الجواب: المسيح هو الإنسان الكامل ولم يوجد غيره إنسان كامل. والمسيح هو الله الكامل ولم يوجد على الأرض غيره إله كامل.

ولذلك فهو يختلف عن غيره ويمتاز عن غيره في أوجهٍ كثيرة، وإذا عدنا إلى حياة المسيح كما جاءت في الأناجيل فسنجد عدة أمور نذكر منها:

أولاً: إنه وحده دون غيره قَبِلَ السجود
مع أنه يعلم أن الله وحده هو الذي يُسجَد له
قال هو للشيطان في تجربته في إنجيل متى: "مكتوبٌ: للرب إلهك تسجد وإيّاه وحده تعبد." (متى 10:4) ومع ذلك فقد قَبِلَ السجود له، فمكتوب: "والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: [بالحقيقة أنت ابن الله!]" (متى 33:14) وبعد القيامة يقول الكتاب عن مريم المجدلية ومريم الأخرى: "فتقدّمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له." (متى 9:28) وفي إنجيل يوحنا مكتوب: "أجاب توما وقال له: [ربي وإلهي!" (يوحنا 28:20) وكان غالبًا ساجدًا له. ونقرأ في إنجيل متى: "وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً: [يا سيد، إن أردت تقدر أن تطهرني.]" (متى 2:8) ومكتوب أيضًا في إنجيل متى: "وفيما هو يكلّمهم بهذا، إذا رئيسٌ قد جاء فسجد له." (متى 18:9) وأيضًا عن امرأة كنعانية "فأتت وسجدت له قائلة: [يا سيد، أعنّي!]" (متى 25:15) فنجد أن المسيح قد قَبِلَ السجود بينما كل إنسان آخر يعرف الله يرفض أن يُسجد له. فقد رفض بطرس أن يُسجد له وقال لكرنيليوس: "قمْ، أنا أيضًا إنسان." (إعمال 26:10) كذلك الملاك في سفر الرؤيا رفض أيضًا السجود وقال ليوحنا: "اسجد لله!" (رؤيا 9:22)

ثانيًا: الذي نجده في حياة المسيح هو أنه دون غيره قد نسب إلى نفسه الألوهية
مكتوب في إنجيل يوحنا أن المسيح شفى مُقعد بركة بيت حسدا في يوم سبت. "ولهذا كان اليهود يطردون يسوع، ويطلبون أن يقتلوه، لأنه عمل هذا في سبت." (يوحنا 16:5) "فأجابهم يسوع: [أبي (وليس أبونا) يعمل حتى الآن وأنا أعمل.]" (يوحنا 17:5) "فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه، لأنه لم ينقض السبت فقط، بل قال أيضًا إن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله." (يوحنا 18:5) ومن هذا ندرك أن اليهود فهموا قصد المسيح أنه عادَلَ نفسه بالله. وفي معجزة شفاء المفلوج الذي دلّوه من السقف قال المسيح: "للمفلوج: [يا بنيّ، مغفورة لك خطاياك.]" (مرقس 5:2) "فابتدأ الكتبة والفريسيون يفكرون قائلين [من هذا الذي يتكلّم بتجاديف؟ من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده؟" (لوقا 21:5) وهذه حقيقة فعلاً، لا يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده، لكن المسيح غفر الخطايا، ونلاحظ أن المسيح غفر خطايا وُجّهت إلى الله. نحن نُطالَب أن نغفر للآخرين إساءاتهم إلينا، لكن المسيح غفر الخطايا التي وُجِّهَت إلى الله. نحن نُطالب أن نغفر للآخرين إساءاتهم إلينا، لكن المسيح غفر الخطايا التي وُجِّهَت إلى الله لأنه هو الله. وقال لهم: "أيُّما أيسر، أن يُقال للمفلوج: مغفورة لك خطاياك، أم أن يُقال: قم واحمل سريرك وامشِ." (مرقس 9:2) وفي الواقع أن كلا الأمرين لا يقوى عليه إلا الله وحده. أيضًا مكتوب في إنجيل يوحنا عن اليهود: "قال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن." (يوحنا 58:8) لم يقل "أنا كنت" مع أنه حتى لو قال هذا لكان يُحدّثنا عن ألوهيته، لكنه قال "أنا كائن"، وهي ذات الكلمة "أهيه" (خروج 14:3) التي هي اسم الله، فلا غرابة أن نجدهم قد "رفعوا حجارة ليرجموه." (يوحنا 59:8) وحين ينادي المسيح قائلاً:
"أنا هو القيامة والحياة." (يوحنا 25:11)
"أنا هو الطريق والحق والحياة." (يوحنا 6:14)
"تعالوا إليّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم." (متى 28:11)
في كل هذه النداءات إنما يؤكد المسيح أنه هو الله، فمن يقدر أن يكون الحياة أو الحق أو أن يكون مريح التعابى جميعًا إلا الله.
نلاحظ أيضًا في حياة المسيح أنه لم يكتفِ فقط بأن يقبل السجود أو يعادل نفسه بالله، بل قال علنًا: "أنا والآب واحد." (يوحنا 30:10) "فتناول اليهود أيضًا حجارة ليرجموه." (يوحنا 31:10) "أجابهم يسوع: [أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي. بسبب أي عمل منها ترجمونني؟] أجابه اليهود قائلين: [لسنا نرجمك لأجل عملٍ حسنٍ، بل لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسانٌ تجعل نفسك إلهًا.]" (يوحنا 32:10-33) ومكتوب في إنجيل يوحنا أن المسيح قال لليهود: "لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا." (يوحنا 19:8) وأيضًا قال المسيح: "الذي يبغضني يبغض أبي أيضًا." (يوحنا 23:15) لأنه هو والآب واحد، وقال أيضًا: "لكي يُكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يُكرم الآب الذي أرسله." (يوحنا 23:5) وفي محاكمة المسيح أمام رئيس الكهنة نقرأ في إنجيل مرقس أن المسيح أعلن:

