أيار - حزيران May - June 2013

Festo Kevengereالمسيح هو سلامنا وكمالنا، والمصالحة التي تتم في القلب هي رسالتنا واهتمامنا. ويعلمنا الكتاب المقدس أن المصالحة ليست مجرد مذهب أو عقيدة، لكنها محور رسالة المبشر، وهي تعني أن الله يحوّل الرجال والنساء رجوعًا إليه لا ليصبحوا أصدقاء فقط لكن ليصيروا أبناء أيضًا... لذا فالمصالحة أمر معجزي لأنها تدعو الخطاة الذين هم أعداء في الفكر، والميول الشريرة، والذين يشعرون بالكراهية للآخرين، ليرجعوا ويكونوا في شركة مع الله.. هذه هي خدمة المصالحة التي أوكلها الله لك ولي.


هل تعتقد أن هذه الخدمة كان يجب أن توكل إلى الملائكة؟... كلا، فالله قد رتب في رحمته وحكمته أن ينيط هذه الخدمة بالبشر وليس بالملائكة ذلك لأنهم هم الذين قد تصالحوا مع الله. والمصالحة هي أعمق احتياج، وهي أيضًا احتياج العالم أجمع... فالمصالحة هي رجوع الذين ضلوا ليكونوا في شركة مع الله.
لقد حاول الإنسان الانتصار على الشر، ليتخلص من التعاسة الكامنة في طبيعته الرديئة، ولكن الله في رحمته رأى أن هذا الكفاح هو الذي حطّم الإنسان.
في سفر التكوين نرى أن الله خلق الإنسان على صورته، ووضعه في مكان جميل، وأصبح الإنسان خاضعًا لله وفي شركة معه، وهنا لم يكن الأمر بحاجة لأن يقوم الله بالمصالحة فالحياة كاملة والإنسان في شركة مع الله، ومع نفسه، ومع العالم، ولكن شيئًا ما قد حدث جعل المصالحة أمرًا ضروريًا، وأصبح صراخ الإنسان للحصول على السلام أمرًا ملحًا... إنها الخطية.
لقد أصبح الإنسان في عداوة مع نفسه ومع الله ومن تلك اللحظة أصبح الإنسان في ميدان للصراع - ولم يعد كسابق عهده - وأصبح في نزاع مع أخيه، ومع الله أيضًا، إذ حاول الهرب والاختفاء من الله، ولم يصبح الله صديقًا بل عدوًا، وأصبح صوت الله بالنسبة له مرعبًا وغير مريح... فهرب الإنسان من الله وأصبح الانفصال كبيرًا، ولم يجد الإنسان وسيلة يرجع فيها مرة أخرى ليكون في شركة مع الله، لذلك أصبح يخاف من الله، ووسط هذه المخاوف أصبح عدوًا لله.
لقد تمت العداوة لأن الإنسان في بعده ومخاوفه أصبح عدوًا للذي خلقه وأوجده، وبالتالي أصبح في خطر، ذلك لأنه في البعد عن الله لا أمان البتة.  لذلك كانت الحاجة إلى المصالحة. ويخبرنا الرسول بولس في كولوسي 21:1 "وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن".
إن الله هو الخالق ومصدر كل الأشياء... أما الإنسان البعيد عن الله فإنه بعيد عن كل شيء خلقه الله... ولا يستطيع أن يصنع شيئًا... تأمل كلمات بولس: "يصالح به الكل لنفسه... عاملاً الصلح بدم صليبه سواء كان ما على الأرض أم ما في السماوات" (كولوسي 20:1). فلقد أخذ الله على عاتقه أن يقوم بعملية المصالحة بإرسال يسوع لنا لأنه سر أن يصالح الكل بواسطة الرب يسوع. لقد أخذ الله الخطوة حين تنازل وخلق الإنسان، ووضع فيه نسمة حياة وجعله إنسانًا، كما أنه سر أن يحوّل أعداءه رجوعًا إليه من خلال يسوع، إذ أجرى الصلح على الصليب لأن المصالحة هي حاجة الإنسان الملحة (2كورنثوس 19:5)، "أي أن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم". هذه هي طبيعة المصالحة أن يصالح الله الإنسان من خلال يسوع. إن عمل الصليب كان عمل الله، وجروح الصليب كانت جروح الله، وحزن يسوع كان حزن الله. الآلام النفسية التي عانى منها يسوع على الصليب كانت أيضًا آلام الله. فلقد دفع يسوع على الصليب ثمن بعدك، ولقد انحنى تحت ثقل الصليب ليرفعك، وفي هذه المصلحة نلاحظ أمورًا ثلاثة:

 

1- المصالحة شيء شخصي

فالمصالحة بيسوع من خلال موته هي شيء شخصي، لأن الله شخص وهو يتعامل مع الخاطئ البعيد شخصيًا. ليتك تأتي الآن فتتم المصالحة.

2- المصالحة للجميع

فالخطوة العملية للمصالحة هي أنك تصطلح مع أخيك، فالله صالحك لنفسه، وأنت أيضًا تصالح أخاك. فنحن جماعة جديدة، وجدران العداوة تحطمت بقوة الروح القدس. فأنت تنظر إلى أخيك وتحبه لأنك قد تصالحت من خلال ابن الله.

3- المصالحة تختص بكل شيء

وبولس يقول أن الله قد صالح كل شيء له. وكل شيء على الأرض يحتاج للمصالحة التي تداوي العالم المحطم. إن الله أخذ المشكلة بكل جدية حتى تجسّد في شخص المسيح، وصار خطيئة لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه. وهذا هو ثمن رجوعنا لله. فهل تريد المصالحة؟
إن الله في المسيح سوف يصالحك إن أتيت إليه ثم يوكلك على أمجد خدمة، خدمة المصالحة.
تعريب الأخ أشرف ألبرت

المجموعة: أيار - حزيران May - June 2013