"إن أرضت الرب طرق إنسان، جعل أعداءه أيضًا يسالمونه." (أمثال 7:16‏‏) ‏

سأقصّ عليكم اليوم قصتين حقيقيتين توضحان كيف يحوّل الرب الأعداء الذين ضدنا إلى أحباء ‏وأصدقاء لنا وذلك عندما نرضي الرب. ‏

تقول القصة الأولى أنه بينما كان الخادم الممسوح "جون وسلى" الذي استخدمه الرب لخلاص نفوس كثيرة يعقد اجتماعًا في أحد المخازن في إيرلندا، وبعد الترنيمة الأولى صلّى أحد الحاضرين. وبعد أن انتهى الأخ من صلاته، لاحظ الحاضرون كيسًا كبيرًا، ظنوه مملوءًا بالبطاطس، يتحرّك ‏وتخرج منه أصوات أنين. ولما فتحوه وجدوا رجلًا واقفًا أمامهم - بعد أن خرج من الكيس - وهو ‏يبكي ويتضرعّ أن يصلوا من أجله، لأنه كان مختبئًا في الكيس لكي يضرب "جون وسلى". لكن الصلاة أثّرت فيه فعدل عن خطته، وتغير وصار تلميذًا للمسيح وصديقًا للقس جون وسلي. ‏

والقصة الثانية هي عن مستر "نورب"، أشد المعارضين للواعظ الشهير "جورج وايتفيلد حتى أنه قام بتأسيس منظمة دعاها "نادي نار جهنم". وذات مرة أخذ بعض الأعضاء، يقلّدون "وايتفيلد" ‏مستهزئين به، ولما جاء دور "نورب" فتح الكتاب المقدس ليعظ عن أول آية يقع بصره عليها، ‏وكانت الآية: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون." فارتعب "نورب" وكفّ عن الاستهزاء، ‏واعترف بقوة الإنجيل التي غيّرته، حتى أنه صار فيما بعد خادمًا مشهورًا للإنجيل.

نعم، "إن أرضت الرب طرق إنسان، جعل أعداءه أيضًا يسالمونه." نرى في هذا الوعد أمرين:

أولًا: الطرق التي لا ترضي الرب

ما هي هذه الطرق التي لا ترضى الرب والتي هي ‏مكروهة  ومبغوضة لديه؟

يقول الوحي المقدس: "هذه الستة يبغضها الرب، وسبعة هي مكرهة ‏نفسه: عيون متعالية، لسان كاذب، أيدٍ سافكةٌ دمًا بريئًا، قلبٌ ينشئُ أفكارًا رديئة، أرجل سريعة ‏الجريان إلى السوء، شاهد زور يفوه بالأكاذيب، وزارع خصومات بين إخوة." (أمثال 16:6–19) أي طريق المتكبِّرين والكذَّابين، والقتلة، والنمامين، وشهود الزور، والفاتنين، إلخ... وتطول ‏القائمة عندما نقرأ سفر الأمثال، فيذكر أيضًا على سيبل المثال: "ذبيحة ‏الأشرار مكرهة الرب." (8:15) "ومبرِّئ المذنب ومذنِّب البريء كلاهما مكرهة الرب." (15:17) "موازين غش مكرهة الرب." (1:11) وأيضًا، طريق قايين طريق الحسد والقتل‏؛ وطريق بلعام بن بعور طريق محبة المال؛ وطريق قورح طريق الرغبة في الاستعلاء ‏والتسلّط والمشاجرة، حيث يقول الوحي عنهم: "ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين، وانصبّوا إلى ‏ضلالة بلعام لأجل أجرة، وهلكوا في مشاجرة قورح." (يهوذا 11) وما أكثر الأمور الموجودة ‏في العالم وفي كنائسنا التي لا ترضي الرب بل تغضبه! لنصلِّ مع المرنم قائلين: "اختبرني يا الله ‏واعرف قلبي. امتحنّي وأعرف أفكاري. وانظر إن كان فيّ طريق باطلٌ، واهدني طريقًا أبديًّا." (مزمور ‏‏23:139 و24)‏

 

‏ ثانيًا: ما هي الطرق التي ترضى الرب، وتملأ قلبه بالسرور؟

‏1– طريق الإيمان - يقول الكتاب: "بالإيمان نُقل أخنوخ لكي لا يرى الموت، ولم يوجد لأن الله نقله. إذ ‏قبل نقله شُهد له بأنه قد أرضى الله. ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه، لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله ‏يؤمن بأنه موجود، وأنه يجازي الذين يطلبونه." (عبرانيين 5:11-6) ‏

‏2– طريق محبة الرب والآخرين - يقول الرسول يوحنا: "نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت ‏إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة. من لا يحب أخاه يبقَ في الموت. كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس، وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه." (1يوحنا 14:3-15)

‏3– طريق الغفران والتسامح - "فإنه إن غفرتم للناس زلَّاتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي. وإن ‏لم تغفروا للناس زلَّاتهم، لا يغفر أبوكم أيضًا زلَّاتكم." (متى 14:6-15) ‏

‏4– طريق القداسة والطهارة ‏

‏5– طريق التضحية والعطاء - "لأن المعطي المسرور يحبّه الرب." ‏

‏6– طريق الخضوع لمشيئة الله، وحفظ وصاياه، والسلوك كما سلك المسيح. ‏

هذه بعض الطرق التي ترضي الرب. فما هي البركة التي لنا في هذا الوعد؟ والجواب: يحوّل ‏الرب الأعداء فيصبحون أصدقاء لنا، فيقول: "يجعل أعداءه يسالمونه." فالرب يصلح علاقاتنا مع ‏الآخرين، فنكسبهم ويصبحون لنا أصدقاء وداعمين لنا، فنعيش في سلام مع الآخرين. ‏ما أجمل أن نرضي الرب، ونحبه ونحب الآخرين، فيرضى الرب علينا ويجعل أيامنا في سلام. آمين.

المجموعة: أذار (مارس) 2020