إنه توبيخ رقيق جميل من رب المجد، وإن كان مُخجلًا لأولئك الذين وجّهه إليهم...

لقد كان ذلك حين دخل الرب يسوع مع تلاميذه السفينة،
فحدث نوءُ ريح، ورأوا أنفسهم في خطر، وكان الرب نائمًا، "فتقدّموا نحوه وأيقظوه قائلين:
[يا معلّم، إننا نهلك!] فقام وانتهر الريح وتموّج الماء، فانتهيا فصار هدوٌّ. ثم قال لهم: [أين إيمانكم؟]" كم لنا في هذا الدرس من عظات بيّنات، وكم لنا فيه من أخبار مفرحة، تطمئن قلوب المؤمنين وسط خضمّ هذه الحوادث واضطرابات هذه الأيام - أيام "الكورونا" – التي جلبت الهلع والخوف، وكاد الناس يفقدون سلامهم.
"يا معلّم، إننا نهلك!" هل كان صحيحًا أنهم يهلكون؟ وأن سفينتهم ستغرق؟ إنه بمجرد توارد هذه الأسئلة، ينفتح الذهن إلى الحقيقة الرائعة والإجابة الصحيحة بأنه غير ممكنٍ على الإطلاق أن تغرق سفينتهم... وهل كان ممكنًا أن تغرق سفينة ينام فيها الرب الذي هو "حاملٌ كل الأشياء بكلمة قدرته"؟
إذًا، إن ما بدا من التلاميذ من ذعرٍ وفزعٍ، إنما يدلّ على ضعف إيمان، وعلى أنهم نسوا أعمال العناية معهم... في الماضي – وهي كثيرة - ونسوا ما تعلّموه من وجوب الاتكال عليه والثقة به... وهذا هو حالنا اليوم تمامًا. إننا نضطرب ونفزع أمام أي حادث أو مرض، أو أخبار غير مرضية، وننسى ما كان لنا في الماضي من عناية الرب بنا، وسيره معنا، لنجاتنا من الأخطار، وكذلك أيضًا مواعيده الصادقة والأمينة، وإننا نسمع الصوت ينادينا عاليًا وسط هذه الظروف: "أين إيمانكم؟"
هو سؤال في مكانه، وفي أوانه... نعم، أين إيماننا؟ إن إيماننا في الأوقات الهادئة الوادعة إنما هو إيمان لا فائدة منه، وبالتالي يفتقر إلى دليل، أو قلْ إلى تدليل، ويحتاج منا أن نثبّته عمليًّا، ومتى يمكن أن يكون ذلك؟ لن يظهر الإيمان إلا في وقت الضيق، والمرض والاضطهاد. هنا فقط يبرز، وهنا فقط تظهر أعماله واضحة وجليّة. إن المؤمن مهما ضاقت الأمور حوله، لا ينبغي له أن يخاف أو يفقد الثقة في إلهه، لأنّ وليّه حيّ، وهو يستطيع أن يهدّئ الرياح الهائجة، ويسكّن عواصف التجارب، وإن هذه الظروف من شأنها أن تزيدنا تمسّكًا بالثقة في إلهنا، ومن جهة أخرى فإنها تحثّنا على السهر والصلاة والتمسّك بوعوده.
فلتكن لنا العيون التي يمتدّ بصرها لا إلى المنظور بل إلى ما ورائه، ولنكن كموسى النبي الذي قيل عنه أنه في وقت الضيق تشدّد كأنه يرى من لا يُرى، ولنقلْ بكمال الثقة واليقين:
"اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا..." (مزمور 46:1)

المجموعة: أيلول (سبتمبر) 2020