كانون الثاني - شباط Jan-Feb 2014

الدكتور القس ميلاد فيلبسعندما نتكلم عن الصلاة والانتعاش، أو الصلوات الانتعاشية، والانتعاشات الكنسية فإننا نرى أنفسنا مضطرين أن نطرق باب الامتلاء من الروح القدس. إن الكتاب المقدس يعلن لنا أنه لا يمكن أن يوجد ما يسمى بالصلاة الفعالة بدون عمل الروح القدس، ولا انتعاش حقيقي بدون سكيب الروح القدس. أما الامتلاء بالروح القدس فقد يكون عملًا فجائيًا واختبارًا مستمرًا لكنه يتميز بثلاثة أمور:


1- في سفر الأعمال 52:13 "كانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس". كما قال مختبر: مثل بحيرة تمتلئ دوامًا بالمياه الناشئة عن ذوبان الثلج على الجبل أي الصلاة بصفة دائمة.
2- وفي أعمال 6:5 "إستفانوس كان رجلًا ممتلئًا من الروح القدس" أي متزنًا ثابتًا، غير متزعزع أو متقلّب. لم يكن تارة باشًا وطورًا عبوسًا. إن الممتلئ له مسحة ملائكية في كلامه وسلوكه، فالامتلاء اختبار يومي "كأسي ريا".
3- وأخيرًا، في أعمال 8:4 "بطرس امتلأ ثانية من الروح القدس" عندما أراد أن يخاطب السنهدريم، فناله فجأة إعدادًا للمهمة المقبلة. وهذا يأتي بنا إلى دراسة الإمكانيات الإلهية والاستعدادات البشرية، وأخيرًا المظاهر الآنية أو:

 

أولاً: وسيلة الانتعاش

قدّم لنا الروح القدس إيضاحًا في أعمال 11:15 لما بدأ بطرس يتحدث في بيت كرنيليوس، حل الروح القدس "فلما ابتدأت أتكلم"، عاونه الروح: وهذا الاختبار يؤكد لنا:
1- المعية: فقد امتلأ بطرس بالروح القدس ثلاث مرات في سفر الأعمال 2 و4. إن عدد ثلاثة قد لازمه كل أيام حياته. قال أحدهم: المؤمن كالساعة يحتاج إلى ملء القوة كل يوم ليمكنه من السير بانتظام في حياته اليومية.
2- اللاذاتية: إن نزوله في بيت دباغ حيث رائحة الدباغة والحيوانات، دليل قاطع على إخلاء النفس من الكبرياء كسيده. كان القس تشارلس فني إذا ما شعر بأن الخدمة قد استنفذت قوته الروحية، يرتمي على الرب صائمًا ومصليًا لمدة ثلاثة أيام، بعدها يلتهب قلبه بنيران المحبة للنفوس والجهاد الروحي.
3- الروحانية: في أعمال 9:10 "صعد على السطح ليصلي إلى الله في الساعة السادسة". إنه رجل لا يضيع الوقت بل يعرف كيف يستخدمه فيما ينفع.
4- اللامركزية: إن المعتقدات القديمة تملي علينا دائمًا نظرياتنا. "كلا يا رب. لأني لم آكل شيئًا قط دنسًا أو نجسًا" (أعمال 14:10). إن نظرنا إلى المسيح كفايتنا.
5- الألمعية: أو تفهم صوت روح الله. "هوذا ثلاثة رجال يطلبونك، قم واذهب إليهم". من الجلي لنا أن كتابنا يوضح أنه عندما نود تمييز صوت الله، يجب أن نظهر استعدادنا للخضوع لصوت الروح أولًا، والتوافق وكلمة الله، وانتظار الله حتى يهيّئ الظروف المناسبة أي انسجام التأثير الداخلي وكلمة الله مع الظروف الخارجية. قال الروح: سمع ثلاثة رجال يقرعون، رأى رؤيا.
6- العقلانية: عندما سجد كرنيليوس لبطرس "أقامه بطرس قائلًا: "قم أنا أيضًا إنسان".
7- الغيرية: كان درس مدرسة الأحد عن الصلاة، واندهش أحد الأولاد لأن معلمه لم يتحدث قط عن يسوع المسيح، فسأله عن إغفاله لهذا الاسم. أجاب المدرس: إن هذا الموضوع لا يوجد إلا في آخر الكتاب. يا للجهل! إن المسيح في كل سفر بل إنه موضوع جميع الأسفار.

