الأخت أدما حبيبيوقع خبر وفاته كوقع الصاعقة على عالم الفن لما له فيه من مركز كبير ومرموق. فخسارته كانت فادحة لفرقته الموسيقية التي كان ينتمي إليها، وأيضا لعائلته وأولاده الستة. فارق الحياة وهو بعد في عمر الحادية والأربعين. إذ وجد ميتًا في بيته في Palo Verdes Estates في لوس أنجلوس - كاليفورنيا.

أما تقرير الطبيب الشرعي الذي نشر بعد أيام من موته أعلن بأنَّ سبب وفاته هو الانتحار شنقًا. فلقد وُجد معلِّقًا نفسَه بحبل على باب غرفة نومه. لاقى حتفه يوم الخميس في العشرين من شهر تموز/ يوليو. وقد أُعلن عن وفاته الساعة التاسعة صباحًا من ذلك اليوم بعد أن عثرت عليه خادمة المنزل على تلك الحالة.
هذا هو Chester Bennington مغني الروك الأمريكي الشهير الذي كان عضوًا مهمًّا في فريق Linkin Park. وما أن انتشر خبر وفاته في عالم الفن حتى راح محبّوه والمعجبون به يعبّرون عن صدمتهم لما حصل ويعربون عن مشاعرهم من نحوه. ومن أهم ما قيل فيه ما صدر عن مدير مركز تسجيل وإخراج الأسطوانات المدبلجة هنا في هوليوودLinkin Park’s Labels Warner Bros. Records الذي قال فيه معزّيًا: كان Chester Bennington فنانًا يمتاز بالإبداع والموهبة الرفيعة والجاذبية المحببة لدى الجميع. وفوق هذا كلّه كان ذا قلب واسع وصدر رحب، ونفس كريمة تتواصل مع الآخر وتهتم به. واستطرد أيضًا: نقدّم تعازينا الحارة للعائلة من أجل فقدانه الأليم، وللفرقة الموسيقية، ولكل أصدقائه ومعجبيه.
خبر مأساوي لعالم الفن وللعائلة، والمعجبين، وفوق كل ذلك للإنسان في كل مكان. لماذا؟ لأنَّه فات على البشرية أو الإنسانية أن تمدَّ له يد العون والمساعدة لكي تخلِّصه من معاناته الداخلية! وُلد تشستر في ولاية أريزونا في أميركا، وظهرت بوادر مواهبه الموسيقية منذ الصغر وفي عمرٍ مبكّر جدًّا. كانت أمه ممرضة، ووالده يعمل تحرِّيًا في الشرطة. لكنَّ حياته كما صرح مرةً لصحيفة الغارديان البريطانية بأنها لم تخلُ من التعنيف. وقال في مقابلة له معKernag في عام 2008 بحسب تقرير الإنترنت بأنه تعرَّض للعنف الجنسي وهو في سن مبكرة، حتى أفقده هذا الاعتداء ثقته بنفسه بالكلية وجعله يعيش تحت عقدة الذنب مدى الحياة. وفي العام 1999 انضمَّ إلى الفرقة الموسيقية Link Park التي حصلت على الكثير من الجوائز الرفيعة في عالم موسيقى الروك، والتي كانت آخر إنجازاتها هذه الأغنية: One more Light أي (نور واحد آخر) التي سُوّقت في شهر مايو المنصرم.
ترى ما هي الأسباب التي تدفع بمغنٍ مشهور كهذا أن ينتحر؟! بناء على تصريح الفرقة الموسيقية التي كان ينتمي إليها يقول: "بأن تشستر كان يعاني من "عفاريت" عديدة أخذت مكانها في أعماق نفسه وتمكَّنت منه. هذه العفاريت التي كانت تعبث به وتجرّه إلى حيث لا يريد، كانت هي جزءٌ من الصفقةِ معه. "نعم، هذه التي صرّحت عنها في أغانيك، جعلتْنا نتحمس لك، ونلتصق بك، ونقع في حبِّك منذ أن عرفناك."
إذن هي عفاريت نفسه التي عملت عبثًا في داخله وجزّأته وأوقعتْه فريسة لها. ومعاناته هذه استمرت حتى وهو رب عائلة وأب لأولاده الستة. لم يجد منها مخرجًا فوقع في حبائلها فافترسته أيّما افتراس وأوصلته إلى حالة من اليأس والقنوط الكاملين. فاستسلم وسلّم.
يا للأسف! لأنه هكذا سيموت العديدون أمثاله في المستقبل في مجتمعنا المتمدِّن، لأنهم غرقوا في ظلام اليأس ولم يروا بصيص النور. هذه هي حكمة البشر التي يصل إليها البعض فييأسون ويقنطون لأسباب كثيرة. وينسون، لا بل يتناسون بأنَّ هناك رجاء وأملًا ونورًا حقيقيًّا يشعُّ في السماء، ومصدره الخالق الحنَّان والرحيم والمحب. نعم، فالحياة بما فيها من ظلم وظالمين، ومن حقد وحاقدين، من استغلال ومستغلّين، وجرم واعتداء، ليست هي النهاية التي يريدها لنا الخالق المحب. لأنه وفَّر لكل البشرية بكل مآسيها وبؤسها وشقائها، وفَّر لها خلاصًا وإنقاذًا إذ أرسل لها علاجًا ناجعًا ودواء نافعًا، لو عرفَه بنو البشر لما عاشوا في اليأس والقنوط. لقد أرسل الله إلى كلِّ البشر صغارًا وكبارًا، أغنياء وفقراء، من أي فئة كانوا ولأي ديانة انتموا، أرسل إليهم المنقذ والمخلص الرب يسوع المسيح الذي قرأ من سفر إشعياء النبي قائلًا: "روح الرب عليّ، لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعميِ بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية." (لوقا 18:4) قال بعدما أغلق السفر: "إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم." أتى المسيح بعهد جديد، عهد فيه الشفاء والخلاص والإنقاذ.
حبذا لو عرف تشستر هذا المخلص الذي نشَل الكثيرين من بؤرة الفساد والتعنيف واليأس، ومنحهم شفاءً في نفوسهم المريضة، حبَّذا لو عرف هذا المخلص الذي اختبره الكثيرون على مرِّ العصور والأزمان وما زال يختبره اليوم الكثيرون حول العالم، يختبرونه واقفًا إلى جانبهم، يشفي قلوبهم المكسورة، ونفسياتهم الجريحة، ويطلق أرواحهم من أسرها. لأنه هو وحده الذي قال: "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا." نعم، فمن سواه يشفي عقدة الذنب التي عاشها هذا الفنان ولا زال يعيشها الكثيرون في عالمنا؟ مَن سواه يحرِّر أسرى الذنوب ويطلقهم ليعيشوا الحرية الحقّة في شخصه وتحت لواء محبته ونعمته؟ مهما كانت معاناتك يا قارئي فإنَّ شخص المسيح هو هو لم يتغيَّر ولن يتغيَّر، هو أمسًا واليوم وإلى الأبد، يبقى المنقذ والمخلص من كل معاناتنا، مهما عظمت أو كبرت.
فهل التجأت إليه لتتخلَّص من عفاريت النفس التي لا تفقهُ كنهها! تأكد أنه وحده الذي يدعوك ويقول لك: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم."

المجموعة: أيلول (سبتمبر) 2017