أولاً، أنه هو "ابن المبارك". (مرقس 61:14) أي ابن الله.

ثانيًا أنه "ابن الإنسان" (مرقس 62:14) الذي سيجلس عن يمين القوة.

وثالثًا أنه "ابن الإنسان" الذي سيأتي ثانية على السحاب، فمزّق رئيس الكهنة ثيابه وقال: "... قد سمعتم التجاديف!" (مرقس 64:14)
وفي سفر اللاويين في التوراة مكتوب: "وقال موسى لهرون وألعازار وإيثامار ابنيه لا تكشفوا رؤوسكم ولا تشقّوا ثيابكم لئلاّ تموتوا ويُسخَط على كل الجماعة." (لاويين 6:10) فكأن الله أمر رئيس الكهنة ألاّ يشقّ ثيابه أبدًا لأي مشكلة خاصة، كذلك مكتوب أيضًا في سفر اللاويين "والكاهن الأعظم بين إخوته الذي صُبَّ على رأسه دهن المسحة، ومُلئت يده ليلبس الثياب، لا يكشف رأسه، ولا يشقُّ ثيابه." (لاويين 10:21) لكن حين يجلس رئيس الكهنة كقاضٍ ويسمع تجديفًا على الله أمامه فإنه يعلن عن فزعه فيشقّ ثيابه، لذلك نجد أن رئيس الكهنة وهو يحاكم المسيح قد فَهِم يقينًا أن المسيح يعلن أنه هو الله. وحين "قال له فيلبّس: [يا سيد، أرنا الآب وكفانا]. قال له يسوع: [أنا معكم زمانًا هذه مدّته ولم تعرفني يا فيلبّس! الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت: أرِنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ؟" (يوحنا 8:14-10)
أمام كل هذه الإعلانات نجد أن تلاميذ المسيح وبولس من بعدهم، وهم أصلاً يهود متمسّكون بوحدانية الله، لم يجدوا مفرًّا من أن يعبدوا المسيح لأنه الله، ففي سفر أعمال الرسل سمّاه بولس الله في حديثه لقسوس كنيسة أفسس إذ قال: "احترزوا إذًا لأنفسكم ولجميع الرعيّة التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه." (أعمال 28:20) أي دم المسيح، أي بدم الله الذي ظهر في الجسد، وتوما أعلن ذات الحقيقة حين "قال له: [ربي وإلهي.]" (يوحنا 28:20) واستفانوس قال له وهو يُرجَم: "أيها الرب يسوع اقبَلْ روحي." (أعمال 59:7)
هو إذن قد نسَبَ إلى نفسه الألوهية، فأنت لا تستطيع أن تؤمن به نبيًّا أو معلّمًا صالحًا، وتُنكر ألوهيته. أنت أمام ثلاثة اختيارات لا رابع لها:
الاختيار الأول: أنك تعتبر المسيح كاذبًا مخادعًا وعليك أن ترفضه تمامًا، وحاشا لمن أقام الموتى وأشبع الجياع أن يكون كذلك.
الاختيار الثاني: أنك تعتبر المسيح مريضًا نفسيًا ومختلّ العقل ويحتاج إلى علاج، وعليك أن تشفق عليه جدًا، وحاشا لمن شفى كل الأمراض بكلمة منه أن يكون كذلك.
الاختيار الثالث والصحيح: أن تأتي إليه مصدّقًا إياه، مؤمنًا به ساجدًا عابدًا قائلاً: ربّي وإلهي. فهلمّ تعال إليه، سلّمه الحياة، اجعله سيدًا عليك، مخلّصًا وفاديًا لحياتك، فهو إلهك. آمين.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2021