الدكتور القس لبيب ميخائيلمن المحزن المبكي أن كثيرين من أعضاء الكنائس لا يعرفون معنى الخلاص ولم يختبروا يقينه وفرحه.
هناك ثلاثة أنواع من الناس يختلف الواحد منهم عن الآخر في موقفه تجاه خلاص الله:
النوع الأول: هم الذين لا يبالون بالخلاص، هؤلاء تنطبق عليهم الكلمات: "لأني دعوت فأبيتم، ومددت يديّ وليس من يبالي." (أمثال 24:1)

 

النوع الثاني: هم المستريحون على عقائدهم الموروثة والمتّكلون على طقوس وفرائض كنائسهم. هؤلاء تنطبق عليهم الكلمات: "مُسْتَرِيحٌ مُوآبُ مُنْذُ صِبَاهُ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ عَلَى دُرْدِيِّهِ، وَلَمْ يُفْرَغْ مِنْ إِنَاءٍ إِلَى إِنَاءٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى السَّبْيِ. لِذلِكَ بَقِيَ طَعْمُهُ فِيهِ، وَرَائِحَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ." (إرميا 11:48)
والإنسان المستريح على عقائده التي ورثها عن آبائه، والتي لا تتفق مع كلمة الله... الإنسان المستقرّ على أقذاره... الإنسان الذي لم تنقله نعمة الله من حمأة شروره إلى حرية مجد أولاد الله... تبقى فيه وتظهر كل أعمال الجسد، ورائحته تفوح من كلماته، وشتائمه، وأحاديثه القذرة كما يقول بولس الرسول:
"حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً." (رومية 13:3-14)
النوع الثالث: هم الباحثون بإخلاص عن طريق الخلاص، الذين يشتاقون إلى اختبار حياة المسيح فيهم، وإلى هؤلاء أوجّه هذا الحديث.

معنى الخلاص

حين شعر حافظ سجن فيلبي بثقل خطاياه، وواجه دينونة الله، سأل بولس وسيلا: "يا سيديّ، ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟" (أعمال 30:16)
ماذا يعني هذا السؤال؟
يعني أن حافظ السجن أدرك أن هناك إلهًا قويًا يجلس على عرش السماء، وأدرك أنه لا بدّ أن يُدان أمام هذا الإله، فأراد أن يعرف طريق الخلاص من الدينونة الأبدية.
ويعني أن حافظ السجن شعر بثقل خطاياه، وأراد أن يعرف الطريق الأكيد لنوال الغفران.
ويعني أن حافظ السجن أدرك أنه يعيش تحت سلطان الشيطان وأراد أن يخلص من سيادة الشيطان.
فالخلاص يعني النجاة من دينونة الله.
ويعني الخلاص من الشعور بالذنب.
ويعني الخلاص من سيادة الشيطان.
وكان جواب بولس وسيلا لحافظ السجن:
"آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص..." (أعمال 31:16)
أبهذه البساطة ينال الإنسان خلاص الله؟ أليس من الضروري أن يعمل الإنسان أعمالاً صالحة ليحظى بالغفران والنجاة من دينونة الله؟
وجواب الكتاب المقدس: "وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا، وَقَدْ ذَبُلْنَا كَوَرَقَةٍ، وَآثَامُنَا كَرِيحٍ تَحْمِلُنَا." (إشعياء 6:64)
فأعمال الإنسان الصالحة في نظر الله القدوس، كثوب مهلهل لا يستر عريًا... والاتكال عليها لن يخلّص الإنسان.

