ها نحن وقد دخلنا في العام الجديد من عمر هذه المجلة – عام 2019 – وعالمنا يواجه أزمات دولية لم يسبق لها مثيل، وخاصة في شرقنا الأوسط.

وبينما قادة هذا العالم يبحثون المعضلات التي تجابههم وينادون بالسِّلم ويعقدون المؤتمرات الدولية، فإن ألوفًا لا بل عشرات الألوف من البشر يموتون في ساحات الوغى. أجل، إن تلبّد هذه الغيوم السوداء يؤذن بهبوب عاصفة هوجاء وقد تكون آخر زوبعة يشهدها عالمنا هذا.
أينما توجهنا وحيثما ذهبنا نرى الناس حيارى! كثيرون قد فقدوا تلك الابتسامة العذبة – ابتسامة الأمل والرجاء. كثيرون هم الذين لا يفهمون معنى هذا التجهم في السماء ويلومون الخالق – عزّ وجلّ – على كل ما يحدث من حروب وتشرّد ومجاعات! وبما أنهم فقدوا الأمل والمحبة والإيمان والرجاء تراهم عابسين، متمرّدين، حاقدين لا يستوعبون معنى هذه المشاكل العالمية. وهذا ليس غريبًا إذ أنهم لا يدركون علامات الأزمنة والأوقات التي أوحى بها الخالق لتكون منارة تضيء في عالم مظلم أمامهم.
إن هذه الأزمنة لها معنى خاص لدى مجموعات من الناس متفرقة في كل أنحاء العالم. هؤلاء الناس يتكلمون لغات مختلفة، ولكن تربطهم لغة واحدة بعرش النعمة. مسافات شاسعة تفصل بينهم ولكن قلوبهم تنبض سوية، وتفيض سرورًا وغبطة لأنها تعلم يقينًا أن هذه الحروب والويلات، والأوبئة والمجاعات، والزلازل والفيضانات، والأعاصير تدلّ عن قرب وقوع حادث خطير انتظرته الأجيال – وهو مجيء ملك السلام ثانية إلى هذا العالم المحتضر ليخلّص الذين يعيشون له بطهارة قلب وبحياة مستقيمة، وهم الذين ينتظرونه.
إن كنت من الذين لم يعرفوا بعد السلام الداخلي والمحبة الحقيقية ولا يدركون معنى هذا الجوّ المكفهرّ، فلا تتذمر على الخالق ولا على الخليقة. لا تعبس في وجه الصعاب واذكر أن طريق الحياة شاقة وخطرة. ابحث عن النور الحقيقي الذي أضاء ويضيء قلوب الكثيرين مثلك.
وفيما أنت تبحث عن هذا السلام الداخلي، أرجو أن تكون حكيمًا في تنقيبك فلا تذهب إلى روافد المحبة والرجاء بل سرْ توًا إلى ينبوع المحبة، والرجاء، والأمل، والحياة الرب يسوع المسيح وحده. هناك تجد الجوهر الذي تنشده، وعندئذ تجد سرّ هذه الابتسامة التي أنعشت الكثيرين ويمكنه أن ينعشك في عالم مضطرب مصيره الدمار! عندئذ تكون ممن انتصروا على العالم فارتسمت على وجوههم ابتسامة الأمل والرجاء والمحبة.

المجموعة: كانون الثاني (يناير) 2019