لا أعتقد أنك تفكّر في ثمن كأس ماء وأنت تشربه في بيتك. ربما تدفع نقودًا قليلة لقاء شراء صندوق من زجاجات ماء تشتريه من أحد محلات ‏البقالات القريبة من بيتك، ولكن قد تدفع مبلغًا أكبر وأنت تشتري نفس الصندوق إذا كنت في طريق خارجي.

لكن كم ‏ستدفع إذا كنت في الصحراء الكبرى وليس معك قطرة ماء؟ أظن أنك ستتعهد بدفع الآلاف أو الملايين لقاء رشفة ماء ‏لبقائك على قيد الحياة.‏

إذًا، إن بُعد مصدر الماء عنك هو الذي يحدِّد ثمنه. والآن أنتقل بك إلى سؤال مصيري: كم تساوي قطرة ماء لإنسان ‏سقيم ذهب إلى الجحيم؟ إنها تكلف صراخًا وصلوات (لوقا 23:16-24) لإرسال أحد ممن هم في حضن إبراهيم ليبرّد اللسان ‏الأليم؛ لكن للأسف لن يتغير الحال إذ أن المسكن أبدي، ومصدر المياه قد تُرِكَ ليجري وراء السراب ‏الزمني!‏

ولو افترضنا أن أحد سكان الجحيم برّد جسمه بقليل من الماء، لكن ماذا عن الروح والنفس المعذبتين في اللهيب ‏والأنين؟ لن ينفع الماء العادي بترطيبها وإبطال عذابها! إذًا أنا وأنت نحتاج من الآن إلى ماء الحياة - الماء الروحي - الذي ‏يُحيي الروح وينعش النفس والذي لا نقدر أن نشتريه بثمن. لكن الله لمحبته وشفقته يهبه لك بالنعمة ومصدره قريب ‏من قلبك، إذ يناديك يا من تلهث من جفاف روحك، ويا من تشققت نفسك من لظى آثامك، يسوع يناديك: تعال إليّ "أنا ‏أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا." ويقول لك: "كل من يشرب من هذا الماء (ماء التلذّذ بالخطايا) يعطش ‏أيضًا. ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ‏ينبع إلى حياة أبدية." (يوحنا 13:4-14)‏

لقد تحمّل يسوع بكامل رضاه وشدّة محبته لك دينونة خطاياك فوق الصليب، لكيلا تعطش في اللهيب الأبدي، بل ‏لترتوي من الآن بمياه خلاصه الأبدي وتكتسي بندى حبه الأبوي، فتنقلب صحراء روحك إلى ينابيع فرح تُنعشك ‏روحيًا فتكون كجنّة ريَّا، فتنتفي جدوبة نفسك وتجري أنهار النعمة في حياتك. لهذا، لتكن صلاتك: يا سيدي يسوع أعطني ‏هذا الماء لكيلا أعطش أبدًا، أروِني بفيض نعمتك ومن ينابيع خلاصك، آمين.‏

‏"فتستقون مياهًا بفرح من ينابيع الخلاص." (إشعياء 3:12)‏

المجموعة: أذار (مارس) 2020