"لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا، وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيبًا." (إشعياء 6:9) لقد جاءت هذه الآية على لسان النبي حوالي 700 عام قبل المسيح، وتحتوي على لب وجوهر الإنجيل فيما يتعلق بشخص المسيح من حيث لاهوته وناسوته.
لا يوجد مجال هنا للخوض في كامل الآية، ولكنني سأقتصر على عبارة "ويُدعى اسمه عجيبًا."
تمتاز الاحتفالات بعيد الميلاد بطابعها الديني بما فيه من شعائر وطقوس وخدمات تذكارية وتعبدية، وبطابعها الاجتماعي بما فيه من بطاقات وتجمعات عائلية وحلويات وتبادل للهدايا وولائم الطعام والشراب.
تتمحور الاحتفالات حول الطفل يسوع وكأن يسوع ما زال طفلاً وسيبقى كذلك إلى الأبد. وللأسف، فإنَّ المسيح ما زال المسيح بالنسبة لكثيرين هو طفل المذود، ثم يغيب عن الأذهان طيلة العام القادم ثم يرجع الناس إلى الاحتفال بالطفل يسوع عامًا بعد آخر دون إعطاء الأهمية لطبيعة وجوهر الطفل يسوع وتأثيره على حياة كل إنسان.
إن ولادة المسيح هي ولادة شخص لم ولن يكون له مثيلًا في تاريخ الجنس البشري. إنه شخص فريد عجيب! لهذا دُعي بروح النبوّة عجيب! هناك البلايين من أسماء البشر منذ آدم وحتى نهاية العالم، ولا يستحق أيٌّ منها أن يُدعى عجيبًا. يسوع وحده يُدعى عجيبًا، وهو عجيب من عدة أوجه:
1- يسوع عجيب من جهة وجوده
فالمسيح كإنسان، هو الشخص الوحيد الذي سبق وجوده ميلاده. قال يسوع عن نفسه في رؤيا 11:1 "أنا هو الألف والياء. الأول والآخر." وفي يوحنا 58:8 "الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن." أي، إن وجود المسيح أزلي وأبدي.
2- يسوع عجيب في طبيعته وجوهره
لم يكن مولود المذود كأي مولود آخر. الطفل يسوع هو الله المتجسد كما جاء في يوحنا 1:1 "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله." "والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب." (14:1)
3- يسوع عجيب في ميلاده
الرب يسوع المسيح هو الوحيد منذ آدم وإلى نهاية العالم الذي وُلد من عذراء بلا أب بشري. تقول كلمة الله في غلاطية 4:4 "ولكن لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس." كانت ولادة يسوع من عذراء تحقيقًا لنبوة إشعياء النبي 14:7 "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عِمانوئيل."
4- يسوع عجيب في أعماله
كان يسوع يجول ويصنع خيرًا ولم يستعصِ عليه مرض. هو الطبيب الأعظم. شفى وما زال يشفي. شفى المقعد والأعمى والأصم والأخرس. أقام موتى وأخرج شياطين. مشى على الماء. انتهر الرياح والأمواج فسكنت. كان يشفي بكلمة أو بلمسة منه. حوّل الماء إلى خمر. ملأ الشباك بالسمك. فعل يسوع كل ذلك ليس طلبًا للشهرة، أو ليتمجّد من الناس، أو لربح ذاتي. فعل كل ذلك مجانًا، ليعلن محبة الله واهتمامه بالإنسان وليظهر أيضًا مجده.
5- يسوع عجيب في تعليمه
تعاليمه فريدة لا مثيل لها في أي دين، أو فلسفة، أو أي عمل أدبي. ففي عظته على الجبل في إنجيل متى 5-7 تفوق بما لا يُقاس على كل ما كُتب. إن تعاليم يسوع هي أرفع وأسمى تعاليم عرفها التاريخ البشري على الإطلاق. ورد عن تعليمه في إنجيل مرقس 22:1 بأن الناس بُهتوا "من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة."
6- يسوع عجيب في موته وقيامته
لقد تألم يسوع ومات على الصليب ليس لأي ذنب اقترفه. لقد وضع حياته طوعًا كذبيحة كفارية ليفتدي كل خاطئ أثيم يستحق الموت وعذاب الجحيم الأبدي. كتب عنه إشعياء 5:53-6 "وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه، وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا. مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا."
أما من جهة قيامته، فقد قام في اليوم الثالث كما وعد بجسد ممجد لا يفسد ولا يضمحل، وهو حيٌّ إلى الأبد.
7- يسوع عجيب في خلاصه
هو الأقنوم الثاني من اللاهوت، تجسّد ووُلد ومات على الصليب وقام في اليوم الثالث لغرض واحد وحيد ألا وهو خلاص الإنسان من ربقة الخطية والموت الأبدي. خاطب الملاك يوسف خطيب مريم بعد أن حبلت من الروح القدس عن يسوع في متى 21:1 "فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم." وجاء أيضًا في أعمال 12:4 "وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أُعطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص."
بيت القصيد
كثيرون من المسيحيين يحتفلون بعيد الميلاد عامًا بعد عام، دينيًا واجتماعيًا، ولم يختبروا بعد خلاص المسيح، ولم يولدوا ثانية من الله بالروح القدس كما يعلم الإنجيل... هم يرتعون في الخطية ولا يعرفون مصيرهم. وكذلك كل إنسان هو خاطئ ويحتاج إلى خلاص المسيح بغض النظر عن عقيدته وانتمائه الديني. إنها فرصة الآن وقد تكون الأخيرة للتوبة والحصول على الخلاص ومغفرة الخطايا والحياة الأبدية. لأن الله "يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون." (1تيموثاوس 4:2)
إن كل من يحتفل بالميلاد وهو غير متأكد من خلاص نفسه يتم فيه المثل القائل: "كالقابض على الماء." فتعال الآن، أَقبِل إلى الفادي قبل فوات الأوان.