الأخ إيليا كيرلسيتعامل الكثيرون بشيء من التهاون مع الكنيسة واجتماعاتها؛ فالبعض يظنون أن قراءة الكتاب المقدس والصلاة في البيت تغني عن الوجود في محضر الرب، والبعض يرون الأمر أنه مجرد المكان الذي يكون فيه الواعظ الأفضل! والبعض يرون أنها حرية شخصية سواء حضرنا أم لا، عبدنا أو لم نعبد، تواجدنا في الداخل مع العابدين أو وقفنا في الخارج مع المتفرّجين! إنها حرية شخصية! وأخشى أننا نُحزِن قلب الرب بعدم تقديرنا لمحضره كما يريد هو. (أقصد بمحضر الرب: مكان اجتماع الكنيسة معًا للسجود؛ فالكنيسة ليست هي المبنى والحوائط، بل هي جماعة المؤمنين، جسد المسيح، حيث يحضر الرب في الوسط إتمامًا لوعده الصادق: "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم." (متى 20:18؛ انظر أيضًا عبرانيين 12:2)

أولاً: أهمية اجتماع الكنيسة معًا

إنه إعلان واضح أمام العالم والملائكة عن نجاح مشروع الله في المسيح على الصليب، فها هي كنيسة الله التي اقتناها بدمه مجتمعة معًا ورأسها المسيح في الوسط (أعمال 28:20)
هذا هو الهدف الأسمى لوجود الكنيسة على الأرض؛ أعني العبادة والسجود: "كيف رجعتم إلى الله من الأوثان، لتعبدوا الله الحيّ الحقيقيّ."

ثانيـًا: عظماء الكتاب المقدس في محضر الرب

كان عند رجال الكتاب المقدس تقدير كبير للوجود في محضر الرب، مثل داود، وآساف، وحزقيا، والصبي يسوع، والتلاميذ مع المؤمنين الأوائل وغيرهم.
صموئيل: رغم أنه عاش في أيام خراب روحي، لكننا نراه وهو طفل صغير يسجد أمام الرب في شيلوه (1صموئيل 24:1، 28)، بل كان يخدم أمام الرب، وأقام في هيكل الرب الذي فيه تابوت الرب. ورغم إهانة أولاد عالي للرب ولمحضره، إلا أن صموئيل تزايد نموًا وصلاحًا لدى الرب.
داود: كان عنده الأشواق والتقدير للوجود في حضرة الرب: "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس: أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب، وأتفرّس في هيكله." (مزمور 4:27). وأيضًا: "فدخل الملك داود وجلس أمام الرب وقال: ‘من أنا يا سيدي الرب؟ وما هو بيتي حتى أوصلتني إلى ههنا؟’" (2صموئيل 7: 18)
مؤمنو الكنيسة الأولى: "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة. وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت، كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب."

ثالثًا: التقدير والاحترام اللائق 
لمحضر الرب
يظهر تقديرنا للرب في احترامنا لمحضره. فهو الذي قال عن نفسه: "أنا ملك عظيم، قال رب الجنود، واسمي مهيب بين الأمم." (ملاخي 14:1) كيف؟
الورع في عبادة إلهنا: "اسجدوا للرب في زينة مقدسة." (مزمور 9:96) فحينما استهان أولاد عالي بالرب وذبيحته وعملوا الشر في باب خيمة الاجتماع أماتهم الرب لأنه قال: "الذين يحتقرونني يُصغرون." (1صموئيل 17:2 و22 و30)
احترام ميعاد الاجتماع: قال الرب: "أنا أحب الذين يحبونني، والذين يبكرون إليَّ يجدونني." (أمثال 17:8)
عدم استغلال مكان وتوقيت الاجتماع لأغراض أخرى؛ فكثيرون يتركون الاجتماع في الداخل ويقفون خارجًا في شكل لا يليق للدردشة أو تبادل الأشياء والأحاديث بين الشبان والشابات بطريقة لا تكرم الرب وتعثر الآخرين. وأمور مثل هذه أثارت غضب الرب يسوع يومًا من الأيام قائلاً: "بيتي بيت الصلاة يُدعَى. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص!" (متى 13:21)

رابعًا: احترام محضر الرب في تقديم ذبائح مقبولة عند الله

حزن الرب جدًّا من الكهنة في سفر ملاخي قائلاً لهم: "أين هيبتي... أيها الكهنة المحتقرون اسمي؟" (ملاخي 6:1-8) وذلك لأنهم قدّموا ذبائح معيبة كالأعمى، والسقيم، والأعرج، والمغتَصَب؛ وهي تشير إلى نوع من العبادة لا يقبلها الرب. لماذا؟
السقيم: عبادة هزيلة بالجسد بدون عمل الروح القدس وقوته، فالكتاب يعلِّمنا: "حارين في الروح عابدين الرب." (رومية 11:12)
الأعمى: عبادة دون تركيز أو تمييز لما نردده عندما نصلي.
الأعرج: كلام رائع في العبادة بلا تطبيق في الحياة العملية.
المغتَصَب: ذهن مشتت وكأنَّ وحشًا افترسه، فيجلس الشخص في الاجتماع بلا تركيز، مُغيَّب العقل: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا." (مرقس 6:7)
يذكِّرنا الرسول بطرس قائلاً: "كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية بيتًا روحيًّا، كهنوتًا مُقَدَّسًا، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح." (1بطرس 5:2) نقدم بالروح وبخشوع ذبيحة الحمد: "ذابح الحمد يمجدني"، و"ذبيحة التسبيح؛ أي ثمر شفاه معترفة باسمه"، نقدمها بوقار لله بيسوع المسيح.

خامسًا: هل أنا في حاجة للمواظبة على اجتماعات الكنيسة؟
لا يمكنني كعضو في جسد المسيح أن أستغني عن باقي أعضاء الجسد؛ فأنا في حاجة للشركة مع بقية أعضاء الجسد، للأسباب الآتية:
البنيان والرعاية: هل يمكن أن ينمو أحد أعضاء الجسد وهو مستقل يعيش وحده؟! لذلك يؤكد الرسول بولس في 1كورنثوس 12 تنوُّع عمل الأعضاء، وفي رومية 12 يؤكِّد تنوع المواهب، والهدف هو بنيان جسد المسيح ونموّه. فأتشجع وأتعلم بين إخوتي في الكنيسة.
التمتع بحضور خاص للرب: "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم." (متى 20:18) "لأنه هناك أمر الرب بالبركة، حياة إلى الأبد." (مزمور 3:133) وهو ما حُرم منه توما حينما حضر المسيح للعلية بسبب غيابه عن هذا الاجتماع.
عزيزي، واحدة من الفضائل المسيحية هي الاحترام والتقدير لمحضر الرب في الكنيسة حيث الرب في الوسط. لذا كن خاشعًا، ساجدًا، مواظبًا، مُقَدِّرًا للرب، ومُقَدِّمًا بالروح كل ذبيحة مرضية عنده، فهو مستحق لأنه ذُبِح واشترانا لله بدمه!

المجموعة: حزيران (يونيو) 2017