يسمّي البعض مزمور 91 بـ 911! أي، إن كنت تمرُّ بمشكلة ما، أو بظروف صعبة، أو بمرض خطير تستطيع أن تطلب المساعدة بهذا الرقم هنا في أميركا. و

هنا يستهلّ المزمور بالكلمات: "السَّاكن في ستر العلي، في ظلِّ القدير يَبيت. أقول للرب: [ملجأي وحصني، إلهي فأتّكل عليه...] يدعوني فأستجيب له." دعونا نتأمل في هذا المزمور الرائع الذي فيه مواعيد الرب لأحبائه الذين يأتون إليه. فأوّلُ شيء يسألُك:

أولًا: أين تسكن وتبيت؟
هل أنت ساكن في ستر العليّ وفي ظلّ القدير تبيت؟ إن وسيلة الاتصال برقم الطوارئ 911 في أميركا هي طريقة فعّالة ليصل إليك طاقم الإسعاف والإنقاذ.
هناك امرأة اسمها "كارين رينالدي" كانت تقود سيارتها وراء شاحنة كبيرة، وحين أسرعت في محاولةٍ منها لتتجاوز تلك الشاحنة الضخمة أمامها، انحرفت سيارتها فجأةً ولم تجد نفسها إلا وقد أصبحت في قلب بحيرةٍ واسعة وعميقة. وراحت تغرق شيئًا فشيئًا حتى وصلت إلى أسفل البحيرة. وعندما أرادت فتح الباب لم تستطع لأن المياه كانت تحيط بها من كل جانب. عندها تذكَّرت هاتفها النقَّال واستطاعت أن تتصل بالرقم 911 رقم الطوارئ وأعطتهم العنوان، وفي خلال عشر دقائق كان فريق الإنقاذ قد وصل على متن الطائرة المروحية وقام الغوّاصون بالغوص إلى قعر البحيرة واستطاعوا إنقاذها.
والآن، وبسبب فيروس الكورونا، يقال بأنَّ اتصالات الناس بـ غرفة الطوارئ قد قلّت لأنهم كانوا يخافون الذهاب إلى المستشفيات. وقد ورد مؤخرًا بأنَّه في ولاية نيويورك نفسها مرِضَ كثيرون بمرض القلب، وأصيب آخرون بـجلطات دماغية، ولكن على الرَّغم من ذلك لم يتّصل المرضى بغرفة الطوارئ خوفًا من التعرّض لوضعٍ أخطر من حالتهم. وليس هذا فحسب، بل إن غرفة الطوارئ نفسها لم تعد تتجاوب مع حاجات المتّصلين بسبب حالات الكورونا المتزايدة.
لكن، يمكنُك أن تطلب الرب: "يدعوني فأستجيب له." ونتيجةً لهذا الوباء العالمي صرنا محجورين في بيوتنا وكأنَّنا تحت الإقامة الجبرية محاطين بهذا العدو الخطير الذي زحف على العالم كلّه وأجبرنا على التزام منازلنا. ورحنا نضع الكمّامات على وجوهنا حتى غَدونا مثل "زورو". وقيل لنا لا تتحرّكوا من بيوتكم.
طبعًا، هذه أيام صعبة نمرّ بها جميعًا لكنَّ الرب يدعوك ويقول لك: يا ليتك تأتي إليَّ لتختبئ، وتقول له أنت "ملجأي وحصني. إلهي فأتكل عليه." لذلك يقولون إنَّ أحسن ملجأ لك هو البيت المنزلي لأن العدو يحاصرنا. فلا أحدَ يقدر أن يدافع عنك، لا الحكومات، ولا الدول، ولا حتى الشرطي. لذا فإنّ أفضل مكان تكون فيه هو البيت. لكنَّ الرب يقول: تعال إليّ، أنا أحميك. "الرب نوري وخلاصي، ممَّن أخاف؟ الربُّ حصنُ حياتي، ممَّن أرتعب؟" (مزمور 27:1) يريدك أن تأتي إليه ليحميك. "اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصدّيق ويتمنَّع." (أمثال 10:18) فالرب يدعوك إليه.
