إن مجيء المسيح قسم العالم إلى فريقين. فهناك من أحبوه والتصقوا به وهناك من أبغضوه بلا سبب لأن أعمالهم شريرة، والمسيح كشف شرهم وفسادهم، فتشاوروا كثيرًا لقتله.

فكم من مرة اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ للتشاور ليمسكوا الرب يسوع ويقتلوه. وإن سألناهم: "لماذا يُقتل؟" يجيبون: "هذا قال: [إني أقدر أن أنقض هيكل الله وفي ثلاثة أيام أبنيه"]؛ "إنه جدّف، لأنه جعل نفسه ابن الله"؛ "إنه يفسد الأمّة"؛ "إنه فاعل شر"؛ "إنه يمنع أن تُعطى جزية لقيصر"؛ "إنه يهيّج الشعب"؛ "إنه يقاوم قيصر إذ جعل نفسه ملكًا..."

ولقد ثبت بطلان اتهاماتهم هذه للرب يسوع بل بيّتوا النيّة لقتله فسألهم الرب: "لماذا تطلبون أن تقتلوني؟" ولم يدعهم يجيبون لأنه يعرف السبب حيث أجابهم: "لكنكم تطلبون أن تقتلوني لأن كلامي لا موضع له فيكم." وأيضًا: "لكنكم تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلّمكم بالحق."

وإن سألنا رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة - العارفون بالشريعة – من الذي أوحت الشريعة بقتله؟ فيجيبون: للقاتل ولسافك دم الإنسان، للزاني والزانية، لمن يضرب أو يسب أباه أو أمه، للسارق، للشتّام، لمن لا يحفظ السبت، لمن يجدّف على اسم الرب، كل إنسان يُقتل بخطيته، ولأن الجميع أخطأوا. فالجنس البشري كله يستحق القتل. وهنا يتبادر أمام عيوننا سؤال: هل فعل المسيح شيئًا من هذا القبيل يستحق القتل؟ إنه ليس له أي علاقة بالخطية إذ أعلن أمام اليهود: "من منكم يبكّتني على خطية؟" (يوحنا 46:8) فلم يستطع أحد أن يجيبه بشيء. فهو الذي شهد عنه: "لم تكن فيه خطية." (1يوحنا 5:3) وأيضًا "لم يفعل خطية" (1بطرس 22:2)؛ و "لم يعرف خطية." (2كورنثوس 21:5) وهنا نسأل: إن كان لم يفعل شيئًا من هذا، فماذا عمل حتى يُقتل؟ فأعمال المسيح لا تسع كتب العالم المكتوبة. لقد أقام موتى من الأموات... وشفى مرضى كثيرين، وفتح أعين العميان، وطهّر البرص، وأبدل حياة الزناة والنجسين... فما أعظم أعماله وأكثرها! فهي عجيبة وفريدة... لم يعمل مثلها من قبل... فهي على سبيل المثال ما قاله بيلاطس: "أي شر عمل؟" (مرقس 14:15)

1- ما ذكر منها:

 أ) "لأني نزلت من السماء، ليس لأعمل مشيئتي، بل مشيئة الذي أرسلني" (يوحنا 38:6).

ب) "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني" (يوحنا 34:4).

ج) "ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني." (يوحنا 4:9)

د) "أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي. بسبب أي عمل منها ترجمونني؟" (يوحنا 32:10)

2- كل من رأوا أعماله بهتوا وقالوا: "إنه عمل كل شيء حسنًا." (مرقس 37:7)

فهذه بعض أعماله، وهو ما زال يعمل فعمل معنا "ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح بالنعمة أنتم مخلصون." (أفسس 5:2)

وإن تأملنا في عينات من البشر شهدت عنه:

أ- قال قائد المئة: "بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا."

ب- قالت امرأة بيلاطس: "إياك وذلك البار."

ج- بيلاطس: "إني بريء من دم هذا البار."

لقد قُتل أنبياء كثيرون لأنهم تنبأوا بمجيء البار. ولما أتى البار أسلموه وقتلوه. والسؤال هنا: هل الله يصادق على قتل البار؟

لنعود للوراء عندما قال إبراهيم للرب: "أفتُهلك البار مع الأثيم؟ ... حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم، فيكون البار كالأثيم. حاشا لك! أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً؟"

فكانت إجابة الله لإبراهيم: "لا أهلك من أجل العشرة." فالله يصفح لا عن البار بل عن المدينة بأكملها لأجل عشرة أبرار. لكن ما أردأ الإنسان الذي قتل البار مع الأثيم... حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه." مفضلين الأثيم على البار. فصرخوا بجملتهم: "خذ هذا وأطلق لنا باراباس."

ولا ننسى أن المسيح لم يفاجأ بقتله بل أعلن لتلاميذه مرارًا كثيرة عن موته. فكل إنسان يأتي إلى العالم لكي يعيش، أما الرب يسوع فقد أتى – له المجد - لكي يموت! "أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها. "ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي."

فالمسيح عمل وقُتل: "عمل أعمالاً عظيمة تبيّن أنه ابن الله وأنه الله الظاهر في الجسد. فرفضوا أعماله وقتلوه على الصليب. والمسيح قُتل فعمل: قُتل على الصليب فعمل عملاً عظيمًا. كل من يقبله ينال الحياة الأبدية وينجو من الدينونة.

أخي، أختي، إن كنت لم تؤمن بالمسيح حتى الآن وبعمله فاعلم يقينًا أنه مات لأجلك وأسلم نفسه للموت كي يعطيك الحياة. لكنك إن رفضته ورفضت عمله لأجلك على الصليب، فاعلم يقينًا بأنك ستدان. "فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا، متغاضيًا عن أزمنة الجهل. لأنه أقام يومًا فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجل قد عيّنه، مقدمًا للجميع إيمانًا إذ أقامه من الأموات." (أعمال 30:17-31)

تعال إليه وسلِّم ليه

وضع حياتك بين إيديه

ها يغفر ليك خطايا ماضيك

فتصبح في المسيح خليقة جديدة.

المجموعة: أذار (مارس) 2020