كانون الثاني - شباط Jan-Feb 2014

القس فضل ناجي"قلت: الأيام تتكلم وكثرة السنين تظهر حكمة" (أيوب 7:32).

مضى عام من حياتنا كانت فيه عناية الرب ورحمته كل يوم، وكانت إحساناته جديدة كل صباح. رحل كثيرون من عالمنا العام الماضي، لكن الرب منحنا حياة ورحمة، وأعطانا كما يقول الكتاب في لوقا 8:13 "اتركها هذه السنة أيضًا"، وهذا هو صوت الرحمة والنعمة.


لم نكن نحن أفضل من الذين رحلوا في العام الماضي، لكنها فرصة جديدة لك ولي لنتعلم منه وندخل عامًا جديدًا، ويكون لنا مع الرب بداية جديدة، إذ يتمم الرب وعده في إشعياء 19:43 "هأنذا صانع أمرًا جديدًا. الآن ينبت".
ليكن شعارنا مع الرسول بولس: "أفعل شيئًا واحدًا: إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدّام". لنتعلم من عام مضى... ليكن العام الجديد هو عام إعادة الحسابات، وترتيب الأولويات، والصلاة، والتفكير قبل اتخاذ القرارات، ويكون فرصة لشفاء العلاقات المكسورة بيننا وبين الآخرين، وأول هذه العلاقات هي العلاقة مع الله.  لنرجع إلى الرب فيشفينا ويجبر كسرنا. لنبدأ من جديد نرمم المذابح المتهدمة في حياتنا، ونتوب عن كل أمر لا يرضى عنه الرب، ويكون صوتنا من القلب: "هلم نرجع إلى الرب".
كم من قرارات أخذناها وندمنا عليها لأنها جلبت علينا الكدر والمشاكل. فليكن الدرس لنا وهو أن نصلّي ونتأنّى قبل أن نتخذ أي قرار حتى يكون النجاح من إله السماء ويعوّض ما ضاع من الحياة.
أيام وشهور ضاعت في الكلام على الآخرين والنميمة، بدلًا من أن نقضيها في الصلاة ودراسة الكلمة، أو تقديم خدمة في ملكوت الله. ها هي سنة جديدة لنفتدي فيها الوقت لأن الأيام شريرة ونتعلم من الماضي.
كم من كلمات خرجت من أفواهنا سببت ألمًا وجرحًا لمن حولنا؟ ليتنا من الآن تكون كلماتنا سبب بركة وتشجيع للآخرين، وسبب فرح لمن حولنا، نحبهم من جديد، ونقبلهم، ونعيش معهم في شركة وسلام.
لا تدَعوا عامًا يمضى وراء عام دون أن تتعلموا. وتمضي الحياة كلها، ونأتي إلى النهاية، ويتم فينا كلام أليهو: "ليس الكثيرو الأيام حكماء" (أيوب 9:32). لكن، لنكن حكماء ونفتدي الوقت لأن الأيام شريرة. لنكن حكماء ونتعلم من عام مضى... نتعلم من وقت ضائع، نتعلم من كلام لاذع، نتعلم من قرار هائج، ويكون العام الجديد هو عام كلام نافع، وقرار صائب... لنرجع إلى الرب ونعترف عن خطايانا، لنذهب إلى الآخرين ونعتذر عن إساءتنا، ونبدأ سنة كلها شفاء، لأن في التوبة الشفاء، وبعد الشفاء يأتي الهناء.
قال الرب يسوع هذا المثل في لوقا 6:13 عن شجرة التين التي لم تأتِ بثمر لثلاث سنين، لذلك قرر صاحب الكرم أن يقطعها لأنها تبطل الأرض بمعنى أن لا قيمة لوجودها. لكن، كان رأي الكرام أن يتركها هذه السنة أيضًا حتى ينقب حولها ويضع زبلًا. وهذا هو صوت الرحمة لنا جميعًا. كان صوت العدل يقضي أن نموت جميعًا، لكن رحمة الله ونعمته أعطت لنا فرصة جديدة، وسيغمرنا الرب  بإحسانه، ويحيطنا ببركاته. سيرسل لنا كل يوم أحسانًا جديدًا وبركة يومية. سيتم فينا القول المبارك والوعد المعزّي الذي قاله الرب لشعبه قديمًا في سفر التثنية 12:11 وكأنه عن حياتنا يقول: "أرض يعتني بها الرب إلهك. عينا الرب إلهك عليها دائمًا من أول السنة إلى آخرها"، لعل ذلك ينشىء فينا توبة ورجوعًا إلى الرب، ونستيقظ من حياة الفتور الروحي الذي ملأ اجتماعاتنا وبيوتنا، ونثمر لله في هذه السنة ثمرًا مضاعفًا نخدم الرب ونحب النفوس. كم من سنين مرت في حياتنا وتم فينا القول أنها "تبطل الأرض"، بمعنى أنه لم يكن لحياتنا قيمة، ولا هدف، ولا معنى، ووجودنا لا يغير من حولنا، ولا تأثير له. هل نستمر نعيش هذا العام أيضًا بلا هدف؟ لنقل جميعًا: بنعمة الرب، لا للحياة التي بلا هدف. ونعم للحياة التي هدفها إرضاء الرب وخدمة النفوس، وبذلك نحيا في هذه الحياة لإسعاد كل من الرب المعبود يسوع المسيح والنفوس. إنني من كل القلب وبكل ثقة أؤكد لكم يا أحبائي، أنكم تقرأون هذا المقال بترتيب من العناية الإلهية وليس صدفة. لندخل عامًا جديدًا ونحن في مصالحة مع الرب بالتوبة والرجوع، ومصالحة مع نفوسنا ومع الذين حولنا، ندخل بفرح، وشفاء، وسلام، وثقة بأن الذي ابتداء فينا عملًا صالحًا هو يكمّل إلى يوم يسوع المسيح.

صلاة

ربى يسوع، أشكرك لأنك منحتني حياة ورحمة للعام الجديد. ساعدني أن أعيشه في رضاك وفي خدمتك، ولتكن حياتي مشبعة لقلبك، وسبب فرح لمن هم حولي، فتصير لحياتي قيمة ومعنى لأنك أنت هدفها وغايتها. أعظمك لأنك تستجيب صلاتي، فأنت بهجة خلاصي، وأعظم حبيب لي، وقلبي اختارك لتكون نصيبًا لي. آمين.

المجموعة: كانون الثاني-شباط Jan-Feb 2014