تأمّل معي في هذا العدد الجميل: "إنَّما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام." (مزمور 6:23) لكن السؤال هو: أين هو بيتُ الرب؟ هل هو يا ترى المبنى؟ وعن ماذا كان يتكلم حين قال: "واحدةً سألتُ من الرب وإياها ألتمس: أن أسكنَ في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظرَ إلى جمال الرب، وأتفرَّسَ في هيكله" (مزمور 4:27)؟ هل هو هيكل الرب؟ هل هو حائط المبكى؟ إنَّه يتكلم هنا عن قدس أقداس الرب. وعن هذه الحالة الروحية التي تدخل فيها إلى محضر الرب وتعيش هناك. هل تذكر في العهد القديم كيف كان هناك في الهيكل مكان اسمه "قدس الأقداس" حيث حضور الرب. ولا أحدَ يقدر أن يدخل إليه سوى رئيس الكهنة؟ لكن اليوم، يمكنك الدخول بواسطة رئيس كهنتنا الأعظم الذي مات لأجلك على الصليب، وفتح لك الباب للدخول إلى محضر الرب لكي تكون في شركة مقدسة معه. هو يدعوك إلى هذا المكان الذي هو الأكثر أمنًا وأمانًا في العالم من أيِّ شرّ، حيث لا يلاقيك شرّ، ولا هلاك يُفسد حياتك. إنه أكثر أمنًا حيث تكون في شركة عميقة في قدس أقداس الله في وسط إرادته. لهذا يدعوك الرب في الوقت الصعب ونحن على أبواب أزمنة حرجة لكي تكون مكرّسًا ومقدسًا، يدعوك لتدخلَ إلى حياة العمق الروحي وتكون في حياة وسط إرادة الله مفروزًا ومقدسًا ومكرّسًا وفي شركة يومية في كل لحظة معه. وإذا كنت في محضره وثبَّتَّ عينيكَ عليه هناك تجدُ حماية لك أنتَ وأحباؤك.
في عبرانيين 19:10 و22 يقول: "فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى [الأقداس] بدم يسوع... لنتقدّم بقلبٍ صادقٍ في يقين الإيمان، مرشوشةً قلوبُنا من ضميرٍ شريرٍ، ومغتسلةً أجسادُنا بماء نقي." هنا أنت مدعوٌّ أيها المؤمن لكي تدخل في عمقٍ روحيٍّ في الصلاة والشركة معه في وضع تكريسيٍّ متّحدًا معه. في هذا الوضع تجد طمأنينة وحماية وحصانة لك. فليتك تُقبل إليه لأنَّه هناك يحميك.
يقولون عن المستشار الأول للرئيس السابق نيكسون Chuck Colson أنه كان يشعر بامتيازٍ عظيم في البيت الأبيض لأنه قريب من الرئيس. ولكن بعد فضيحة [ووترغيت] وبعد التحقيقات، زُجَّ في السجن. وهناك في الزنزانة اختبر الرب يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب، فكتب في مذكراته [الولادة الثانية]: "إنَّ الزنزانة تحوّلت إلى مكانٍ أعظم من مكتبي في البيت الأبيض. لأني فيها صرتُ أمام سيدي وحبيبي... أمام العرش العظيم الأبيض." نعم، كما يقول عنه سفر الرؤيا حين يتكلم إلى الكنيسة في لاودكية التي تعرِّج بين الفرقتين: "هنذا واقفٌ على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشّى معه وهو معي." (20:3). فإذا كنت في شركة معه بالصلاة، يريد أن يرفعك إلى فوق لتكون معه في مكان القرار العظيم. لأنك تجلس معه في عرشه وستغلب كما غلب هو وجلس مع أبيه في عرشه. الرب يمنحك بركة إن اقتربت إليه.
في ظل القدير يبيت: هل تذكر العدد: "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًّا، لأنك أنت معي" (مزمور 4:23)؟ فالموت يلقي بظلِّه عليك، أي خطر الموت موجود في كل مكان. لكن يوجد هناك ظلٌّ يحميك أنت، هو ظلُّ الرب، هو حماية لك. ولأنك تحتمي في ظلّ القدير، تستطيع أن تنام وترتاح. "جعلتُ الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني فلا أتزعزع. لذلك فرح قلبي، وابتهجت روحي. جسدي أيضًا يسكن مطمئنًّا." (مزمور 8:16-9)
عندما كان بطرس الرسول في السجن، كان نائمًا ومرتاحًا. حتى إن الملاك الذي أنقذه ضرب جنبه لكي يوقظه. أما الملك الشرير هيرودس فلم يَنَمِ الليل كلّه. كذلك كان الأمر مع دانيآل، فقد نام مرتاحًا في جبّ الأسود، لكن داريوس الملك لم ينَمْ طوال الليل. نعم، الرب يعطيك أن تنام وترتاح وتبيت في طمأنينة هناك حين تسلّم حياتك للرب. "بسلامةٍ أضطجع بل أيضًا أنام، لأنك أنتَ يا ربّ منفردًا في طمأنينة تسكِّنُني." (مزمور 8:4)

ثانيًا: ينجّيك من الوباء المميت
"لأنه ينجيك من فخّ الصيّاد ومن الوباء الخطر... لا تخشى من خوف الليل، ولا من سهم يطير في النهار، ولا من وباءٍ يسلك في الدُّجى، ولا من هلاكٍ يفسد في الظهيرة."