ثانيًا: ملامح الانتعاش

أشار يسوع إلى يوم الخمسين (يوم الانتعاش وتأسيس الكنيسة) في يوحنا 14 و16، مستهلًا كلامه بالقول: "في ذلك اليوم".
1- "تعلمون أني أنا في أبي" أي إمكانية الاقتراب إلى الله بثقة رغمًا عن حالتنا لأننا في المسيح "وأنت فيّ". إذًا لنا قبول تام، والأهم "وأنا فيكم". إن الإصحاح الذي يبدأ بالمنازل الكثيرة والسكنى مع الله (يوحنا 14) هو الذي ينتهي بسكنى الله فينا. هل تعلم أن الهندوس يصلون إبتغاء إفناء شخصيتهم في الله، أما نحن فنسعى لقبول طبيعة الله كقوة عاملة فينا.
2- "في ذلك اليوم لا تسألونني شيئا"ـ وفي الأصل "لا تسألونني أسئلة". إن حياة الإيمان ترتبط بالمنطق والحجة إلى أن يخضع الإنسان ذاته لعمل الروح. عندئذ يتم القول: "أصلي بالروح وبالذهن أيضًا".
3- "تطلبون باسمي" – بطبيعتي، أي بما يتفق بطبيعته وقداسته. بمعنى آخر، طبيعتي وروحي يطلبان فيكم.
4- "فهو (أي الروح القدس) يشهد لي وتشهدون أنتم أيضًا"،وهذا يشير إلى أن مهمة المؤمنين في العالم ليس المجادلة بل الخدمة وتوصيل رسالة المحبة

ثالثًا: نتائج الانتعاش

"أمكثوا في أورشليم إلى أن تُلبسوا قوة من الأعالي"، و"لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم". في إحدى حملات بلي جراهام الانتعاشية في ألمانيا، نشرت إحدى الصحف ما يفيد أن بللي جراهام يتلاعب بمشاعر الناس وعواطفهم عن طريق الموسيقى أثناء الترنيم. لما بلغ الأمر اليه، وضع الأمر بين يدي الله، واقترح أن لا يستخدم الموسيقى في اليوم التالي. ظهرت الجريدة في اليوم التالي لتحمل نبأ غريبًا بأن بلي جراهام لم يستخدم الموسيقى حتى يثير الناس عن طريق الصلوات والإلحاح. هذا هو موقف العالم من قوة الله غير المحدودة. هل تملك هذه القوة؟ إنها:
1- قوة في الصلاة: إنه عن طريق الصلاة يمكننا أن نصل إلى العالم من حولنا بدون ترك موقع خدمتنا. كما أنه لا يمكن عمل شيء نافع لله بدون الصلاة.
2- قوة في الحياة: "ما دام الملك في مجلسه أفاح نارديني رائحته"، هذا هو سر ومصدر الحياة المؤثرة.
3- قوة في الكلام: "لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم"، فبواسطة قيادة الروح تفيض كلمات النعمة والتقوى والتشجيع "لساني قلم كاتب ماهر" – "كلام حكمة، كلام علم".
4- قوة في الخدمة: وهنا يستخدمنا الله أينما نذهب. صلى أحدهم عند فتح الصين للإنجيل: يا رب! هنا أرواح كثيرة، حرر يا رب الصين. وتم الانتصار.
ذكر إزوالد سميث بعض الشروط للامتلاء بالروح منها: التعطش الشديد، والاعتراف بكل خطية، وإخضاع النفس لإرادة الله، والمكوث في المحضر المقدس
قد تسير سفينة أشواقنا الروحية إلى المرفأ ببطء بسبب كثرة حمولتها وثقلها، لكنه بالإيمان والطاعة والصلاة تفوز بالمطلوب بلا فشل. لقد جاءت القوة العظيمة للقس كودي في الطريق، فدخل أول بيت صادفه من بيوت معارفه، وصرف نحو ساعتين تقريبًا في الصلاة. صرخ من شدة القوة عليه: يا رب! ارفع يدك لئلا أموت لأن الإناء لا يسع أكثر من ذلك. ألا يجب أن تكون صلاتنا: يا رب! وسّع الإناء ليسع أكثر من ذلك.

المجموعة: كانون الثاني-شباط Jan-Feb 2014