القس إسبر عجاجقوة الكلمة وتأثيرها
الكلمة التي تخرج من الفم كقطعة نقود لها جانبين. الجانب الأول تشجيعي والجانب الآخر تقريعي أو توبيخي. فعندما تخرج من الفم ما أحلاها وما أغلاها وما أبهاها! لكنها في الجانب الآخر ما أقساها وما أشنعها وما أبشعها!

يكتب لنا الرسول يعقوب عن مقدرة الكلمة التي تخرج من الفم فيقول": إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا... بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ. مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ!" (يعقوب 2:3-12).
الكلمة قادرة أن:

  • ترفع من شأن الإنسان وقادرة أن تطرحه أرضًا.
  • تنجّسه أو تقدّسه. "لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ." (متى 11:15)
  • تبنيه أو تهدمه.
  • تصنع سلامًا أو حربًا.
  • تكفّر أو تغفر.
  • تكرم الإنسان أو تهينه.

أما كلمة الرب فلها القدرة على الخلق. "بكلمة الرب صُنعت السماوات." (مزمور 6:33) والشفاء: "أرسل كلمته فشفاهم." (مزمور 20:107) والخلاص "إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت." وهكذا أيضًا اللص عندما قال للرب: "اذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك. فقال له يسوع: اليوم تكون معي في الفردوس."
الكلمة قادرة على التشجيع والتقريع. كم من ولد قال له أبوه: "أنت لا تنفع... أو أنت كسول... أو أنت لا يمكنك أن تكون ناجحًا، فيتولّد عند الولد إحباط وينفذ كلمات أبيه. وكم من أب شجع ابنه وقال له: "العالم ينتظرك يا بني" وبهذه الكلمات التشجيعية حقّق الولد الابن تشجيع أبيه له.
ثم الكلمة التي تخرج من الفم تتوقّف على الشخص الذي ينطقها. فإن كان المتكلّم ذا مكانة عظيمة فكلمته تكون عظيمة. يقول الرب ليشوع بعد موت موسى النبي: "كما كنْت مع موسى أكون معك. لا أهْملك ولا أتْركك. تشدّدْ وتشجّعْ... لا يبْرحْ سفْر هذه الشّريعة منْ فمك، بلْ تلْهج فيه نهارًا وليْلاً، لكيْ تتحفّظ للْعمل حسب كلّ ما هو مكْتوبٌ فيه. لأنّك حينئذٍ تصْلح طريقك وحينئذٍ تفْلح." (يشوع 5:1 و8-9)
عندما أوصى الرب الإله آدم قال له: "من جميع شجر الجنة تأكل أُكلًا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت."
لقد عصي آدم وحواء الله إذ لم يصدّقا كلمة الرب بل صدّقا إبليس وبذلك جعلا من الله كاذبًا، وكانت نتيجة عصيانهما لكلمة الرب أنهما طُردا من الجنة.

*********
لقد طُلب مني أن أكتب كلمات عن كيف تشجّع راعي كنيستك:
"تفّاحٌ منْ ذهبٍ في مصوغٍ منْ فضّةٍ، كلمةٌ مقولةٌ في محلّها." (أمثال 11:25)
الكلمة الحلوة أحلى من العسل والكلمة المرّة تفلق المرارة
"الخبر الطيب يسمّن العظام." (أمثال 30:15)
إذا أردت أن تجعل كنيستك ناجحة وراعيها يعمل عمل الرب بيد غير متراخية، فجرِّب أن تشجعه في الأمور التالية:
أولًا، شجع راعيك: إن رعاة الكنائس هم أكثر من يشعرون بالوحدة بسبب الأمور التي يواجهونها، كالانتقادات الكثيرة. فمرة يقولون: الموسيقى كانت عالية. أو الترانيم لم تكن مناسبة، أو العظة لم تكن مركّزة حول الموضوع، فيشعر الراعي كما شعر بولس في المحكمة وهو يدافع عن نفسه: "في احْتجاجي الأوّل لمْ يحْضرْ أحدٌ معي، بل الْجميع تركوني. لا يحْسبْ عليْهمْ." (2تيموثاوس 16:4)
ثانيًا، صلّ من أجله: عندما يطلب راعي الكنيسة أو أحد الأعضاء أن تصلي، فلا تنسى أن تذكر راعي الكنيسة وتسمّيه بالاسم في صلاتك.
ثالثًا، أشعره بمحبتك له: أكتبْ له بطاقة تعبّر فيها عن عمق تقديرك له. ليس بالكلام بل بالكلمة المكتوبة.
رابعًا، اعرض عليه المساعدة: اطلب منه إن كان هناك شيء يمكنك أن تساعده فيه. أحيانًا لا يريد الراعي أن يثقّل على الإخوة.
خامسًا، داوم بانتظام على الاجتماعات: هذا مهم بالنسبة لراعي الكنيسة. "الْحديد بالْحديد يحدّد، والإنْسان يحدّد وجْه صاحبه." (أمثال 17:27)
سادسًا: ساعد الراعي بأن تبغض الأمور التي يبغضها الرب، وهي: "عيونٌ متعاليةٌ، لسانٌ كاذبٌ، أيْدٍ سافكةٌ دمًا بريئًا، قلْبٌ ينْشئ أفْكارًا رديئةً، أرْجلٌ سريعة الْجريان إلى السّوء، شاهد زورٍ يفوه بالأكاذيب، وزارع خصوماتٍ بيْن إخْوةٍ." (أمثال 16:6)
سابعًا، كنْ عاملًا بالكلمة: لا أن تسمع فقط لأن المسيحية ليست نظرية بل عملية. "ولكنْ كونوا عاملين بالْكلمة، لا سامعين فقطْ خادعين نفوسكمْ." (يعقوب 22:1-26)
ثامنًا، لا تقارنه براع آخر: لا تنتظر أو تتوقع من راعي كنيستك أن يجيد كل المواهب.
تاسعًا، تيقّن أن راعي الكنيسة ليس ملاكًا بل إنسانًا تحت الآلام مثلك.
عاشرًا، هل تعلم أن وقتَ راعي الكنيسة ليس له فهو تحت الطلب كل الوقت، ولذلك ينبغي على الكنيسة أن تعطيه فرصة بين الحين والآخر بأن ترسله مع أسرته للراحة.
ولتكن صلوات قلوبنا: "اجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. احْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ."

المجموعة: شباط (فبراير) 2017