نحن نمرُّ في أزمنة الأوبئة والعالم يبحث عن حلٍّ للوباء الكبير. ومن الواضح أنَّ اكتشاف اللُّقاح سيأخذ سنة أو سنتين. لا أحد يعلم. حاولوا سابقًا ومنذ عام 1981 إيجاد فاكسين لفيروس الإيدز (السيدا) ولم يستطيعوا حتى الآن. أي بعد تسعٍ وثلاثين سنة لم يفلحوا. ونحن في هذه المرحلة أصبحنا عرضة لهذا الفيروس الصغير جدًّا الذي اجتاح العالم وحطَّم كبرياء الإنسان. أنا أعرف أنَّ البعض منا أُصيبَ بهذا الفيروس وشُفي منه، وأنا أطلب من الله أن يحميك أيضًا من تأثيراته المخيفة، ومن وباء اليأس والخوف والهلع والفشل.
وفي وسط الوباء تبرز أشياءٌ كثيرة بشعة من داخل الإنسان التي ما برحت قائمة في الطبيعة القديمة لديه: من أنانيةٍ وتصرّفاتٍ عدوانيّة وميولٍ شهوانية. ليدرأ الله عنك أهم تداعيات هذا الوباء ألا وهو الموت الأبدي. ولكن إذا صرت للمسيح فالموت يصبح ربحًا. يقول بولس الرسول: "لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح." (فيلبي 21:1)
وينجّيك من فخِّ الصيّاد أيضًا. يخبرنا [جون نيوتن] كيف كانوا يصطادون العبيد في أفريقيا من أجل استعبادهم حيث كانوا يقومون بنَصْبِ الفخاخ لهم في الأرض حتى يقعون فريسةً فيها. شيء محزن جدًا! هكذا العدو يصنع لك الفخاخ "كطير يُسرع إلى الفخّ ولا يدري أنه لنفسه." (أمثال 23:7) هكذا يوصَفُ الإنسان الذي يركض وراء الشهوة والخطية والشر ويقع فيها وهو لا يعلم أنه فخّ. هكذا عدو الخير ينصب لك فخًّا لكنك تستطيع الخروج منه إذا أتيت إلى المسيح بتوبة صادقة. حتى ولو كنت مؤمنًا، يستطيع هو أن يُخرجَك منه تمامًا مثل شدرخ وميشخ وعبدنغو. فقد نصبوا لهم فخًا ورموهم في أتون النار المتقدة. وكذلك دانيآل الذي وُضع في جبّ الأسود. هو فقط يحررك ويمنحك قوة. هو وحده يقدر أن يحررك ويحميك من تأثيرات هذا الوباء.
ويقول أيضًا: "لا تخشى من خوف الليل." نخاف ونقول متى سيحلُّ النهار؟ ومتى ستشرق الشمس؟ "ولا من سهم يطير في النهار"، إذ يقول عنها الكتاب سهام الشرير الملتهبة. إذا وقعت بالفخّ هو سينتشلك منه.
"بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمي." هل تذكر كيف بكى الرب يسوع على أورشليم؟ قال: "يا أورشليم... يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرةٍ أردتُ أن أجمع أولادكِ كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا!" قال هذا لأنه عرف أنها ستصلبُه.
