أيلول September 2014

القس رضا عدليرسالة أفسس هي سلوك كنيسة المسيح في مجتمع مختلف – ونحن مطالبون أن نسلك كأولاد لله في وسط جيل معوج وملتو... وفي وسط عالم لا يخضع لله، فكيف يكون هذا؟

إن التدقيق في حياتنا يشمل السلوك: السلوك كما يحقّ للدعوة (أفسس 2:5)، السلوك في المحبة (أفسس 8:5)، السلوك كأولاد نور ( أفسس 16:5). والسؤال الآن هو: هل المطلوب أن ننظر كيف نسلك بالتدقيق؟ أم أن ننظر بالتدقيق كيف نسلك؟ والفارق بين السؤالين أن الأول يهتم بالتطبيق والثاني يهتم بالأساس. إن السلوك بالتدقيق هو

أولاً: سلوك افتداء الوقت

"افتداء"، كلمة تجارية كانت تستخدم في المقايضة، أي شراء سلعة بسلعة... أي أن نشتري إنجازات بالوقت، أن نخطط كيف نحدث موازنة بين الوقت المطلوب والوقت الفعلي. وهذا يحتاج منا إلى ترتيب أولويات حياتنا. وإذا زاد الوقت المطلوب عن الوقت الفعلي علينا أن نعيد ترتيب أولياتنا، لأن "لكل شيء زمان، ولكل أمر تحت السماوات وقت" (جامعة 1:3).


كيف نوفر الوقت؟

صلّ... ضع أهدافك... ضع جدولاً للتنفيذ.

تعلّم أن تقول: "لا" للأنشطة التي لا تتفق مع أهدافك وأولوياتك.

تدرب على كيفية توزيع ما يشغل الغير ويستخدم مواهبهم ويجعلهم يشعرون بالانتماء، ويعطيك مزيدًا من الوقت، وما أحلى شركة الخدمة.

فكر في أفضل الطرق لإتمام المهمة المطلوبة: أحيانًا يكون التليفون أفضل من الزيارة... والتقرير قد يوفر وقت جلسة.

استخدم ما تنتجه مرتين، فأنا مثلاً استخدم درس الكتاب في أن يكون أساس عظة، والعظة تصلح أن تكون مادة مقالة، والمقالة يمكن أن يتطوّر إلى حديث إذاعي، وغالبًا ما نستخدم القميص لأكثر من رداء!

استخدم وقتك مرتين. تجنب مضيّعات الوقت (التلفزيون... التليفون...).

اربط بين الأشياء التي توجد في مكان واحد، والمطلوبة من شخص واحد، والمرتبطة بموضوع واحد.

لا تترك عمل اليوم للغد، وتعلّم كيف تستخدم ما أسمّيه "فتات الوقت". فالقليل المتكرر يصبح كثيرًا! افتدِ الوقت لأن الوقت لا يمكن استرجاعه.

لا يمكن إضافة الوقت... فما فات من الوقت قد فات.

"مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة"، وكلمة شريرة يمكن أن تترجَم "خادعة"... إن إبليس يخدعنا بدعوى أن الوقت كثير وأن الفرص باقية... الآن الأيام شريرة.

ثانيًا: سلوك فهم مشيئة الرب

كثيرون يلجأون إلى طرق عشوائية لمعرفة مشيئة الرب مثل العلامات والرسائل، وفتح الكتاب! وكثيرون يظنون أن الطريق السهل معناه إرادة الرب لهم، والطريق الصعب معناه عدم رغبة الرب، وهذا غير صحيح لأن يونان وجد سفينة العصيان، وبولس يقول: "لأنه قد انفتح لي باب عظيم فعّال، ويوجد معاندون كثيرون" (1كورنثوس 9:16). بل إن الطريق المسيحي كرب وبابه ضيق، وبالرغم من ذلك هو إرادة الرب الصالحة المرضية الكاملة للبشر. ولا شك أن الرب يتكلم معنا بسكنى الروح القدس الذي يعلمنا ويرشدنا ويذكرنا بكل ما قاله يسوع.

لاحظوا التطابق في أفسس 15:5 و17 بين الكلمات التالية: "لا كجهلاء بل كحكماء"، وتقابلها "لا تكونوا أغبياء بل فاهمين"، فاهمين ما هي مشيئة الرب. غالبية الناس يسألون: كيف أعرف مشيئة الله في حياتي؟ وهم يقصدون المعرفة العقلية، بينما الكلمة التي يستخدمها الرسول هنا تعني المعرفة التي نكتسبها بواسطة الممارسة العملية.

يقول الرسول في رومية 1:12 "فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله، عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر، بل تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا ما هي إرادة الله: الصالحة المرضية الكاملة".

عندما أقوم أنا بدوري فإن الله سيقوم بدوره أيضًا. أو بكلمات دقيقة سأكون في الوضع الذي يمكّنني من اختيار معرفة إرادة الله التي أعلنها لي. إنه "يهديني إلى سبل البر"، إنه "يدرّب الودعاء في الحق" لأنه يقول: "من هو الإنسان الخائف الرب؟ يعلمه طريقًا يختاره... سر الرب لخائفيه..." (مزمور 3:23 و12:25 و14).


ثالثًا: سلوك الحياة الممتلئة بالروح

لنلاحظ العلاقة بين السلوك بالتدقيق من جهة، وبين افتداء الوقت وفهم مشيئة الرب، والحياة الممتلئة بالروح من الجهة الأخرى، هذا لأن افتداء الوقت لن يتم إلا إذا فهمنا مشيئة الرب لحياتنا، ولن تتم مشيئة الرب في حياتنا إلا إذا امتلأنا بالروح. كما يصح أن نقول أنه إذا امتلأنا بالروح سنسلك بالتدقيق مفتدين الوقت، فاهمين ما هي مشيئة الرب. يقول الكتاب: "ولا تسكروا... بل امتلئوا". فكما أن السكر هو خطية الخاطئ، فإن عدم الامتلاء بالروح القدس هو خطية المؤمن. ولا يمكن أن يُفهم من هذه الكلمات أن الممتلئ بالروح يكون كالسكران لا يعي ما يفعل، فهذا ما نفاه بطرس في يوم الخمسين قائلاً: "هؤلاء ليسوا سكارى كما أنتم تظنون" (أعمال 15:2).

إن الممتلئ بالروح له ثمر ضبط النفس أو التعفف، لكن المقارنة هنا بين السكر والامتلاء تعني أنه كما أن السكران يقع تحت سيطرة الخمر كذلك المؤمن ينبغي أن يكون تحت قيادة وسيادة الروح القدس. إن التعبير "امتلئوا بالروح" يمكن أن يترجم امتلئوا في الروح أي أن يكون الروح القدس هو الجو المحيط... المجال الذي أتحرّك وأحيا وأوجد فيه، خارجيًا، كما أنه القائد والرئيس والسيد داخليًا.

إنه أمر إلهي، وينبغي أن يُطاع الله، وهو أمر لنا كلنا أن نمتلئ بالروح. إن كنت قد آمنت بالرب فالروح القدس ساكن فيك وبه ختمت، والامتلاء بالروح لا يعني أن آخذ المزيد من الروح القدس "لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح" (يوحنا 34:3)، بل يعني إعطاء الروح القدس الموجود فينا المزيد من السيادة والسلطة في حياتنا.


المجموعة: أيلول (سبتمبر) September 2014