الدكتور أنيس بهنامبهذه الكلمات الجليلة كان المسيحيون الأوائل يحيّون بعضهم بعضًا. فكان الشخص يقول لصاحبه:

"المسيح قام." فيجيبه بالقول: "حقًا قام." فكانت حقيقة القيامة ذات تأثير كبير على المؤمنين. إن من يقرأ الأصحاحات الأولى من سفر أعمال الرسل يجد أن قيامة المسيح من بين الأموات تُذكر بكثرة. (أرجو أن تقرأ ما جاء في أعمال الرسل 20:2-31) بعدها يقول: "فيسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعًا شهود لذلك." (عدد 32) وفي أعمال 3 يقول لقادة الشعب:
"وَلكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ (أي باراباس). وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذلِكَ." (14:3-15) وفي عدد 26 يقول لهم: "إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ»." ولكن الكهنة والصدوقيين تضجروا من تعليمهم بالقيامة ووضعوهم في السجن (1:4-3)
كنت متردّدًا في كتابة هذا المقال لشعوري بضعفي وعدم قدرتي على إيفاء هذا الموضوع حقّه، فهو موضوعٌ جليلٌ جدًّا. ولكن في صباح اليوم التالي أول شيء قرأته كان من روزنامة "الرب قريب" الإنجليزية. وكان موضوع ذلك اليوم هو قيامة المسيح. فسأقتبس منه الكلمات الافتتاحية: "الديانة المسيحية نشأت نتيجة موت وقيامة وصعود الرب يسوع المسيح. الطريق إلى السماويات هو بواسطة يسوع المسيح وقيامته من بين الأموات وصعوده إلى المجد." (ه ف وِذَرْبي) هذا شجعني كثيرًا على الكتابة بخصوص هذا الموضوع الجوهري في الإيمان المسيحي. هناك بدعة يجب أن تقاوَم. يقول البعض، ومنهم قادة ووعّاظ أنه ليس من المهم أن يكون المسيح قد قام جسديًا ولكن المهم أن تعاليمه وتأثيره استمرّ. ويعنون بذلك أنه ربما لم يقم جسديًا. ونحن نقول إن هذا الكلام فيه إهانة لله الآب وللرب يسوع المسيح وللروح القدس الذي أعطانا الوحي المقدس. فهناك كثيرون ماتوا ولكن تعاليمهم ومبادئهم استمرّت. نذكر منهم مؤسسي الديانات الوثنية، والشيوعية ونظرية التطوّر وغيرها الكثير.

أدلة قاطعة على قيامة المسيح بجسده الممجّد
أولاً: ما قاله حراس القبر لرؤساء الكهنة. انظر متى 11:28-15 ولاحظ عبارة "وأعطوا العسكر فضة قائلين: "قولوا إن تلاميذه أتوا ليلاً ونحن نيام وسرقوه."
ثانيًا: راجع مرقس 12:16-14 ولوقا 38:24-43 وبالأخص عبارة "انظروا يديّ ورجليّ: إني أنا هو! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي." "فأخذ وأكل قدّامهم." ولكي يمتلئ قلبك بالفرح أيها القارئ العزيز اقرأ الآيات 50-53 من لوقا 24.
ثالثًا: إنجيل يوحنا 12:21-14. في عدد 14 يقول: "هذه مرة ثالثة ظهر يسوع لتلاميذه بعد ما قام من الأموات."
رابعًا، قال الرسول بطرس عن الرب يسوع وهو في بيت كرنيليوس: "هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهرًا... لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات." (أعمال 40:10 و41) هناك عبارة خطيرة في 1كورنثوس 17:15 "وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم."

