شاهد بسطاء القوم مجد السماء مضيئًا حولهم وكشف لهم السرّ المكتوم عن الحكماء والعلماء ثم جاءت الملائكة وأعلنت لهم البشرى المجيدة بميلاد فادي الورى الرب يسوع المسيح.

إن تلك الأنشودة الملائكية سوف لا تزول وإن زالت الأرض لأنها ستظل أغنية أولاد الرب في العالم العتيد. فسنرنّم إلى دهر الدهور الترنيمة التي رددتها أفواه الملائكة وملأت ألحانها السماء. "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة."
إن مذود بيت لحم هو حقيقة حلقة الاتصال بين العهدين القديم والجديد فهو هدف الأول ومحجّ الثاني. في ذلك المذود التقى الرب بالخطاة والسماء صافحت الأرض. إن مذود بيت لحم كان النقطة الفاصلة بين العهدين فهو كبرج هائل يقف في وسط الأجيال ويشطر التاريخ إلى شطرين قبل الميلاد وبعده. فيبتدئ العالم يحسب هذا الزمن من ذلك الميلاد وإن لم يعتقد بعضهم بالمولود.
نعم، إن الحالة الاجتماعية اليوم تحقق ما أعلنته الملائكة في القديم حيث ما نزال نرى الفساد والجور منتشرين في العالم. والحالة الحاضرة لا تتفق مع البشارة السماوية. لأننا حيثما توجهنا وكيفما سرنا لا نسمع سوى صرخة الألم من أولئك الذين وقع عليهم مختلف النوائب والرزايا. وأخذ الوجل مأخذه من النفوس الحائرة. ولكن في وسط هذا التيار الجارف نشاهد مملكة السلام تؤسس صولتها في أفئدة الملايين من البشر الذين عرفوا المسيح يسوع كمخلصهم الشخصي. ننعم، نراهم في سلام وطمأنينة لأن السلام المسيحي سلام داخلي ومآلة الإنسان الخارجية تتوقّف على حالته الداخلية. وإن مضى على ميلاد الرب يسوع أكثر من ألفي عام لكننا لا نزال نسمع صدى هذه الأنشودة في عصرنا الحاضر: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة." نعم، إن القصد الأعظم من مجيء المسيح إلى الأرض ليس لكي يولد في بيت لحم لكن لكي يأخذ له مذودًا في كل قلب بشري فيصبح قلب الإنسان سماء صغيرة بحلول ابن السماء فيه. وليس القصد من ولادة المخلص تغيير تاريخ الحياة ولكن تغيير جوهر الحياة. فهذا الحمل سيأتي إلى العالم مرة ثانية ليس كطفل وضيع معين للكفارة. بل كملك مجيد منتصر ليأخذ منصة السيادة والسؤدد وسيسمع العالم صوت الملائكة مرة أخرى "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة."
أيها القارئ العزيز، ماذا جلب لك هذا العيد؟ هل تغيّرت حياتك بتغيير تاريخ الحياة؟ أو بكلمات أخرى، هل وُلد المسيح فيك وجعلت له مذودًا في قلبك؟ نعم، إن الإنسان مخيّر في هذه الأيام ويقدر أن يرفض الدعوة السماوية أو يقبلها ولكن ستأتي أيام حينما سيملك رئيس السلام هذه الحياة ومملكته تسود عليها فيندم الخاطي لعدم طاعته للخالق. فلنقبل نصيحة الكتاب المقدس ونجعل أفئدتنا مذودًا لذلك الطفل فيولد فيها ويغير حياتنا تكاملها.. ونستطيع بعد ذلك أن نشارك جند السماء بالترنيمة الملائكية: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة."

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2021