لا شك أن الكتاب المقدس هو أثمن كنز روحي في حوزة الخادم المسيحي المخلص، الذي يقصد من وراء مجهوداته مجد الرب يسوع المسيح، وبنيان المؤمنين على الحق الإلهي، وخلاص النفس البشرية الهالكة.

فهذا الكتاب الموحى به من الله، هو الإعلام الكامل لسد حاجة الإنسان روحيًا في جميع ظروفه وفي مختلف مراحل حياته، ففيه يقدم الله خلاصًا مجانيًا بواسطة المخلص الوحيد للإنسان الخاطئ المحكوم عليه بدينونة الله العادلة، وفيه يشرح الله مقاصده الإلهية في حياة المؤمنين المتغربين على هذه الأرض الفانية. فيه نتابع التعاليم الروحية البنّاءة التي ننمو بواسطتها إلى أن نصل إلى المقياس الكامل، وفيه يكشف الله عن أسرار الأبدية لنعرف مصير الخاطئ الأثيم، ومصير المؤمن بكفارة المسيح في حياة المجد والنعيم.

فالخادم الذي شرّفه الله برعاية النفوس، وائتمنه على رسالة الحياة، وأعطاه امتياز الشهادة لبشارة نعمة الله المخلصة، عليه أن يستخدم كلمة الله بكل وقار وإجلال واحترام كالمرجع اليقيني الأكيد للحق الإلهي الكامل. وإلهنا القدير قد تعهّد بضمان كلمته هو وليس كلام البشر: "أنا ساهر على كلمتي لأجريها." (إرميا 12:1) "كلمتي... لا ترجع إليّ فارغة." (إشعياء 11:55) وسيجد هذا الخادم الأمين أن "كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدَّين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته." (عبرانيين 12:4)

أما خادم الإنجيل الذي يقف على منبر المسيح ليردد أبياتًا مقتبسة عن شاعر مشهور، وأقوالاً مأثورة عن حكيم، ونظريات فكرية عن فيلسوف، وعبارات أخلاقية عن أديب دون أن يعطي كلمة الله وقارها واحترامها ومركزها اللائق بها، فلا ينتظر مثل هذا الخادم أن يحصد نتيجة خدمته نفوسًا ثابتة، وحياة مقدسة، وكنيسة روحية نامية.

فلذا نناشد خدام الإنجيل أن ينادوا بالإنجيل، ويعلموا الإنجيل، ويبشروا بالإنجيل، ولسان حالهم: "لأني لست أستحي بإنجيل المسيح، لأنه قوة الله للخلاص." (رومية 16:1) ولكي يستطيع الخادم المسيحي أن يستخدم كلمة الله حسب الحاجة يجب أن يكون ملمًّا بها ومتفهّمًا معانيها، وواثقًا بفائدتها، وهذا يتطلب منه الدراسة المتواصلة، والتأمل العميق في كل يوم.

فكم جدير بنا كخدام مسيحيين أن ننظم أوقاتًا معينة لدراستنا اليومية نتناول فيها جميع أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وسنجد أن هذا الكتاب ضمن غلاف واحد هو مكتبة كبيرة تضم كل ما نحتاج إليه من التعاليم الروحية لبنيان نفوسنا، ولسد حاجات الآخرين بواسطة خدمتنا.

المجموعة: أذار (مارس) 2020