القس بسام بنورةفأجاب الْمَلاَكُ وقال لِلْمَرْأَتَيْنِ: "لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ." (متى 5:28)
نتحدّث كثيرًا كمسيحيين عن موت الرّب يسوع المسيح على الصّليب لدرجة أننا قد ننسى الحدث الفريد العظيم الذي جاء بعده، ألا وهو قيامته من بين الأموات.

صحيح أن موت الرّب يسوع المسيح على الصّليب هو أساس خلاصنا وفدائنا، لكن قيامته من بين الأموات ابتلعت الموت إلى الأبد. إنها حجر الزاوية في إيماننا المسيحي، فكل أمل ورجاء في المسيحية مؤسس على قيامة ربنا يسوع المسيح، وأنه حيٌ في السماء.
فيما يلي بعض الحقائق التي تبيّن أهمية القيامة في إيماننا وحياتنا المسيحية:
أولًا: القيامة هي أعظم دليل على صدق أقوال ربنا يسوع المسيح
القيامة مهمّة جدًا لدرجة أن رؤساء الكهنة والفريسيين اجتمعوا معًا وتشاوروا لدحضها ومحاولة إثبات عدم حدوث القيامة. فنقرأ في متى 62:27-66 كيف أنهم تذكروا أقوال الرّب يسوع بأنّه سيقوم في اليوم الثالث، وأرادوا القضاء على الفكرة نهائيًا. فاتجهوا إلى الوالي الروماني بيلاطس وطلبوا حرّاسًا للقبر الذي دفن فيه المسيح. لقد أرادوا أن يبقى المسيح ميتًا، وبالتالي تموت معه الكنيسة ولا يبقى أي مجال لنشر رسالة الإنجيل. إن قيامة الرّب يسوع تعني ببساطة أن الكنيسة ستقوى وتستمر. في حين لو بقي المسيح ميتًا في القبر، لاستطاع رجال الدين اليهود أن يقولوا للعالم: تعالوا وانظروا الجسد الميت الذي أكله الفساد. فيصبح يسوع هذا الذي ادّعى أنّه المسيح ابن الله مجرد كذّاب ومدَّعٍ، فهو ميت، وبالتالي فحديثه عن قيامته كان ادعاءً باطلًا. أما إذا تأكدت حقيقة القيامة فلا يبقى لرجال الدين حجة ضد شخص المسيح.
لقد عمل رجال الدين بحسب مشورة إبليس الشرير، لدفن المسيح والقضاء على خطة الله لخلاص العالم والحصول على الحياة الأبدية. أرادوا بموت الرّب يسوع أن تموت معه دعوته ورسالته، وهذا يطابق ما جاء في المزمور 2:2-3 "قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرّبّ وَعَلَى مَسِيحِهِ." لو وضع رجال الدّين من كهنة وكتبة وفرِّيسيين كل جيوش العالم لحراسة الضريح، وكوَّموا كل حجارة الدنيا الضخمة على باب القبر، لما استطاعوا أن يقفوا أمام الرّبّ يسوع المقام من بين الأموات!
نقرأ في رومية 4:1 أن قيامة الرّبّ يسوع كانت من أكبر البراهين على أن الرّبّ يسوع هو ابن الله. "وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا."
كذلك برهنت القيامة على صدق إعلانات الرّبّ يسوع بأنه سيقوم في اليوم الثالث، كما برهنت أيضًا على صدق نبوات العهد القديم التي تقول بأن جسد المسيح لن يرى فسادًا.