يقال أنَّه عندما شبَّ حريق كبير في غابةYellowstone الرائعة في شمالي الولايات المتحدة مات الكثير من الحيوانات. ووجَد أحد الرجال دجاجة محترقة بالكليّة وهي جالسة. وحين رفعها وجد صغارها من الصيصان أحياء إذ كانت تحميهم تحت أجنحتها فلم تصلْهم النار. هكذا فعل الرب يسوع على الصليب، مات لأجلك، أحبَّك فضلًا حتى الموت موت الصليب. كان من المفروض أن نموت أنا وأنت لأنه مكتوب: "النفس التي تخطئ هي تموت." (حزقيال 20:18) لكنَّه حمل أحزانك وأوجاعك عنك ليعطيك حياة ورجاء، فتمسَّك به.

ثالثًا: يرفعُكَ من الوادي المَقيت
ويقول أيضًا: "لأنه تعلَّق بي أنجّيه. أرفّعه لأنه عرف اسمي. يدعوني فأستجيب له، معه أنا في الضيق، أنقذه وأمجّده. من طول الأيام أُشبعُه، وأريه خلاصي." فإذا تعلّقت بالرب سينجيك، وإذا صرت واحدًا من أولاده فسيرفعك حتمًا "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه." (يوحنا 12:1) أي في أية لحظة يمكنك الاتصال بـ 911 الطوارئ. وهو ينقذك ويمجِّدك ويريك خلاصه.
"معه أنا في الضيق"، هو مصدر الإنقاذ لك في أي وضعٍ كنتَ. لا أعرف في أي وادٍ أنت في هذا اليوم، لكن حتى لو كنت قد ابتعدت كالخروف الضال، أو إن كان هناك جفاف في حياتك، فالرب يحبُّك وهو مستعد أن يترك التسعة والتسعين لكي ترجع إليه. اصرخ له. يقول: "يدعوني فأستجيب له." "وادعني في يوم الضيق أنقذك فتمجّدني."
دخلت امرأة في الأربعينات من عمرها المستشفى مصابة بـ COVID-19، وحالتها خطرة! ظننَّا جميعًا أنها لن تعيش لأن ليس لديها مناعة كافية. وبعد الاهتمام بها ووضعها في غرفة العناية المركّزة ووضعها تحت جهاز التنفس الاصطناعي، لمدة ثلاثين يومًا، استعادت عافيتها وشُفيت. وليتك ترى هذا المنظر المؤثر حين خرجت. إذ وقفنا جميعًا أطباء وممرّضون ورحنا نصفّق وندقّ الأجراس معبّرين عن فرحنا بشفائها. أما هي فقالت والدموع في مآقيها: "شكرًا لكم! أنتم أنقذتم حياتي فعلًا. أنا ذاهبة إلى أولادي الآن، لكنني سأشتاق لكم."
نعم، مات المسيح لأجلك ليعطيك حياة أبدية ويقول لك: ارجع إليَّ... "لا تخف لأنّي فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي." (إشعياء 1:43)
هكذا المسيح يا صديقي، لقد أعطى كل دمه وليس جزءًا منه من أجلك. "الذي فيه لنا الفداء بدمه، غفران الخطايا." (أفسس 7:1) وهو يمنحك حياة جديدة ويرفعك من جديد. يمكن أن تكون عابرًا في وادي الفشل، أو قد تكون الصورة قاتمة حولك من الناحية الصحية، أو تكون قد فقدْتَ عملك، تذكّر هذه الأعداد: "لأنه تعلّق بي أنجيه. أرفِّعه لأنه عرف اسمي." لا تنسَ أن الرب بيده القرار النهائي. لذلك يقول: "ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم." (1بطرس 7:5) "فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه." (1بطرس 6:5)
في 14 تشرين الأول من العام 1987 وقعت طفلة اسمها جاسيكا في فلوريدا في بئر مردوم بينما كانت تلعب في حديقة المنزل الخلفية، وبقيت هناك مدة ثلاثة أيام وفرق الإنقاذ تحاول أن تخرجها دون جدوى. فالبئر ضيقة جدًا. مما اضطرَّ أحد الأشخاص في فريق الإنقاذ أن يحفر تحت الأرض ويدخل إليها من حفرة صنعها في أسفل البئر. وهكذا تم إنقاذ جاسيكا أمام الناس الذين تابعوا قصتها عبر التلفزيون.
هكذا فعل الرب: ذهب إلى الصليب، ومن ثمّ نزل إلى الحفرة في القبر الرهيب حتى لا تدخل أنت إلى العتمة، لكي ينجّيك. فتعال إلى الرب.

المجموعة: آب (أغسطس) 2020