ما أجمل البصيرة الثاقبة "رأينا نجمه... وأتينا لنسجد له!" ويا لروعة حكماء المشرق المترسِّخين في علم الفلك، إذ جاءوا إلى أورشليم وآمنوا بما قيل لهم بحسب المكتوب بأنه في بيت لحم يولد الملك ودليلهم المُفرح [النجم]!

وإذ نحن نرصد [نجم الميلاد] بمنظار كلمة الله، وبإشراق نور الرب على أذهاننا، نجد أنّ كل مؤمن بالرب يسوع المسيح هو نجم مضيء، إذ يقول الكتاب: "تُضيئون بينهم كأنوار في العالم." (فيلبي 15:2) وتأتي عبارة "تُضيئون بينهم كأنوار" في بعض الترجمات الإنكليزية بمعنى تضيئون كالنجوم، أي إنّ كل قديس في المسيح هو نجم يهدي الآخرين إلى يسوع المسيح الملك والمُخلّص الذي يستحقّ كل إكرام وسجود وتعبّد.
تعال معي نرصد بتلسكوب الكتاب المقدس بعض الشخصيات الكتابية لنرى كيف أضاءوا كأنوار، أو نجوم متلألئة في فلك سماء المجد.
1. نجمة تضيء لكل من يريد أن يخدم الرب يسوع بتواضع وطاعة: إنها المطوّبة مريم العذراء. قالت في تواضعها: "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك." (لوقا 38:1) وقالت في طاعتها للخدام: "مهما قال لكم فافعلوه." (يوحنا 5:2)
2. نجم يضيء داخل البيت (يوحنا 42:1): كان أندراوس كالنجم الذي أرشد أخيه سمعان إلى يسوع، "فجاءَ به إلى يسوع."
3. نجمة تُرجع الكرامة المسلوبة (لوقا 36:7-50): كثيرون آمنوا عبر العصور بسبب قصة المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي (المتديّن). تلك المرأة رفعها الرب من الثرى (التراب) إلى الثريا. إنها تلمع إلى الآن، وتُنير لكل خاطئ غرق في مستنقع الخطيّة. يسوع يغسلك، ويعيد لك الكرامة، ويرفع وجهك بعد أن نكّسته الخطيّة. تب وآمن به فتخلص.
4. نجم يعيد الإنسانية المفقودة (لوقا 26:8-39): أصبح مجنون كورة الجدريين كوكبًا درّيًّا بعد أن شفاه الرب. كان قبلًا كوكبًا ساقطًا بين القبور، ولكنه الآن نجمًا يسطع بنور المسيح الذي أناره، ويضيء لكل إنسان يُجرّح نفسه في عبودية المخدّرات والإباحيّات وصالات القمار... إنه النجم الذي يشير إليه المبشرون في بشارة النعمة إلى قوة التحرير التي يهبها الرب يسوع.
5. نجم يضيء لمن هو في قمّة اليأس وظلال الموت (أعمال 25:16-34): إن قصة إيمان السجّان هي خير دليل على أنه أصبح نجمًا يُحذّر كل إنسان: "لا تدمّر نفسك،" "لا تهلك نفسك،" "لا تنتحر..." تعال إلى المُخلّص الذي ثُقبت يداه وقدماه لأجلك على الصليب، فتخلص، خلاصًا أبديًا.
6. نجمة تُضيء لكل من يشتاق لخلاص نفسه (أعمال 14:16): ليدية أول امرأة آمنت في أوربا، رغم إنها كانت مُتعَبِّدة لله، لكنها احتاجت لخلاص نفسها وانطبق عليها هذه النبوة "تاقت نفسي إلى خلاصك. كلامك انتظرتُ." (مزمور 81:119) كم من أناسٍ يتعبّدون لله وهم يتساءلون: كيف ينجون من الهلاك الأبدي؟ والرب يهيّئ قلوبهم لتسمع فقط وببساطة بشارة الإنجيل، فيفتح الرب قلبهم وينالون الحياة الأبدية.
عزيزي القارئ، هل تشتاق لخلاص نفسك؟ إن كُنت لم تتمتع بعد بخلاص المسيح، فالآن وأنت تقرأ هذه الكلمات، ارفع قلبك، ولتكن همسات قلبك: أيها النور الحقيقي يسوع، ادخل إلى حياتي. إنني أثق بنعمتك، وأريد أن أنال الحياة الأبدية. وإن كنت مؤمنًا فاطلب منه أن ينير كل خفايا قلبك بنوره العجيب لكيلا تبقى زاوية في حياتك خالية من النور، لأن الكتاب يقول: "الظُلمة قد مضت والنور الحقيقي الآن يضيءُ."
7. نجم يضيء للمتشككين (يوحنا 24:20-29): لقد أصبح التلميذ توما كوكبًا مضيئًا قاطعًا أي شكٍّ في قيامة المسيح، بيقين علامات الصلب. ومن خلاله عرفنا أن علامات الصلب من مسامير وحربة ستبقى برهانًا أبديًّا وذكرى لمحبة أبدية في جسد ربنا يسوع؛ ليكون لنا يقين الإيمان بموت المسيح وقيامته، وعلامات الصلب باقية في جسده المبارك إلى الأبد.
8. نجم يضيء للمتسائلين عن هدف النبوّات (أعمال 26:8-40): فيلبس المبشر هو نجم أضاء للباحث عن الحق في قلب صحراء غزّة، وأوضح للوزير الحبشي النبوّات المختصّة بيسوع. هكذا كل مؤمن هو كوكب مضيء بمصابيح أسفار الكتاب المقدس وعندما نفهم النبوات نذهب في طريقنا فرحين.
وإذ نحن الآن في موسم الميلاد، فإن الرب يفرح بنا ليس لأننا نضع النجمة فرحين فوق شجرة الميلاد، ولكنه يفرح أن يرانا نجومًا تضيء للآخرين.
عزيزي القارئ، لنسأل أنفسنا ونجيب بأمانة: هل أنا وأنت نجوم الميلاد؟ نجوم هادية للنور الحقيقي ربنا يسوع المسيح؟ عمليًا، كيف يكون هذا؟ لنخبر الناس بإنجيل ابن الله، ولتكن هدايانا الروحية فوق كل الهدايا... أي نُهدي الإنجيل ككتاب إلى أصدقاء لا يعرفون يمينهم من شمالهم عن الله... لنقدِّم كتاب تأملات سنوي لمؤمن حديث في الإيمان... لنهدي الأطفال الكتاب المقدس المُصوّر أو الخاص بأعمارهم... لنهديهم الألعاب المسيحية الإلكترونية... لندعو الآخرين لحضور اجتماعات تبشيرية... ولنظهر المحبة العملية للفقراء والمحتاجين.
والآن أودعك واستودع هديتي لك لتتأمل بها ليس في هذا الموسم فقط بل طوال السنة.
"لأنّ نجمًا يمتازُ عن نجمٍ في المجدِ."
(1 كورنثوس 41:15)
"والفاهمون يُضيئون كضِياءِ الجَلَدِ، والذين رَدّوا كثيرين إلى البرِّ كالكواكبِ إلى أبد الدّهور." (دانيآل 3:12)

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2019