رموز كتابية لموت المسيح وقيامته
1- في العهد القديم
رأينا في مقال سابق أن قصة يونان، وهي قصة حقيقية واقعية، كانت ترمز إلى موت المسيح وقيامته. فطرحه في البحر كان يشير إلى موت المسيح. ووجوده في بطن الحوت يشير إلى الوجود في القبر. تكلمنا عن هذا بشيء من التفصيل في عدد سابق. ويرى الكثيرون من الشراح أن عبور نهر الأردن كان يشير إلى موتنا مع المسيح وقيامتنا معه. فالحجارة التي وضعت في الأردن حيث عبر التابوت والشعب هي رمز لموتنا مع المسيح، والحجارة التي وُضعت في الجلجال بعد عبور التابوت والشعب تشير إلى قيامتنا معه (انظر يشوع 3 و4).
2- أما في العهد الجديد فالمعمودية المسيحية تشير إلى موتنا مع المسيح وقيامتنا معه. "أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟" (رومية 3:6-4) لاحظ عبارة "أُقيم المسيح من الأموات."

البركات الناتجة عن قيامة المسيح
في موته احتمل عقاب خطايانا وحصلنا على غفران الذنوب. ما أكثر البركات التي نلناها نتيجة لقيامته من بين الأموات. يقول الوحي: "وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع." نعم، نتيجة موته وقيامته هو أنه خلصنا وبررنا ومجدنا، هللويا. حقًا ما أكثر البركات التي لنا بموته وقيامته. لا يسعنا المجال أن نتكلم بالتفصيل عن هذه البركات، إذ باركنا بكل بركة روحية في السماويات (أفسس 3:1).

تأثير قيامة المسيح على الرسل والتلاميذ
إني أعتقد أن التغيير الذي حدث للتلاميذ والرسل هو دليل قوي على حقيقة القيامة. قبل القبض على المسيح كان تلاميذه يظنون أن لديهم القوة للثبات أمام اضطهاد اليهود. كانوا يظنون أن لديهم الشجاعة الكافية. فقال بطرس: "لو شك فيك الجميع فأنا لن اشك." ولكننا نعلم ماذا حدث، إذ أنكر وابتدأ يحلف ويلعن. ويخبرنا الإنجيل أيضًا عن شاب كان لابسًا ثوبًا على عريه، فلما جاء الحرس للقبض على يسوع أمسكه الشبان فترك ثوبه وهرب عريانًا (مرقس 51:14) ويعتقد بعض الشراح أن هذا الشاب كان مرقس (مرقس 51:14) سواء كان هو أم لا نحن نعلم أن مرقس ذهب إلى الإسكندرية في مصر وكرز بالإنجيل فآمن كثيرون ولكن الأغلبية اضطهدته وجرّته في الشوارع إلى أن مات. هل يُعقل أنه قَبِلَ كل هذا العذاب إن لم يكن قد آمن بحقيقة البشارة وبقيامة المسيح؟ ثم إن هناك دليل آخر وهو توما الذي لم يصدق حقيقة قيامة المسيح إلى أن تقابل مع الرب ورأى بعينيه. توما هذا ذهب إلى العراق ثم إلى إيران ثم إلى الهند ويوجد في الهند جبلٌ مجاور لمدينة مدراس يسمّى جبل القديس توما.
قرأت في نشرة Fellowship of Faith عن طبيبة في الهند سألها أحد المرسلين عن كيف صارت مسيحية، فأجابت بكلمة واحدة "توما" وقالت إن جدّها القديم، أي في القرن الأول بعد الميلاد آمن نتيجة لمعجزة صنعها له الرسول توما وهذا الجدّ قاد نسله للإيمان، وهكذا إلى هذه الطبيبة! واحتفظت الأسرة بهذا السجلّ.
وماذا نقول عن باقي الرسل وما قاسوه بثقة ويقين كامل في حقيقة القيامة؟
قال الرسول بولس الذي اضطُهد كثيرًا وضُرب وجُلد: "إن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم." لكننا نقول بكل ثقة: "المسيح قام. حقًّا قام!"

المجموعة: نيسان (إبريل) 2021