ظل الرب يسوع المسيح في أرضنا بعد قيامته مدة أربعين يومًا ليؤكد للتلاميذ وللّذين حوله بأنه حقًا قد قام. مرّت تلك الأيام بسرعة، وكانت أيامًا فريدة، اختلفت كل الاختلاف عن أيام حياته الأولى على الأرض... أيامًا لم يجسر أحد فيها أن يضايقه.201606cover

 فالكتبة والفريسيون لم يقفوا ضده، واليهود الأشرار لم يحملوا حجارة محاولين أن يرجموه. لقد كانت أيامًا هادئة؛ كانت تشير إلى ملكه العتيد، مُلكِ رئيس السلام. ففي ذلك الوقت، سيقف السيد مرة أخرى على هذه الأرض لينهي الحروب، قبل أن ينهي مشهد هذا العالم.
فلما انتهت تلك الأربعون يومًا استمر السيد في طريقه وصعد إلى راحته.
إن كان المسيح قد نزل لأجلنا، فإنه أيضًا قد صعد لأجلنا. وإن كان قد أتى يومًا من السماء ليقترب إلينا ويفتدينا، فإنه الآن يرفعنا معه إلى فوق لنسمو فوق دنايا العالم. إنه يقرّبنا إلى نفسه ليأخذنا معه إلى مجده. فسيدنا الذي اشترك معنا في جسد تواضعنا يريد أن يشركنا معه في مجده. فشركته معنا هي شركة كاملة. لقد أخذ قصاص سقطاتنا ليجعل منا شركاء في قيامته.
قال أحدهم: "لقد نزل إلينا عن طريق تجسّده، لكنه يرفعنا إليه عند صعوده. لقد لبس رداء فقرنا حين أخذ جسم بشريتنا، لكنه يكسونا برداء مجده، لأنه رضي أن يأخذ طبيعتنا معه إلى السماء."
إن يسوع هذا الذي رآه التلاميذ على الأرض، هو عينه الذي ذهب إلى السماء، وهو نفسه الذي سيأتي ثانية؛ فهو إنسان كامل على عرشه في السماء كما كان يوم رُفع على الصليب.
لا يوجد بُعدًا بين قلوبنا وبين شخصه، ذلك لأن قلبه ما زال قريبًا منا.
وإذ نرى أمجاد الرب يسوع الآن، يجب ألا يؤثر هذا فينا تأثيرًا عكسيًا فنتراجع إلى الوراء، بل نقترب إليه في ملء الرجاء، وكامل الثقة، لنذهب إلى السماء المباركة التي قد أضحى فيها. فإن كنا قد ذهبنا إلى ابن داود حين كان في مغارة الاتضاع، فلنتشجع ولا نخف من أن نقترب إليه وهو قد جلس على عرش مُلكه المجيد، لنبتهج لأننا سنشترك معه في ملكوته، لأنه هو قد جعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه وسنملك معه إلى الأبد.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2016