"هذا يقوله القدوس الحق، الذي له مفتاح داود، الذي يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح." (رؤيا 7:3)
هذا ما قاله الرب يسوع لملاك كنيسة فيلادلفيا، ويقوله كذلك لمؤمني عصرنا الحاضر.

بينما نسير في مسالك هذا العالم الوعرة، نتعثر بحجارة صعابه، وصخور أزماته، ونتصارع مع تيارات إغراءاته، وعواصف جاذبيّاته، فنقف مرتبكين حائرين، ننظر إلى الحياة الروحية السامية المنشودة وكأنها عسرة المنال، أو أمل يصعب تحقيقه.
وإذ نتلفّت متلهفين للاستقرار على حل مناسب أو عون مساند، فنسمع صوت العالم الرنان ينادي: "لقد جعلت أمامك أبوابًا مفتوحة لتكون لك منفذًا وملجأً وحلاً. فهاك باب العلم الواسع الذي يرحب بأسئلتك ومشاكلك، ويقدم لك حلولاً علمية ومنطقية، ونظريات فلسفية تربوية. وهناك باب الأصدقاء والخلان، أصحاب النصائح والإرشادات المفيدة."
ثم يمضي العالم قائلاً: "بقي عليّ أن أفتح باب الروح العصرية الفاتن الجذاب أمامك، الباب الذي قصده الكثيرون فسرّوا به، وخلبت ألبابهم توجيهاته القيمة."
فحذار يا أخي من عروض العالم السخية... لا تؤخَذ بأوهامه الخادعة، إذ ليست أبوابه المشرعة تلك إلا مداخل للتقهقر والتدهور والسقوط الروحي. إنها مداخل الطرق التي تظهر مستقيمة، أما عاقبتها فطرق الموت. ما هي إلا حبائل ومكائد شيطانية جهنمية، حيكت خصّيصًا لتعمي الأبصار عن رؤية ذلك الباب الإلهيّ المفتوح على مصراعيه أمام أولاد الآب السماوي الحنون. الباب الذي فتحه الله بنفسه ولا أحد سواه يقدر أن يغلقه.
إنه سُلّمٌ منصوبة على الأرض ورأسها يمسّ السماء!
إنه الباب المزين بالخيط القرمزي، المصنوع بمهارة اليدين المثقوبتين!
إنه الحجاب المشقوق بين القدس وقدس الأقداس!
إنه مفتوح أمامنا كي يرفعنا فوق الأرضيات والزمنيات، ندخل منه ونسمو فوق المحسوس والمنظور... نفتح أعين الإيمان، لنثق بما يرجى، ونتيقن بأمور لم تُرَ بعد.
إن هذا الباب هو المصدر الوحيد والأكيد لعوننا الدائم ولتزويدنا بالقوة الروحية اللازمة، وأن فيه وحده حلاًّ لكل مشاكلنا وجوابًا عن كل أسئلتنا.
هذا الباب هو باب عرش النعمة الإلهية الذي نؤمّه على ركبنا ونحن في مخادعنا وخلواتنا، فتستكين نفوسنا، وتبتهج قلوبنا، وتتبدد همومنا، وتسترشد عقولنا وتستنير أذهاننا.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2017