ثانيًا: القيامة هي مركز وأساس الإيمان المسيحي
نقرأ في 1كورنثوس 3:15-4، 13-22 "فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُب.ِ"
"فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ لِلَّهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُون. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتَى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ."
نجد هنا حقائق جوهرّية عن القيامة:
إن لم تكن قيامة، فإيماننا باطل.
إن لم تكن قيامة، فشهادتنا باطلة، وبالتالي فنحن شهود زور.
إن لم تكن قيامة، فنحن ما زلنا نعيش في خطايانا.
إن لم تكن قيامة، فنحن نستحق الشفقة والرثاء من أتباع الديانات الأخرى وأمم العالم.
ولكن العكس هو الصحيح. المسيح قام، حقًا قام! وهو باكورة الراقدين، أي أول من قام من بين الأموات، ونحن بدورنا سنقوم، وسنختبر تغييرًا عظيمًا في القيامة إذ سنلبس أجسادًا روحية حية لا تفنى بقوة الروح القدس. فالقيامة هي رجاء المسيحي الحقيقي، ومصدر وأساس السعادة الأبدية. القيامة هي موضوع إيماننا الراسخ.
أراد أحد كبار رجال الدين في العالم أن يسخر من قسيس مسيحي، فقال له: إيمانكم فارغ وقبر مسيحكم فارغ. أما نحن فعندما نذهب لتأدية إحدى واجباتنا الدينيّة، نزور مدينة نبيّنا العظيم حيث يرقد جسده. أما أنتم فلا يوجد عندكم أي شيء لتفتخروا به في قبر نبيِّكم. فأجاب القس المسيحي قائلًا: "لقد نطقتَ بالحق، فقبر الرّب يسوع المسيح فارغ، لأن الرّب هزم الموت وقام، وهو الآن حي في السماء، ونحن نضع رجاءنا وإيماننا بالرّب يسوع المسيح الحي والمقام من بين الأموات. ولأنه حي فنحن سنحيا معه. أما نبيكم فميِّت، وأنتم تضعون رجاءكم برجل ميت. أنتم ستموتون كما وعدكم نبيكم الميت. أمّا نحن فنعرف أن ربنا يسوع حي، وسنحيا معه إلى الأبد، فهو الذي قال لنا: "أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا."

ثالثًا: قيامة الرب يسوع المسيح هي أساس ثقة المسيحيين بقيامتهم والحياة الأبدية
نقرأ في كولوسي 12:2 "مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أقِمْتُمْ أيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ." المسيح مات ودُفن وقام، ونحن في المعمودية نموت عن الخطية، وندفن تحت الماء، ونقوم إلى حياة جديدة بالإيمان مع ربنا يسوع المسيح.
كذلك الإيمان بالقيامة، له علاقة بخلاصنا كما نقرأ في رومية 9:10 "لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرّبّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ." إذًا، لا خلاص لنا ولا حياة أبدية ولا قيامة لنا بعد الموت بدون إيماننا الراسخ بقيامة ربنا يسوع المسيح.
كذلك نقرأ في 1بطرس 3:1 "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ،" أي إن أساس رجائنا الحي هو قيامة الرّبّ يسوع المسيح. فكما قام الرّب يسوع المسيح كذلك المؤمنون به سيقومون إلى حياة أبدية معه.

رابعًا: القيامة لها تأثير يومي على حياتنا المسيحية اليومية
نقرأ في رومية 11:8 "وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ."
كل إنسان يتوب عن الخطية، ويطلب من الله أن يطهره بدم المسيح، ينال عطية الروح القدس. أي إن الروح القدس يسكن في جسد المؤمن الحقيقي الذي تقدَّس بدم المسيح، كما نقرأ في أعمال 38:2 "تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." الروح القدس هو روح القيامة، والمؤمن الممتلئ من الروح القدس يعيش حياة القيامة، أي يعيش منتصرًا على قوة الموت والخطية، وعلى الظروف والأوضاع الصعبة في عالم اليوم.
تقدّم القيامة لحياتنا معنىً، ورسالةً، وهدفًا، ورجاءً حيًّا في المستقبل، لذلك نعيش بلا خوف من التقدّم في العمر، أو من المرض والموت. لأننا سنهزم الموت بالقيامة، بقوة ربنا يسوع له المجد، وسنحيا معه في السّماء إلى الأبد. آمين.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2016