مرة، سألت نفسي هذا السؤال والذي جاء جوابه من خلال كلمة الله، وكان سبب بركة وتعزية لي، وأرجو أن يكون كذلك لك أيها القارئ العزيز. والسؤال هو:

ماذا يعنى لي أن أكون ابنًا لله؟ وأذكر بعض الأمور المشجّعة والمعزية لكل ابن لله.

أولًا: أن أدرك هويتي الحقيقية
من أنا؟ وما هي بياناتي الخاصة المدوّنة في بطاقتي الشخصية أو جواز سفري؟ يُقال إن أنجح الأفلام الأميركية في سبعينيات القرن الماضي هو فيلم "الجذور" Roots لألكس هالي. وهو قصة أحد الأفارقة الأميركيين الذي كان يبحث عن جذوره وعن المكان الذي أتى منه. ويقول دِرِك برنس في كتابه أزواج وآباء: "يتّفق كل من الكتاب المقدس وعلم النفس على أن الشخص لا يمكن أن يجيب بالكامل عن السؤال [من أنا؟] دون أن يعرف من هو أبوه. وبما أن العلاقة بين الأبوين والأطفال منهارة في الجيلين الماضيَين، فإن مجتمعنا المعاصر يعاني من أزمة هويّة، فهناك كثيرون بلا جذور، وليس لهم أي شعور بالانتماء."
ويوجد كثير من المسيحيين اليوم الذين لا يعرفون جذورهم الحقيقية، ولا هويَّتهم المسيحية. وربما ينتمون إلى عائلة كبيرة ومعروفة ومرموقة في المجتمع، وأجداد من النبلاء وعظماء القوم، أو حتى من إحدى العائلات المالكة في الدولة، لكن إن لم يكن لهم جذور الإيمان الحقيقي - الجذور الروحية - فهذا لا ينفعهم بشيء في الآخرة عندما يقفون أمام كرسي المسيح.
فمن أنا؟ والجواب في قول المسيح: "أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه. الذين وُلدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله." (يوحنا 12:1-13) وقد فسّر الرب يسوع المسيح هذا لنيقوديموس معلّم اليهود بقوله: "المولود من الجسد جسد هو، والمولود من الروح هو روح." (يوحنا 6:3)
إذًا، أنا ابن الله، مولود روحيًا من الله! فهؤلاء الذين اعترفوا بخطاياهم، وتابوا، وقبلوا المسيح بالإيمان ربًّا ومخلصًا صاروا أولادَ الله - أولاد ملك الملوك ورب الأرباب، وتمتّعوا بجميع امتيازات البنويّة. فهل أنت متأكد من هويّتك الآن، أنك ابن الله؟

ثانيًا: أن أدرك قيمة ذاتي
قيمتي ليست في عائلتي، أو مركزي، أو مالي، أو طائفتي، أو انتمائي الديني، أو عقائدي ولا أي شيء آخر في العالم، لكن قيمتي مستمدّة من علاقتي بالله. فأنا محبوب وعزيز في عيني الرب. يقول: "إذ صرت عزيزًا في عينيَّ مكرَّمًا، وأنا قد أحببتكَ. أُعطي أناسًا عوضك وشعوبًا عوض نفسك." (إشعياء 4:43) هل لاحظت أن قيمتي في نظر الله تساوي "شعوبًا" حسب قوله: "وشعوبًا عوض نفسك." لماذا؟
1- لأن الله هو أبي بحكم الخلق وبحكم التبنّي.
2- لأنه اشتراني بدمه الكريم ودفع فيّ أغلى الأثمان.
3- بحكم أن روحه القدوس يسكن فيَّ.
هو فينا ونحن فيه كما قال الرب يسوع: "لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ." (يوحنا 21:17-22)
ماذا يعني أنني ابن الله؟ أن أدرك هويتي بأنني ابن الله، وأدرك قيمتي بأنها مُستمدَّة من علاقتي بالله. وأيضًا يعنى:

ثالثًا: لِيَ الأمان التام في رعاية أبي لي واهتمامه بي
بمعنى، أنني محفوظ في رعاية أبي السماوي "في ظل يده خبّأني... هوذا على كفَّيَّ نقشتك..." (إشعياء 2:49، 16) ويقول: "من يمسّكم يمسّ حدقة عينه." (زكريا 8:2) وقال المسيح: "لن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي." (يوحنا 28:10)
وقف صبي صغير، كان أبوه يعمل في منجم فحم في بلجيكا، وهو ينتظر بصبر صعود المصعد الذي يحمل العمال في وقت خروج وردية المساء. لفت الصبي انتباه أحد المشرفين، فسأله قائلًا: ماذا تفعل هنا يا غلام؟ أجاب: إني أنتظر أبي. قال المشرف: لكنك لن تتمكن من التعرف عليه وسط مئات الرجال الذين سيخرجون، ويرتدون خوذات متشابهة، ولهم نفس الوجه الأسود المغطّى بغبار الفحم، فمن الأفضل أن تعود إلى بيتك يا بنى. فقال الصبي: لكن أبى يعرفني!
أبوك السماوي يعرفك بالاسم وشعرة واحدة لا تسقط منك إلا بإذنه.

رابعًا: أن أدرك بأن لي بيتًا أبديًا
السماء وطني الأبدي: "فإن سيرتنا نحن هي في السماوات." (فيلبي 20:3) أي، جنسيتنا سماوية! "لأننا نعلم أنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السماوات بناء من الله، بيت غير مصنوع بيد، أبدي." (2كورنثوس 1:5)

خامسًا: عندي الدافع القوي أن أرضي أبي
لا أرضي طموحاتي الدنيوية. قال المسيح في أيام تجسده: "في كل حين أفعل ما يرضيه." ويحثنا الرسول بولس قائلًا: "لذلك نحترص أيضًا مستوطنين كنّا أو متغرّبين أن نكون مرضيّين عنده." (2كورنثوس 9:5) نرضيه فنطيعه كما أطاعه إبراهيم... نعبده ونخدمه ونقتدي به ونسلك كما يحق له. ونختم كما بدأنا بسؤال: ماذا يعنى أن تكون ابنًا لله؟ أن تدرك هويّتك في المسيح! فأنت ابن الله، وتتأكد من قيمتك... أنت غالٍ ومحبوب من الله! وكابنٍ لله، أنت في رعايته تمامًا، ولك وطن أبدي سماوي، وهذا يدفعك لتحبّه وتطيعه وتخدمه وتعبده، آمين!

المجموعة: أيلول (سبتمبر) 2020