الدكتور أنيس بهناممكتوب عن الرب يسوع المسيح أنه "إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه." (يوحنا 11:1-12)

وفي الحقيقة إن هذا التنكّر يثير العجب لأنه بالرغم من الشهادات الواضحة له لم تقبله الأمة. ولكن شكرًا لله لأنه هناك من قبلوه وأصبحوا أولادًا لله.
في إنجيل يوحنا 31:5-40 نقرأ عن أربعة شهود لربنا يسوع:

أولاً: شهادة الآب
"والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي. لم تسمعوا صوته قط، ولا أبصرتم هيئته، وليست لكم كلمته ثابتة فيكم، لأن الذي أرسله هو لستم أنتم تؤمنون به." (يوحنا 37:5-38) عند بدء خدمة الرب يسوع العلنية ذهب ليعتمد من يوحنا "ولكن يوحنا منعه قائلًا: [أنا محتاج أن أعتمد منك، وأنت تأتي إليّ!] فأجاب يسوع وقال له: [اسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بِرّ.] حينئذ سمح له. فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلًا مثل حمامة وآتيا عليه، وصوت من السماوات قائلًا: [هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.]" (يوحنا 14:3-17) انفتحت السماء لكي يُعلَن الآب أمام شهود كثيرين أن هذا الذي جاء ليعتمد هو ابنه الحبيب الذي سُرّ به كل سرور. كذلك لدى اقتراب نهاية خدمته على الأرض وقبل ذهابه إلى الصليب شهد له الآب بصوت مسموع على جبل مرتفع يُعرف الآن باسم جبل التجلّي. هناك رأى ثلاثة من تلاميذه، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا، لمحة من مجده، وسمعوا صوت الآب يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا." (متى 1:17-8؛ اقرأ أيضًا 2بطرس 16:1-18)

ثانيًا: شهادة يوحنا المعمدان
وهي تُذكر في كل من الأناجيل الأربعة وسنكتفي باقتباس بعض ما جاء في يوحنا 32:1-34 "وشهد يوحنا قائلا: «إني قد رأيت الروح نازلًا مثل حمامة من السماء فاستقرّ عليه. وأنا لم أكن أعرفه، لكن الذي أرسلني لأعمِّد بالماء، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلًا ومستقرًّا عليه، فهذا هو الذي يعمِّد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله.»" أرجو أن تقرأ أيضًا يوحنا 28:3-36 وتلاحظ ما جاء في عدد 35 و36 "الآب يحبّ الابن وقد دفع كل شيء في يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله."

ثالثًا: أعماله
وهي الأعمال التي أعطاه الآب أن يعملها "لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأكمّلها، هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني." (يوحنا 36:5)
وأعماله تشمل تعاليمه ومعجزاته. أما بخصوص تعاليمه، حقًا انسكبت النعمة على شفتيه. ذات مرة أرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة خدّامًا ليمسكوه، فلما استمعوا لكلامه رجعوا إلى رؤساء الكهنة والفريسيين "فقال هؤلاء لهم: [لماذا لم تأتوا به؟] أجاب الخدام: [لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان!]" (يوحنا 45:7-46) لا يسعنا المجال أن نشير إلى كل تعاليمه، لكننا نشجع القارئ العزيز أن يواظب على قراءة ما جاء بهذا الخصوص في الأناجيل الأربعة.
أما من جهة أعماله فقد قال: "لو لم أكن قد عملت بينهم أعمالًا لم يعملها أحد غيري، لم تكن لهم خطية، وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي." (يوحنا 24:15)
وماذا نقول بخصوص معجزاته؟ لقد لخّص بطرس الرسول أعمال المسيح في عبارة واحدة: "جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلِّط عليهم إبليس، لأن الله كان معه." (أعمال 38:10) ومن يدرس هذه المعجزات يرى أن المسيح لم يُجرِ معجزة واحدة لمنفعته الشخصية. فهو حين جاع لم يصنع معجزة كما اقترح عليه إبليس. مع أنه هو الذي أطعم الآلاف بخمسة أرغفة وسمكتين. لما عطش قال للمرأة السامرية: "أعطيني لأشرب." ولما تعب جلس على البئر. كانت لمعجزاته أهداف معينة:
أولاً، كانت لفائدة إنسان مسكين، مثل شفاء المرضى، فتْح أعين العميان وتطهير الأبرص. وغيرها الكثير الكثير.
ثانيًا، كان الناس يمجِّدون الله إذ يروا هذه المعجزات.
ثالثًا، كانت تشهد لحقيقة ما قاله عن نفسه – كما قال كاتب الترنيمة:

هذا ابن داود الـذي قد جاء بالبشرى

أعمـاله أدّت لــــــــه شهادة كبـــــرى

رابعًا: شهادة الكتب
قال الرب يسوع لليهود: "فتّشوا الكتب لأنكم تَظنُّون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي." والمقصود بالكتب هو أسفار العهد القديم من الكتاب المقدس، من سفر التكوين إلى سفر ملاخي. ولا يسعنا المجال طبعًا أن نشير، ولو باختصار، إلى كل ما جاء عن المسيح في العهد القديم من رموز ونبوءات وأقوال صريحة، لأن هذا يستلزم مجلدات ضخمة. ولكن سنشير الآن إلى بعض ما جاء عنه في بعض الأسفار الإلهية. في بداءة سفر التكوين نقرأ عن نسل المرأة الذي سيسحق رأس الحية، أي الشيطان (تكوين 15:3). هذه نبوءة عن الرب يسوع المسيح الذي أباد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس (عبرانيين 14:2)، وسوف يسحق الشيطان تحت أرجلنا سريعًا (رومية 20:16). بل سوف يطرحه في بحيرة النار والكبريت ليعذّب إلى الأبد (رؤيا 10:20). وفي تكوين 8:22 تنبأ إبراهيم قائلاً: "الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني." وفي سفر الخروج نراه في خروف الفصح ونسمع قول الرب: "فأرى الدم وأعبر عنكم." (خروج 13:12)
وفي سفر التثنية تنبأ موسى عنه قائلًا: "يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسط إخوتك مثلي. له تسمعون." (تثنية 15:18) ونتعلّم من أعمال الرسل 37:7 أن هذه نبوءة عن المسيح. وماذا نقول عن المزامير مثل مزمور 22، ومزمور 69؟ في مزمور 12:2 "قبّلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق." وفي مزمور 1:110 "قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك." وتنبأ ميخا عن ولادته في بيت لحم (ميخا 2:5). وكان هذا معروفًا لدى رؤساء الكهنة وكتبة الشعب كما نتعلم من متى 4:2-6. وتكلم إشعياء عن ولادته من العذراء (إشعياء 14:7)، وغير هذا الكثير الكثير! وردت في مثَل لعازر والغني هذه العبارة: "عندهم موسى والأنبياء، ولا إن قام واحد من الأموات يصدِّقون." (انظر لوقا 29:16-31) نعم، ونحن أيضًا عندنا موسى والأنبياء كما عندنا العهد الجديد. وكم يلذّ لنا أن نتأمل فيما جاء عن ربنا ومخلصنا وحبيب قلوبنا الرب يسوع المسيح، في العهد القديم والعهد الجديد.

تعليق: بالإضافة إلى ما جاء من شهادات أكيدة بخصوص الرب يسوع، قال الرب لتلاميذه (ولنا نحن أيضًا) "ومتى جاء المعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق، الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم معي من الابتداء." (يوحنا 26:15-27) وفي أعمال الرسل 8:1 "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض." (أعمال 8:1)

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2018