الدكتور وجيد جرجسيخبرنا الروح القدس بلسان الرسول القديس بولس: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح، الذي به أيضًا (أي المسيح) قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله." (رومية 1:5-2)
لنمتحن أنفسنا: هل حقًا اختبرنا "هذه النعمة"؟ وهل لمسنا واختبرنا محبة الله الوفيرة لنا؟

إن كلمة "فإذ" تثبت حقيقة تبريرنا بالإيمان بالله إن كنا حقًا قد آمنّا بابنه. وهي تفتح لنا باب ماضينا المؤلم إلى حاضرنا المنتصر؛ إلى مستقبل رائع مع مخلصنا الرب يسوع. إنها الحجر الذي رُفِعَ عن قبر الرب يسوع لنرى ونختبر معه ثمار قيامته.
إن الرسول بولس هنا يرفع الحجر عن مستقبل مجيد ليرينا ثمر قيامة الرب يسوع من الأموات، ولذلك يرانا الرب مبررين من خلال الإيمان بابنه. إن كلمة "فإذ" جاءت بمعنى "حيث" وُتقرأ هكذا: "حيث أننا قد تبررنا بالإيمان". لأننا جميعنا كنا أبناء الغضب وبعيدون عن نعمة الله. "الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد." (رومية 12:3)

أولاً: كيف يحدث هذا التبرير؟ ومن أين يأتي؟

1. يأتي بالنعمة: "متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح." (رومية 24:3) إنه تبرير مجاني بالإيمان من القلب بالرب يسوع الفادي ومخلصنا الشخصي. صحيح أنه مجانى بالنسبة لنا نحن المؤمنين، لكن الرب يسوع دفع فيه ثمنًا غاليًا جدًا. تألّم وسفك دمه من أجلنا، أُهانوه وبصقوا عليه، ثم عُلّق على خشبة كأي مجرم ارتكب جريمة شنعاء إذ "أحصي مع أثمة."

2. يأتي من الله: "الله هو الذي يبرر." (رومية 33:8) وكل ما يعمله الله هو كامل كما هو مذكور في الجامعة 14:3 "قد عرفت أن كل ما يعمله الله أنه يكون إلى الأبد. لا شيء يُزاد عليه، ولا شيء يُنقص منه."
3. يأتي بالدم: "فبالأولى كثيرًا ونحن متبررون الآن بدمه نخلص به من الغضب!" (رومية 9:5)
ولكي نتبرر من خطايانا لا بد أن يُدفَع ثمن لهذه الخطايا كما قال الكتاب في عبرانيين 22:9 "وكل شيء تقريبًا يتطهّر حسب الناموس بالدم، وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة".
كان لا بد للرب يسوع أن يموت نيابة عنا ويسفك دمه لتبريرنا من خطايانا ويقوم أيضًا.

4. يأتي أيضًا بقيامة الرب يسوع من الأموات: "الذي أُسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا". (رومية 25:4) وإن لم يكن المسيح قد قام لن يكون لنا خلاص، ونكون نحن أشقى جميع الناس. إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح، فإننا أشقى جميع الناس. ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين". (1كورنثوس 19:15-20)

5. يأتي بالإيمان: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح." (رومية 1:5)
فالسلام يأتي بالإيمان بالرب يسوع فقط وليس بأي شيء آخر. "بر الله بالإيمان بيسوع المسيح، إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون. لأنه لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله، متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح." (رومية 22:3-23) فالإيمان هو القناة التي من خلالها يحدث التبرير وتتدفق القداسة إلى حياتنا.
6. يأتي بالشهادة أي بالكلام والأعمال، وبالاعتراف بالخلاص. "فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم... لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان." (متى 34:12-37) إنها العلامة على التغيير، فالخلاص هو أن يكون كلام المؤمن عاكسًا لإيمانه. وبذلك نستطيع أن نقول معًا إن الله قد بررنا من خلال نعمته على أساس دم يسوع وببرهان قيامة يسوع من الأموات، وقد حصلنا على التبرير بالإيمان مُبَرهََنًا بشهادتنا وأعمالنا. فنجد في التبرير أن الله هو المنبع، ودم يسوع هو الأساس، وقيامة يسوع هي البرهان.

ثانيـًا: ما هي نتائج التبرير؟

أ- المصالحة مع الله: "لأنه فيه (في المسيح) سُرَّ أن يحلّ كل الملء، وأن يصالح به الكل لنفسه (المسيح هو المصالح)، عاملًا الصلح بدم صليبه، بواسطته، سواء كان: ما على الأرض، أم ما في السماوات ".(كولوسي 19:1-20) الفرصة مفتوحة للكل (بلا استثناء) أن يتصالحوا مع الله من خلال الرب يسوع وبدمه الغالي الذي سفكه عنا على الصليب.

ب- سلام الله في القلب: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رومية 1:5) الله دعا نفسه إله السلام. فالسلام هو خاصة من خصائص الله وطباعه.

ج- الحياة المثمرة: قال الرب يسوع: "أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام. كل غصن فيّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر." أي الثمر الصالح الذي يمجد إلهنا ومخلصنا. (يوحنا 1:15-2)

ثالثًا: ما هو سبب انحناء نفوسنا؟

نحن الذين حصلنا على خلاص الله، يجب ألّا نكون منحنين في نفوسنا كأننا لم نحصل على سلام الله. هل يمكن أن يكون عمل الله من خلال المسيح على الصليب بلا نتيجة؟ أي بدون سلام؟ الإجابة: نعم. يمكن أن يكون ناقصًا، لكننا نحن الذين نسبب عدم السلام في حياتنا، وذلك ببعدنا عن خط سيره، وفتورنا الروحي، وحياتنا كأهل العالم ومشابهتنا لهم.
هل يراك المجتمع الذي حولك مختلفًا؟
هل يرى المسيح فيك؟
هل أعمالك وحياتك تمجده؟
الله مستعد دائمًا أن يزيل عدم سلامك واضطراب نفسك لو أعطيته فقط الفرصة وسلمت كل أمورك إليه كما قال داود في مزمور 5:42 " لماذا أنتِ منحنية يا نفسي؟ ولماذا تئنين فيّ. ارتجي الله لأني بعد أحمده لأجل خلاص وجهه."

رابعًا: لنمتحن أنفسنا ونتأمل كيف نختبر ونحصل على محبة الله الوافرة لنا.

1. أن نرى ونختبر معروف الله ومحبته لخلاصنا: "لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد." (أفسس 8:2)

2. أن نقيم في هذه النعمة التي هي المحيط الذي نعيش فيه كمؤمنين: "شاكرين الآب الذي أهّلنا لشركة ميراث القديسين في النور. الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته." (كولوسي 12:1-13)

3. تظهر حلاوة النعمة عندما نتذكّر كيف كنا قبلاً مقاومين لها. "وأنتم إذ كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا." (أفسس 1:2)

المجموعة: شباط (فبراير) 2016