إن الولادة الجديدة بكليّتها هي عمل الروح القدس. ليس بإمكانك أن تفعل شيئًا للحصول عليها.

والكتاب المقدس يقول: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه. الذين وُلدوا ليس من دم ولا من مشيئة رجل بل من الله." (يوحنا 12:1-13) وهذا يعني أنك لا تستطيع أن تحصل على الولادة الجديدة بالوراثة. وربما كان والداك مسيحيين، لكن ذلك لا يجعلك مسيحيًا إذ أن المسيحية هي علاقة شخصية مع الله بالمسيح يسوع. لا تستطيع أن تولد من مشيئة جسد، إذًا لا يمكنك أن تفعل شيئًا للحصول عليها. إنك ميت، والميت لا حياة له ليتمكّن من فعل أي شيء. كذلك لا تستطيع أن تولد من مشيئة رجل، فالولادة الجديدة ليست نتيجة وسائل أو جهود بشرية. كثيرون يحسبون أنهم يختبرونها حتمًا وبوسائل آلية بمجرد انتسابهم إلى الكنيسة أو إتمام بعض الطقوس الدينية أو تقديم التبرعات للمؤسسات الخيرية، فمع أن هذه الأعمال حسنة، لكنها لن تؤدي إلى الولادة الجديدة.
ليس أحد يستطيع أن يلد نفسه، وإنما يولد بمشيئة غيره. الولادة الجديدة غريبة عن إرادتنا، أي إنها برمتها عمل إلهي، فنحن نولد من الله. "نيقوديموس" المعلّم اليهودي، لم يفهم كيف يمكنه أن يولد مرة ثانية فسأل يسوع مرتين متحيِّرًا: كيف ذلك؟
ومع أن الولادة الجديدة تبدو أمرًا غامضًا، لكنها حقيقة واقعة. الكهرباء مثلاً، محوطة بالغموض، ولكننا نعرف أنها تنير مصابيحنا وتدير محركاتنا وتشغّل أجهزة الراديو والتلفزيون وغيرها. لا نفهم كيف ينبت الصوف للأغنام ويكسو الشعر جلد الأبقار بينما تكتسي الطيور بالريش، لكننا نعرف أن الأمر هو كذلك. نحن لا ندرك الأسرار، ولكننا نقبلها بالإيمان. وهكذا نقبل بالإيمان هذه الحقيقة: أن الإنسان عندما يندم على خطيته ويلتفت بالإيمان إلى الرب يسوع المسيح فإنه يولد ثانية. نصبح أولاد الله عندما يعطينا الله الطبيعة الإلهية ويغرسها في النفس الإنسانية. إذ ذاك نُعطى نسمة الحياة الإلهية، ويتّخذ يسوع المسيح بواسطة الروح القدس مقرًّا له في قلوبنا، ونصبح متّحدين بالله إلى الأبد. ومعنى ذلك أنك إذا كنت مولودًا ثانية فستحيا ما دام الله حيًّا لأنك تشارك الله في حياته.

 

آخر كلمة: خاطر

إن قيامة المسيح هي الحقيقة الأساسية في المسيحية، فهي في أهميتها تفوق ولادته المعجزية، إذ بها وُهبت الخليقة الجديدة للعالم كله.

الموت قد انطفأ خبره بقيامة المسيح، فهو يبقى مرعبًا ومخيفًا إلى أن يشرق عليه فجر القيامة فيبدد سلطانه ويخضعه للإنسان حتى يطأه بأقدام الإيمان.

لولا القيامة لكان الصليب مجرد محاولة للتكفير عن الخطايا انتهت بحياة من أراد أن يخلّص حياة الآخرين. ولولاها لدُفنت المسيحية مع المسيح في قبره، وأمست الكرازة بالإنجيل خرافة تاريخية.

إن الفجر الذي قام فيه المسيح لن يأتي بعده ليل لكل تابعيه وحاملي صليبه.

لم تعد حياتنا للموت، بل صار موتنا للحياة! ذلك بعد قيامة الرب يسوع، ولذلك ستظل القيامة دائمًا عربون فرحنا الدائم وانتصارنا على الموت.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2020