القس منير سليمانلا تاج بدون صليب، ولا قيامة بدون قبر، ولا حياة بدون موت.
فالصليب باب المجد، والقبر باب القيامة، والموت باب الحياة.

وقد أوضح السيد المسيح هذا في قوله لأندراوس وفيلبس: "قد أتت الساعة ليتمجّد ابن الإنسان. الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتى بثمر كثير." (يوحنا 23:12-24)
فسّر الراحل الدكتور القس إبراهيم سعيد هذه العبارة فقال: "ما أعمق فلسفة المسيح وما أبسطها! فهي عميقة لدرجة أنها غابت عن الحكماء والفهماء، وبسيطة لدرجة أن حبة الحنطة تخبر بها!"

ثلاث حقائق تُحدِّثنا عنها حبة الحنطة:
1) الموت باب الحياة: لأن حبة الحنطة إن بقيت مخبأة في المخازن، يأكلها السوس.
2) التضحية باب الإثمار والإنتاج: "إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتى بثمر كثير."
3) الصليب باب المجد: لأن حبة الحنطة المجرّدة تكاد أن تكون خالية من كل أسباب الجمال، لكنها متى ماتت ونبتت، أزهرت وأينعت، فلبست ثوبًا أخضرًا قشيبًا، ثم تُوِّجت في النهاية بتاج السنبلة الذهبي. فما أقوى المسيح، وما أقدره!
أجل، في الصليب فداء، وفي الفداء حب، وفي الحب تضحية، وفي التضحية ألم، وفي الألم مجد.
فإن كان الصليب جلدًا وضربًا، مساميرًا وشوكًا، هزءًا وسخريةً، جنبًا مطعونًا، ويدَيْن مثقوبتين، ورأسًا مكلّلًا بالشوك، ودماءً تسيل، وعيونًا دامعة، فإن القيامة فرحٌ وسلامٌ واطمئنان، قوةٌ ونصرةٌ ومجدٌ وتتويج. "إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا." (رومية 17:8-18)

إن لم يكن المسيح قد قام
تخيّلوا أن المسيح صُلب وقُبر ولم يقم من قبره، ماذا سيكون مصير العالم؟ وماذا يكون مصيرنا نحن الذين آمنّا بموته وقيامته وننادي ونكرز به مصلوبًا ومُقامًا من بين الأموات؟
إن لم يكن المسيح قد قام كما ورد في 1كورنثوس 12:15–19
+ يضحى الصليب خزيًا وعارًا كما كان.
+ يبقى استمرار العبادة الطقسية والتقرّب إلى الله عن طريق الذبائح كما كان في العهد القديم.
+ ما كان أشقانا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور.
+ يكون إيماننا باطلًا وكذلك كرازتنا.
+ تكون شهادتنا كاذبة.
+ والذين رقدوا هلكوا.
+ ونظل نحن في خطايانا وتحت الدينونة الرهيبة.
+ فما أشقانا حقًا!
لكن المسيح حقًّا قام... هللويا! وقيامته صارت تاج الفداء... تاج الحياة... تاج المسيحية، وعربون الأبدية. فلو أُتيحت لنا الفرصة وتحدثنا مع مريم المجدلية عن القيامة فإنها ستهتف قائلة: المسيح قام بالحقيقة! قام وقد رأيته بأم عينيَّ. وكذلك لو أتيحت لنا الفرصة واستمعنا إلى الملاك فإنه يقول: "ليس هو ههنا لكنه قام." ولو ذهبنا إلى العلية فإننا نجد التلاميذ مهللين فرحين ومستعدين للشهادة والكرازة.
لقد أُتيحت لي الفرصة في مايو 2019 ودخلت قبر المسيح وأشهد أنه كان فارغًا لأن يسوع قام وهو الآن حيّ.

قيامة المسيح تتحدّى
تتحدّى قيامة المسيح تحالف جميع قوات الظلم والشر، ورؤساء الكهنة واليهود، وبيلاطس وهيرودس، والفريسيين، والكتبة... وضربت قيامة المسيح جميع هؤلاء، وأعلنت انتصار الحق على الباطل وانهزام ظلم الظالمين أمام الحق والمظلومين.
إنها تتحدّى ظلمة القبر والموت... الذي هو آخر عدو يُبطَل. "أين شوكتكَ يا موت؟ وأين غلبتكِ يا هاوية."
إنها تتحدّى سلطان الخطية... فإن الخطية لن تسودكم فيما بعد، وإن كانت أجرة الخطية هي موت، أما هبة الله فهي حياة أبدية... وتتحدّى إبليس وجنوده وكل قوى الشر...
والمؤمن الذي صُلب مع المسيح عن الخطية وقام معه في جدة الحياة، فإنه يتحدّى كل قوى الشر والظلام. يتحدّى الهزيمة، والحزن، والألم، والخوف، والفشل. لأن المسيح الذي فينا هو رجاء المجد فنحن أعظم من منتصرين. آمين.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2021