فجأة وجدتُ الباب يُفتح بقوة وهم يدخلون علينا دخول الفاتحين بهالات قداستهم التي طالما رسموها حولهم... أمسكوني بعنف كأنهم وجدوا كنزًا، وكنزهم كان خطيتي!

أمسكوني لوحدي... وقد أخفوا الرجل بطرفة عين... وجرّوني بحماسة غريبة وأنا في حالتي المخزية تلك وهم يصيحون صيحات نصرتهم.
وأثناء سيرهم كانوا يميلون إلى الطريق لالتقاط ما تطوله أيديهم من حجارة... وهنا بدأت أستوعب مصيري وما ستؤول إليه خاتمة قصتي الحزينة... لم أدرك لماذا كانوا يسوقونني في تلك الطرقات المؤدّية للهيكل تحديدًا إلا بعدما وصل موكب المهانة إلى هناك... ورأيته! نعم، رأيته. كان جالسًا بكل مهابة يعلّم. وعندما أوقفوني في وسط مسرح السخرية والذلّ هذا تنهشني عيونهم النهمة والمتسترة بستار التديّن المهترئ، سمعتهم يقولون له:
"يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ... وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْت؟"
انتظرت في موقعي هذا تحت الأرجل وأنا لا أرى إلا رجليه فكيف لي أن أرفع عيني لأرى ملامح وجهه أثناء نطقه بحكم رجمي! انتظرت وكل خلية في جسدي تتوقّع انهيار سيل الحجارة من أيديهم عليها، لكن لم يصلني إلا الصمت الرهيب. والذي حدث كان أعجب من العجب!
فمتى رأينا قاضيًا ينحني إلى أسفل ليكون على نفس المستوى مع المتهم المدان؟
"أَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. وَلمَّا اسْتمروا يَسْأَلونَهُ، وقف وَقَالَ لَهُمْ عبارته الذهبية: "[مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ.] ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ."
الآن فقط تجرأت وبخجل أن أرى ملامحه وقد توقّعتُ نظرة قاسية من الطاهر الحقيقي، فكيف لا وهو القدوس الذي لم يفعل خطية واحدة في حياته فإن كانوا هم مع كل خطاياهم غير المفضوحة فعلوا هذا بي فماذا سيفعل هو بي؟ ولكن، نعم! لقد سمعت وقع أقدامهم المنسحبة في هدوء من كبيرهم إلى صغيرهم، وبقي وحده معي ويا له من بقاء! عندها عاد ونزل إليّ رافعًا إيايَ معه. وبعدما تأكّد من مغادرتهم كلهم، وبحبٍّ لم أعرفه من قبل، له طعم لم أذقه أبدًا في حياتي، قال لي: "يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟" فأجبته: "لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!"
نعم، هو السيّد لأنه امتلك قلبي وكياني من تلك اللحظة. فالوحيد الذي يحق له إدانتي قال لي: "وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا." ولم أكن أعلم وقتها أنه هو من سيدفع عني ثمن خطيتي ويموت بدلًا عني، ويقوم وقد أقامني معه. إنه الحب! لا غير إلا الحب!

المجموعة: حزيران (يونيو) 2021