rasmi_Ibrahimقدّم الرب يسوع، له كل المجد، وعدًا ثمينًا بقوله: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم." وهذا الوعد تم مع تلميذَي عمواس كما نقرأ في لوقا 14:24، الآية التي سيدور حولها حديثي. كان التلميذان منطلقين من أورشليم إلى قريتهما وهما يتحدثان عن الأمور التي حدثت ليسوع. وفيما هما يتكلمان اقترب منهما يسوع وسألهما:

"ما هذا الكلام الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسين؟"
فأجاب كليوباس: عن الأمور "المختصة بيسوع الناصري، الذي كان إنسانًا نبيًّا مقتدرًا في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب. كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه... اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك. بل بعض النساء منا حيّرننا إذ كن باكرًا عند القبر، ولما لم يجدن جسده أتين قائلاتٍ: إنهنّ رأين منظر ملائكة قالوا: إنه حيٌّ." فقال لهما يسوع: "أيها الغبيّان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء! أما كان ينبغي أن المسيح يتألّم بهذا ويدخل إلى مجده؟ ثم ابتدأ من موسي ومن جميع الأنبياء يفسِّر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب." ولما وصلا إلى بيتهما ألزماه أن يمكث معهما، فدخل وأخذ خبزًا وبارك وكسّر وناولهما، فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. ثم رجعا إلى أورشليم، ووجدا الأحد عشر تلميذًا مجتمعين، وأخبراهم كيف عرفاه عند كسر الخبز. ولي معكم ثلاث كلمات:
أولًا، حديث أليم
ثانيًا، رفيق حكيم
ثالثًا، تفسير وتعليم

أولًا، حديث أليم

كانا في طريق هروبهما، من أورشليم إلى بلدتهما عمواس، يتطارحان الكلام وهما ماشيين عابسين. لقد كانا يستعيدان في حزن شديد الأحداث التي حدثت ليسوع، النبي المقتدر في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب؛ ذاك الذي كان جميع تابعيه يعوّلون عليه ويرجون أنه سيفدي إسرائيل. ولكن، مع هذا كله، فقد صار له ثلاثة أيام منذ أن مات مصلوبًا، والموت صلبًا هو أصعب الميتات! ولو فنّدنا كلماتهم لرأينا أمرًا غريبًا: فمع أنهما من تلاميذ المسيح السبعين—كما قال أغلب المفسرين—إلا أنهما يقولان عن يسوع أنه كان إنسانًا ونبيًّا فقط ولا يعرفون أنه ابن الله.

ثانيًا، رفيق حكيم

وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه، وكان يمشي معهما، "ولكن أُمسكت أعينهما عن معرفته"؛ كما حدث قبلًا مع المجدلية، إذ يقول الكتاب: "فظنت تلك أنه البستاني"؛ وحدث لاحقًا مع بعض التلاميذ عند بحر طبرية إذ يقول الكتاب: "ولكن التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع."
وقد نتساءل: لماذا لم يعرف تلميذَي عمواس الرب يسوع؟
واضح من كلام الرب يسوع أن السبب هو ضعف إيمانهما، وغباوتهما، وبطء قلبيهما في الفهم.
قام تلميذَي عمواس بأعظم الرحلات فائدة إذ كان رفيقهما في هذه الرحلة هو الرب يسوع—تبارك اسمه—"المذّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم"، "الإله الحكيم الوحيد مخلّصنا، له المجد والعظمة والقدرة والسلطان، الآن وإلى كل الدهور" الذي في حكمته المطلقة أعلن لهما عن نفسه تدريجيًّا.

ثالثًا، تفسير وتعليم

تحدّث المسيح إليهما وأعلن أن الأنبياء تنبأوا عنه وسألهم: "أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟ ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسّر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب." لقد استخدم الرب يسوع أعظم كتاب على الإطلاق: فسّر لهما الحق المكتوب! لقد أخرج من مخازن الكلمة المقدسة الجواهر والدرر الثمينة بأسلوبه الرائع عن النبوات المختصة بموته وقيامته. ما أعظم تأثير حديث الرب يسوع المسيح! عندما وصلا إلى بيتهما ألزماه أن يدخل معهما، "فدخل ليمكث معهما. فلما اتّكأ معهما، أخذ خبزًا وبارك وكسّر وناولهما، فانفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما." وعند ذلك تأكدوا صحة حديث النسوة الذي أكده ذهاب بعض التلاميذ إلى القبر ووجدوا هكذا كما قالت النساء. قام التلميذان تاركين عمواس ذاهبين إلى أورشليم، ولما وصلاها تكلما "بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز." وبذلك أضافوا برهانًا آخر إلى البراهين التي تؤيد قيامة الرب يسوع المسيح.
افرحوا وتهللوا لأن المسيح قام بالحقيقة! قام وأقامنا معه، هللويا!

المجموعة: نيسان (إبريل) 2015