في داخل كل إنسان عطش إلى شيء ما – ربما لا يعرف ما هو – ولكنه لا يكفّ عن السعي إلى إطفاء هذا العطش.

وفي سعيه هذا يجرّب كل شيء... وفي تجاربه كثيرًا ما ينحرف إلى مسالك المادية، أو دروب الفلسفات البشرية، أو متاهات المباهج العالمية دون أن يجد لعطشه ارتواء... فكثيرون يحاولون الذهاب وراء الجسد في شهوات النجاسة ولسان حالهم يقول: "فلنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت." وآخرون يرتمون في أحضان عقائد ومذاهب عقيمة... مستهزئون سالكين بحسب شهوات فجورهم. "وفمهم يتكلم بعظائم." ومنهم من ضاق بهذا وذاك فوجد في الخمر والمخدرات ملجأ يهرب إليه في محاولة يائسة لإطفاء هذا العطش.
منذ أكثر من ألفي عام عاشت في قرية اسمها سوخار – في فلسطين – امرأة أرادت أن تطفئ عطشها في شهوات جسدها، فكان لها خمسة أزواج وسادس تعاشره بلا زواج... وفي يوم من الأيام خرجت لتستقي ماء من بئر قريتها فقابلت هناك شخصًا غريبًا مهيبًا... الرب يسوع المسيح الذي صارحها قائلاً: "كل من يشرب من هذا الماء [ماء العالم] يعطش أيضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»."
وتشتاق نفسها العطشى إلى هذا الماء الحي وتطلبه منه بلجاجة... "يا سيد أعطني هذا الماء..." ثم قالت للرب يسوع: "أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ»." ثم أعلن ذاته لها قائلاً: "أنا الذي أكلّمك هو." ثم قال فيما بعد: "إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». (يوحنا 37:7-38)
أي أنه هو (المسيّا) المسيح... ويمضي كاتب الأصحاح الرابع من إنجيل يوحنا فيسجِّل لنا أنها بعد إيمانها فيه تركت جرّتها عند البئر وانطلقت مسرعة إلى قريتها مبشرة بظهور المسيح، فآمن به من تلك المدينة كثيرون بسبب شهادتها.
أختي، أخي، يا من تقرأ هذه الكلمات وما زلت متخبِّطًا في محاولاتك لإطفاء لظى عطشك... لماذا لا تكفّ عن كل هذا وتأتي كما أنت بالإيمان إلى المسيح المخلص؟ وتعترف له الآن بأنك خاطئ، عازمًا من كل قلبك أن تحيا له فتقبل منه حياة جديدة لحياتك. لأن قلبك البشري لن يستريح حتى يريحه المسيح. اقبِل وتعال الآن وتمتّع ببركات الوعد القائل: "من يعطش فليأتِ. ومن يُرِدْ فليأخذ ماء حياة مجانًا." (رؤيا 17:22)

المجموعة: حزيران (يونيو) 2020