"فشتموه وقالوا: أنت تلميذ ذاك، وأما نحن فإننا تلاميذ موسى." (يوحنا 28:9)
أيهما أعظم؟ موسى أم الرب يسوع المسيح؟

هل الإنسان أعظم من خالقه؟ هل التلميذ أفضل من معلّمه... والعبد أفضل من سيده؟ واضح من كلمات الفريسيين أنهم يعظّمون المخلوق أكثر من خالقه، والتلميذ أكثر من معلّمه، والعبد أكثر من سيده. قصدوا إنزال الذي كان قبلاً أعمى وأبصر إلى الحضيض ولكنهم بدلاً من أن يرفعوه إلى أعلى قمم المجد قصدوا إهانته وإذلاله لكنهم وصلوا به إلى أعلى قمم الكرامة... قصدوا إنزال اللعنة عليه لكنهم أوصلوه إلى أعلى قمم البركة... شتموه وقالوا: أنت تلميذ ذاك، وأما نحن فإننا تلاميذ موسى." وسأتحدّث عن التلمذة للمسيح في ثلاث كلمات:

أولاً: متّعتنا بأعظم البركات

1- خلصتنا من الذل والعار: فقدان البصر الزمني صعب ولكن فقدان البصر الروحي أشدّ صعوبة... يعرّضنا للمهانة والذل والعار. كان أبوانا الأولان يتمتّعان بكرامة ومجد عظيمين قبل أن يسقطا في الخطية، ولكن بعد سقوطهما أصبحا يعيشان في ذلّ وعار وعلما أنهما عريانان فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر، ولكنها جفّت وسقطت... كانا خجلين من بعضهما البعض... وورثنا كلنا منهما العار والذلّ، ولكن عندما أصبحنا تلاميذ المسيح خلصنا من العار والذل والمهانة.

2- رفعتنا: جعلتنا تلاميذ ملك الملوك ورب الأرباب. جعلتنا أبناء الله. "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله."
هل يوجد شرف أعظم وأمجد من أن نكون أولادًا لله؟ يحقّ لنا أن نقول بملء شدقينا: "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله!" إنها أعظم وأشرف وأكرم بنويّة... يفتخر الأبناء عندما يكونون أبناء لأناس أغنياء لهم مكانتهم في الهيئة الاجتماعية، لكننا نحن أولاد الإله العظيم الذي له كل المجد والعظمة والسلطان.

3-أعدَّتنا: جهّزتنا لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل. "شاكرين الآب الذي أهّلنا لشركة ميراث القديسين في النور." لم يؤهلنا فقط لكنه حفظنا ويحفظنا وسيحفظنا. "أنتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يُعلن في الزمان الأخير." إن أعظم وأروع ما في هذا الميراث هو وجودنا مع الرب يسوع المسيح "وهكذا نكون كل حين مع الرب. لذلك عزوا بعضكم بعضًا بهذا الكلام."

ثانيًا: حمّلتنا بأخطر
المسؤوليات: أن نشهد له

عندما وقف الذي أبصر بعد أن كان أعمى منذ ولادته أمام الفريسيين سألوه كيف أبصر؟ فقال لهم: "وضع طينًا على عيني واغتسلت، فأنا أبصر." قالوا له: "هذا الإنسان ليس من الله... ماذا تقول أنت عنه؟ فقال: إنه نبي... وعندما التقى بالرب يسوع قال له الرب: "أتؤمن بابن الله؟" فقال: "من هو يا سيد لأومن به؟ فقال له يسوع: قد رأيته، والذي يتكلم معك هو هو. فقال أؤمن يا سيد! وسجد له." شهد عما فعله يسوع به. "كنت أعمى والآن أبصر."

1- شهادة اختبارية: إنه يتحدث عما حدث له. كنت في الماضي أعمى ولكن الآن أبصر. ما أكثر الذين يتحدثون عما لم يختبروه!
وعظ أحد الخدام سلسلة وعظية عن إله الآباء إله إبراهيم وإسحق ويعقوب. فقال أحد الشيوخ له: كلمنا عن إلهك أنت ماذا فعل معك. قال أحدهم: أرني شهادتك قبل أن تُسمعني إياها. "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا... الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم أيضًا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح."

2- شهادة قوية: كان الإنسان الذي أبصر يتكلم بكل قوة. كان أبواه يخافان من اليهود، ولكن ابنهما يتحدث بكل شجاعة وقوة... وعندما قال اليهود له "نحن نعلم أن موسى كلّمه الله، وأما هذا فما نعلم من أين هو." أجاب الرجل بكل قوة وشجاعة: "إن في هذا عجبًا! إنكم لستم تعلمون من أين هو، وقد فتح عينيّ، ونعلم أن الله لا يسمع للخطاة. ولكن إن كان أحد يتقي الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع... منذ الدهر لم يسمع أن أحدًا فتح عيني مولود أعمى."
3- شهادة واضحة وجليّة: "كنت أعمى ولكني الآن أبصر." كلمات بسيطة، قليلة ولكنها كافية شاملة... تتحدث عن الماضي والحاضر وضمنيًا عن المستقبل... مرات كثيرة نسمع اختبارات غامضة مبهمة ولكن شهادة هذا الرجل كانت شهادة واضحة جلية كل الوضوح والجلاء.
ثالثًا: أهّلتنا لأسعد النهايات

التلمذة للمسيح تؤهلنا لأسعد نهاية يصبو إليها الإنسان، وهي الحياة الأبدية. يقول الرب يسوع: "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته." ولا يفوتني أن أقول عن الحياة الأبدية أنها هبة من الله لتلاميذه.. وأما هبة الله فهي حياة أبدية... الذين يتتلمذون للرب سيسمعون الصوت المجيد: "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ تأسيس العالم.
فهل عندما قال الفريسيون للأعمى الذي أبصر: أنت تلميذ ذاك، هل ذلك عار أم شرف؟ إنه شرف ما أعظمه شرف!

المجموعة: نيسان (إبريل) 2020