خطورة عدم التعفف


إن عدم ضبط النفس يجعل من الإنسان عبدًا، تقوده الرغبات والنزوات والاحتياجات ويفقد كرامته، إذ إنه يعيش طوال حياته بلا تحكّم في نفسه ورغباته: "يَذْهَبُونَ وَرَاءَ الْجَسَدِ فِي شَهْوَةِ النَّجَاسَةِ... أَمَّا هؤُلاَءِ فَكَحَيَوَانَاتٍ غَيْرِ نَاطِقَةٍ، طَبِيعِيَّةٍ، مَوْلُودَةٍ لِلصَّيْدِ وَالْهَلاَكِ" (2بطرس 10:2-12).
وهناك العديد من النتائج المرعبة:
1- الدمار الجسدي والأدبي
أمثال 22:7 يحكي لنا عن غلام أغوته زانية، ولم تكن له القوة الروحية التي تجعله يتعفف أو يضبط نفسه فدمّرته: "ذهب وراءها لوقته كثور يذهب إلى الذبح... حتى يشق سهم كبده". آه من عدم ضبط النفس في شهواتها!
2- الحصاد المر
كان للملك داود زوجات كثيرات... لكنه لم يضبط نفسه أمام امرأة جميلة، وتساهل مع شهوته، ولم يقل لنفسه: لا! فأخذها وزنى معها، "وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب" (2صموئيل 27:1)، وجاء الحكم الإلهي على من لم يتعفف: "والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني".
(2صموئيل 10:12)
3- فشل في خدمة الرب:
يقول بولس متحذّرًا ومحذّرًا: "بل أقمع جسدي وأستعبده، حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1كورنثوس 27:9).

كيف أصل للتعفّف؟


إن الطبيعة البشرية؛ أي "الجسد" حسب المسمّى الكتابي، لا توجد فيها قوة لتقول: "لا" لرغباتها المشروعة أو غير المشروعة. ولقد عبّر الرسول بولس عن ذلك بالقول: "لأني لست أفعل الصالح الذي أريده، بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل" (رومية 19:7). لكن كلمة الله تقدّم لنا الطريق إلى ضبط النفس والتعفف والسمو.
1- الولادة الجديدة
قال الرب يسوع: "المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح" (يوحنا 6:3). ويؤكد الرسول بطرس قائلاً: "لكي تصيروا... شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة" (2بطرس 4:1).
2- قوة الروح القدس
"وأما ثمر الروح فهو... تعفف" (غلاطية 22:5)، و"بالروح تميتون أعمال الجسد" (رومية 13:8).
3- فضائل الإيمان
الإيمان الحقيقي بالمسيح ينشئ فضيلة التعفف: "قدّموا في إيمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة وفي المعرفة تعففًا..." (2بطرس 5:1).
4- التدريب الروحي بمعونة الرب:
"في كل شيء، وفي جميع الأشياء، قد تدرّبت أن أشبع وأن أجوع وأن أستفضل وأن أنقص. أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فيلبي 12:4-13).

مجالات التعفف


التعفف وضبط النفس يشمل كل جوانب حياة المسيحي الحقيقي.
1- الرغبات الطبيعية المشروعة: "كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق. كل الأشياء تحل لي لكن لا يتسلط عليّ شيء" (1كورنثوس 12:6).
2- الرغبات الشريرة المحمومة: "أما دانيآل فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه" (دانيآل 8:1).
3- الكلام: "كثرة الكلام لا تخلو من معصية. أما الضابط شفتيه فعاقل".
(أمثال 19:10)
4- الامتلاك: كثيرون لا يمكنهم مقاومة حب امتلاك الأشياء، لكن إبراهيم أبو المؤمنين العفيف يقول: "رفعتُ يدي إلى الرب الإله العلي مالك السماء والأرض: لا آخذنّ لا خيطًا ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك..." (تكوين 22:14).
5- الانفعالات والتصرفات: "البطيء الغضب خير من الجبار، ومالك روحه خير ممن يأخذ مدينة" (أمثال 32:16).

بركات التعفف


"مجد وكرامة وسلام لكل من يفعل الصلاح" (رومية 10:2). نعم، إن كلمة الله والحياة العملية المسيحية تقدّم لنا العديد من النماذج التي عاشت التعفف فحصدت المجد والكرامة من الله. وأكتفي بشخصية يوسف، لنذكر البعض منها:
1- السمو الأدبي: ارتفعت أغصانه فوق جميع الحوائط والتجارب الصعبة وتشددت سواعد يديه (تكوين 22:49).
2- النجاح: كان الرب معه وأعطاه الله نعمة ونجاحًا في أعين الجميع (تكوين 4:39، 21).
3- الاستخدام: زوّده الرب بالقدرة على تفسير الأحلام لكثيرين (تكوين 8:40؛ 15:41).
4- إكرام الله: عيّن فرعون يوسف الرجل الثاني على كل مملكة مصر (تكوين 41:41).
5- التعويض: رفض يوسف الزنى والعلاقة الدنسة، فأكرمه الله بزوجة جميلة اسمها أسنات (تكوين 45:41).
ربي يسوع المسيح..
كم أحتاج إلى معونة من عندك وقوة من روحك، حتى أتعفّف عن العالم وكل ما فيه، والجسد وما يشتهيه... فأقمع جسدي وأستعبده، فلا أصير عبد الأهواء أو الأشياء... فأسمو وأشبع، بل أكتفي بك!
أثق يا سيدي أنه في المسيح، وبالمسيح، أستطيع كل شيء فهو الذي يقويني!

المجموعة: تموز July 2012