الخلاص بنظرة

شرط الخلاص الوحيد هو نظرة واثقة إلى المسيح المصلوب... ثقة مطلقة في كفاية الصليب للخلاص.
حين تكلم شعب إسرائيل وهو في البرية ضدّ الله وضدّ موسى النبي أرسل الرب على الشعب الحيات المحرقة فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون.
"فَأَتَى الشَّعْبُ إِلَى مُوسَى وَقَالُوا: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِذْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَيْكَ، فَصَلِّ إِلَى الرَّبِّ لِيَرْفَعَ عَنَّا الْحَيَّاتِ». فَصَلَّى مُوسَى لأَجْلِ الشَّعْبِ. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْنَعْ لَكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلَى رَايَةٍ، فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا يَحْيَا». فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلَى الرَّايَةِ، فَكَانَ مَتَى لَدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَانًا وَنَظَرَ إِلَى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا." (العدد 7:21-9)
كانت لدغة الحية السامة تعني الموت المحتم، وكان الطريق إلى الحياة نظرة واثقة إلى حية النحاس... نظرة تصدّق تمامًا ما قاله الرب "فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا يَحْيَا."
كانت الحياة تُعطى في لحظة. وكان الذي يختبرها يعرف أنه نال الحياة فيقفز طربًا ويمتلئ قلبه فرحًا. وقد قال الرب يسوع المسيح:
"وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يوحنا 14:3-15)
الفرق بين الحية المحرقة وحية النحاس، أن الحية المحرقة كان في أنيابها السم الزعاف، أما الحية النحاسية فكانت خالية تمامًا من السم. والرب يسوع المسيح أخذ صورة الإنسان الأثيم، لكنه خلا تمامًا من خطية الإنسان. كان منزّهًا عن الخطأ، ونظرة إلى المسيح المصلوب بثقة في كفاية ما عمله على الصليب للخلاص، تعطي للخاطئ حياة جديدة، وتخلصه من الشعور بآلام، وثقل، وعذاب الخطية. هذه حقيقة أشرقت على اللص الذي صُلب إلى جوار المسيح... فأدرك أن المسيح ليس مجرد إنسان... أعلن له الروح القدس أنه القدوس الأزلي، ابن الله، فاتجه إليه صارخًا:
"اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك." (لوقا 42:23)
لم يكن لدى اللص وقتًا للصوم، أو للقيام بعمل صالح. كل الذي فعله أنه آمن بالرب يسوع وخلص في لحظة، وأكّد الرب خلاصه بكلماته: "الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ." (لوقا 43:23)

ثمر الخلاص

حين تخلص تذهب منك رائحة العفونة.
لما وقف الرب يسوع أمام قبر لعازر، قال للحاضرين:
"[ارْفَعُوا الْحَجَرَ!». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا، أُخْتُ الْمَيْتِ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ.»" (يوحنا 39:11)
ورفع الحاضرون الحجر وفاحت رائحة العفونة! كان لعازر قد أنتن، وصرخ بصوت عظيم: "لعازر، هلم خارجًا! فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل." (يوحنا 43:11)
لقد وهب الرب يسوع حياة جديدة للعازر، وعندما دخلت الحياة الجديدة جسده تلاشت رائحة العفونة منه.
"إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2كورنثوس 17:5)
تلاشت عفونة اللسان، وعفونة الخطايا الجنسية، وعفونة الحقد والحسد، ونال لعازر الحياة الجديدة في لحظة، وخرج من قبره بقوة هذه الحياة الجديدة.
تعال لنسأله: هل نلت الحياة يا لعازر أم أنت ما زلت ميتًا؟ هل أنت متيقن تمامًا من نوالك الحياة؟ الجواب الذي نتوقّعه: لقد أعطاني الرب يسوع حياة جديدة، وأنا على يقين كامل من نوالي هذه الحياة. وقد نلت هذه الحياة بكلمة الرب يسوع حين ناداني: "هلمّ خارجًا."
الخلاص في لحظة! ومن يخلص عليه أن يعترف بنواله الخلاص.
هكذا خلصت المرأة التي دخلت إلى يسوع في بيت سمعان إذ قال لها يسوع:
"إيمانكِِ قد خلصكِِ، اذهبي بسلام." (لوقا 50:7)
وفي وسعك يا قارئي الحبيب أن تفتح قلبك الآن للرب يسوع... أن تنظر إليه مصلوبًا لأجلك على صليب الجلجثة... أن تثق من كل قلبك فيما عمله على الصليب لأجلك فتخلص وتعترف بنوالك هذا الخلاص الثمين.

المجموعة: شباط (فبراير) 2016